هل يوجد حل؟ - ديفيد إجناشيوس - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 1:34 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل يوجد حل؟

نشر فى : الأربعاء 25 فبراير 2009 - 4:48 م | آخر تحديث : الأربعاء 25 فبراير 2009 - 4:48 م

 لندن– حملت الديلي تلجراف على صدر صفحتها الأولى يوم الخميس العنوان الحزين التالي: "أسوأ هبوط منذ الحرب". وقد اقتبست القصة الإخبارية كلام ميرفن كينج محافظ بنك إنجلترا الذي يحذر من أن بريطانيا تعاني من "ركود شديد". ووصفت الديلي تلجراف تعليقاته بأنها التقييم "الأشد تشاؤمًا لتوقعات بريطانيا المستقبلية في العصر الحديث".

وإذا كان في ذلك أي عزاء للأمريكيين، فإن الأزمة المالية هنا بالشدة نفسها التي عليها في الولايات المتحدة. ويتحدث الاقتصاديون والمتعاملون في البورصة عن وباء اقتصادي عالمي، فيه البلدان الأكثر انفتاحًا للتجارة ورأس المال هي الأشد تأثرًا.

وفي غرفة الانتظار في بنك إنجلترا توجد خزانة كتب خشبية يعلوها شعار باللاتينية يقول Scientia Est Pabulum Animi (المعرفة غذاء العقل). وغذاء الأفكار هنا المتعلق بالأزمة غذاء غني في الواقع. وإليكم خلاصة ما سمعته من الاقتصاديين والمستثمرين البريطانيين.

لنبدأ بتدريب فكري: تخيل موظفًا صينيًّا كبيرًا جالسًا في المدينة المحرمة يقيِّم الاقتصاد العالمي. بعد استعراض مئات السنين الماضية، سوف ينتهي الموظف الصيني إلى أن رأسمالية السوق الحرة نجحت على نحو رائع في إنتاج السلع والخدمات. ولكنها كانت أقل نجاحًا كطريقة لتنظيم القطاع المالي. فقد أفرزت على امتداد ما يزيد على 200 عامًا أزمات اقتصادية متكررة، واندفاع المودعين إلى سحب أرصدتهم من البنوك، وحالات من الهلع والفزع.

إلا أن ميل نظامنا المالي إلى الانهيار بشكل دوري قد اشتدت خطورته في عصر العولمة. وقد أفرزت العقول الماهرة منتجات أغرب من أن يفهمها حتى من يتعاملون فيها. وهذه المنتجات ـ وهي أوراق مالية اصطناعية منفصلة عن أصولهاـ هي في واقع الأمر المقابل المالي لأسلحة الدمار الشامل، كما قال المستثمر وارين بافيت.

وكلما زاد النظام المالي تعقيدًا بات أكثر عرضة للصدمات، حيث يخلق الشركات العملاقة والتجارة الإلكترونية التي لا يمكن حتى لأذكى الناس أن يسيطروا عليها.

لنضرب مثلاً بسيتي جروب، التي أصبحت دراسة حالة للإدارة السيئة. من هؤلاء الحمقى الذين سمحوا لهذا المسخ بتدمير وول ستريت؟ إن القائمة تشمل روبرت روبين وزير الخزانة السابق، وساندي ويل الذي كان يُنظر إليه قبل عام على أنه أدهى من يعقدون الصفقات المالية، وستانلي فيشر الذي هو أحد أكبر الاقتصاديين في العالم، وويليام رودس الذي يدير الأزمات الاقتصادية في العالم الثالث منذ عقود.

لا أعني بذلك أنني ألتمس العذر لفريق سيتي جروب؛ فقد اتخذ قرارات مدمرة. ولكن المشكلة هنا أكبر من الأشخاص الذين يتسمون بالجشع أو الغباء. إنها تكمن في النظام نفسه.

المجموعة الأخرى من الحمقى، هي المنظمين الذين سمحوا بحدوث الفوضى. فلدينا الآلاف من مراجعي ومحاسبي البنوك الذين يدققون في دفاتر المؤسسات التي تبدو كحيتان ألقت بنفسها على الشاطئ، ولم يرها المنظمون. وكان لدينا إصلاح تنظيمي ضخم بعد فضيحة إنرون، وهو قانون ساربينز-أوكسلي الذي كان من المفترض أن يجبر المديرين التنفيذيين للشركات على الشهادة بأنفسهم على صحة دفاترهم، ولكن من الواضح أنه لم ينجح.

فما الذي يجب عمله لإصلاح النظام المالي الذي يميل إلى الانفجار كل 15 أو 20 عامًا؟ أود رؤية حدود جديدة لقدرة المؤسسات المالية المنظمة على دخول في مخاطرات وزيادة حجمها بالاقتراض للدخول في مقامرات أكبر وأشد مخاطرة. لكني أعترف بأن القوانين الأشد تضييقًا والرافعة المالية الأقل سوف يدفعان المستثمرين الجشعين إلى الأصول الغير منظمة ذات العائد الأعلى. وهذا هو ما قضى على قانون جلاس-ستيجال الخاص بالبنوك، الذي وُضِعَ إبان الكساد العظيم وأُلغي عام 1999.

المهم هو تطبيق الميثاق الأخلاقي القديم الخاص بصناديق القطاع المالي. فقد اتضح أن الأكبر حجمًا ليس هو الأفضل في هذا العالم. نحن بحاجة إلى بنوك أصغر حجمًا وأكثر رشاقة تكون أوثق صلة بعملائها ـ يمكن السماح لها بالفشل إذا ارتكبت أخطاء. وهكذا فإنه كما نقدم برامج الإنقاذ للبنوك العملاقة، فلنفكر كذلك في تقسيمها إلى وحدات أصغر يمكن للبشر العاديين أن يديروها.

© (2009), The Washington Post Writers Group. All rights reserved. Reprinted by permission.

التعليقات