إيران تلعب مع الغرب لعبة الدجاجة - ديفيد إجناشيوس - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 1:28 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إيران تلعب مع الغرب لعبة الدجاجة

نشر فى : الثلاثاء 25 مايو 2010 - 10:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 25 مايو 2010 - 10:00 ص

 لنكن كرماء ونطلق على المناورات الدبلوماسية التى جرت هذا الأسبوع، حول البرنامج النووى الإيرانى «مفاوضة»، على النمط الإيرانى. وها هى المحصلة: فى البداية قال الإيرانيون نعم فى أكتوبر لمعالجة تخصيب اليورانيوم خارج حدود بلادهم؛ ثم قالوا لا؛ ثم قالوا نعم يوم لصيغة الاتفاق بوساطة تركيا والبرازيل.

ولا شك أن طهران كانت تأمل أنها بقبول الاتفاق، سوف تتفادى قرارا جديدا بتوقيع عقوبات عليها تجرى صياغته فى مجلس الأمن. وكان الوسيطان، تركيا والبرازيل، يأملان فى تلميع مصداقيتهما كزعيمين لحركة «عدم انحياز» جديدة.

ولكن يبدو أن موقعى الاتفاقات فى اللحظة الأخيرة أخطأوا التقدير: ففى يوم الثلاثاء أقر الأعضاء الخمسة الدائمون فى مجلس الأمن (ومن بينهم روسيا والصين) مشروع قرار يدين البرنامج النووى الإيرانى، متجاهلين التحايل الإيرانى فى اليوم السابق.

ولن ينجح قرار الأمم المتحدة الجديد فى وقف البرنامج النووى الإيرانى بأكثر مما فعلت القرارات الثلاثة الأخيرة. وقد ناقش مشروع القرار العقوبات فى مجال الطاقة وحظر بيع الأسلحة، لكنه لم يحدد آليات للتنفيذ. وسوف تضيف الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى عقوبات الأمم المتحدة تدابير خاصة بهم أكثر تشددا، لكنها لن تكون كافية لوقف إيران أيضا.

والمهم فى وجود موقف موحد للأمم المتحدة أنه سيجبر إيران على العودة إلى مائدة التفاوض إذا رغبت فى تجنب عزلتها الدبلوماسية المتزايدة عن القوى الكبرى فى العالم. نعم، تستطيع إيران أن تدعى تمتعها بدعم اثنتين من الأمم الصاعدة فى العالم تركيا والبرازيل، سوف تعلنهما حليفتين فى مواجهة الشياطين الكبرى فى مجلس الأمن. ولكن، من الناحية الواقعية، يدرك الإيرانيون أنهم بخسارتهم روسيا والصين بسبب العقوبات، صاروا يقفون على أرض غير ثابتة.

واعتبرت إدارة أوباما أن وحدة الموقف بين الدول الخمس دائمة العضوية فى مجلس الأمن، أهم من تفاصيل قرار العقوبات، وأظهرت أحداث الأسبوع الحالى صواب هذه الفكرة. وكان مشروع القرار ثمرة ثمانية مباحثات جرت بين الرئيس أوباما والرئيس الروسى ديمترى مدفيديف بشأن إيران خلال العام الماضى، والشراكة الناشئة بين الإدارة الأمريكية والقوة العالمية الصاعدة الحقيقية، الصين.

فما هى الخطوة التالية فى لعبة الجبان الدبلوماسية؟ يقول مسئول كبير فى الإدارة الأمريكية إن الإجابة هى أنه ينبغى على إيران أن تبحث قضيتين رئيسيتين كانتا جزءا من اتفاق التخصيب التى طرحت فى جنيف فى أكتوبر الماضى، حيث طالب الاتفاق إيران بتسليم أكثر من 2640 رطلا من اليورانيوم منخفض التخصيب، وفى المقابل تتلقى من الخارج نحو 260 رطلا من اليورانيوم الذى تم تخصيبه بنسبة 20 فى المائة، لاستخدامه فى مفاعل طهران لبحوث النظائر المشعة الطبية. والطريقة الجديدة فى الصيغة التركية البرازيلية التى أعلنت يوم الاثنين هى أن الوقود الإيرانى سوف يتم شحنه إلى تركيا بدلا من روسيا.

وقال المسئول الأمريكى الكبير إنه ينبغى على إيران أن تلتقى أولا بالدائمين الخمسة وألمانيا فى مناقشات تفصيلية، كما هو محدد فى اقتراح جنيف الأصلى، لإنجاح الاتفاق. وثانيا، يجب أن توافق على التخلى عن تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 فى المائة. ويضيف المسئول الأمريكى أن تأكيد إيران على امتلاكها الحق منفردة فى مواصلة تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى مستوى 20 فى المائة عزز تأييد روسيا والصين للعقوبات.
وتتمثل مشكلة هذه العملية التفاوضية التى طال أمدها فى أن الوقت يمر، وإيران تتجه إلى امتلاك القدرة على التسليح النووى، على الرغم من مساوماتها على الجبهة الدبلوماسية. وبينما تلعب إيران لعبة «نعم» و «لا» التى لا تنتهى، يغادر المفاوضون الطاولة ليعودوا إليها؛ ويتم طرح تسويات لحفظ ماء الوجه، ويتم رفضها، ثم يعاد طرحها.

ومن المحتمل أن تنتهى هذه المساومة المنهكة عندما تعلن إيران المفاجأة! أن لديها عناصر السلاح النووى، وأنها الآن دولة نووية بحكم الواقع.

وتعتبر فرص تجنب هذه العاقبة الوخيمة أفضل قليلا اليوم عما كانت عليه قبل أسبوع، لسبب واحد وهو أن الأمر عندما وصل هذه المرة إلى مرحلة الأزمة، رفضت روسيا والصين أن تكونا داعمتين لطهران. ومن خلال إقرارهما عقوبات الأمم المتحدة، وقفتا فى صف الدول التى ترغب فى منع إيران من امتلاك الأسلحة النووية.

وفى عام 2006، بعد أن زرت إيران، كتبت أن المرء يستطيع فهم أسلوب التفاوض الإيرانى إذا قام بقيادة سيارة فى شوارع طهران: فعند كل تقاطع يتحرك السائقون إلى أبعد مسافة ممكنة، ولا يستخدمون الفرامل إلا فى آخر لحظة بغرض تفادى الصدام. ومازال هناك احتمال كبير للفشل هنا، ولكن الأمر المشجع هو أن مجلس الأمن سوف يرسل فرقة شرطة، حتى وإن كانت غير مسلحة، إلى التقاطعات الخطرة.

واشنطن بوست

التعليقات