الطلاق فى سنة أولى - رضوى أسامة - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 3:23 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الطلاق فى سنة أولى

نشر فى : الأربعاء 26 مايو 2010 - 10:07 ص | آخر تحديث : الأربعاء 26 مايو 2010 - 10:07 ص

 أصبحت أستمع كثيرا إلى أخبار الطلاق هذه الأيام، معظمها من المتزوجين حديثا، وممن تربطهم ببعض علاقات عاطفية قوية، أجد صديقة تتحدث عن المشاكل الكثيرة التى ما كانت تتوقعها فى حياتها الجديدة وافتقادها إلى اهتمامه، وهو يتحدث عن الملل الذى لم يتوقعه فى زواجه منها والشعور بالندم من فكرة الزواج نفسها.

أطالع تقرير مركز المعلومات بمجلس الوزراء فأجد نسبة الطلاق تصل إلى 40 % من نسب الزواج ،ونصف هذه النسبة من بين المتزوجين فى السنة الأولى.

العجيب فى الأمر أن معظم هذا الجيل كان لديه اعتراضات على العلاقة بين أبيهم وأمهم، وكل منهم كانت لديه أحلام فى إقامة علاقة مختلفة، علاقة تتسم بالود والتفاهم، لا يقهر فيها أحدهم الآخر، ولا يشعر طرف الآخر بالعجز.

لكن العكس تماما هو ما يحدث، إذ يحاول كل منهما السيطرة على الآخر، ويحاول كل منهما أن يركز على احتياجاته غير المسددة والتى عادة ما تكون غير واقعية بالمرة. هى تبحث عن الأمان الذى افتقدته عمرها كله مؤجلة إتمامه لحين وجوده، وهو يبحث عن الإثارة المستمرة التى سرعان ما تفتر بعد الزواج وتذوب بين الاعتياد والالتزام بالمسئوليات.

فى السنة الأولى يبرز الاختلاف بحدة بين الزوجين، فى بعض الزيجات تخرج الخلافات أسوأ ما بداخلهما، يحاول كل منهما أن يشعر الآخر بأنه الطرف الأقوى، ندخل فى صراع ليس محله بيت الزوجية الملىء بأحلام لم تتحقق أى منها.
تجد الخلافات فى السنة الأولى تدور حول أشياء يشعر كل منهما أنها طبيعية وتحدث بشكل تلقائى وأنهم غير مضطرين للفت نظر الطرف الآخر إليها، يحاول كل منهما أن يصيغ من الآخر شخصية تناسبه، تناسب أحلامه فقط، ربما لا تناسب نهائيا الشخص نفسه.

أخبرتنى إحدى البنات الريفيات أنها لا يناسبها تماما أن يرتدى زوجها الجلابية وأنها تشعر بالعار عندما تسير بجواره فى الشارع بملابسها الحديثة، بينما هو ما زال يرتدى الجلابية، متناسيا أنه فى القاهرة وليس فى الصعيد، وأنها اشترت له عدة قمصان حديثة لتلائم ذلك الفتى الذى تحلم به، وأنه دوما يرفض ارتداءها متخليا عن صورة الحبيب الذى تداعبها فى مخيلتها.

رغم سذاجة السبب فى طلب الطلاق إلا أن هذه الطريقة فى التفكير تطبق للأسف على مختلف جوانب الحياة، الطلاق فى السنة الأولى فى معظمه يرجع إلى عدم التوافق مع الآخر وطقوسه غير المناسبة.

اللاواقعية هى واحدة من أكثر أسباب فشل الزواج، منذ أيام جاءنى صديق يشكو من زوجته التى هى حبيبة عمره منذ مراهقتهما والتى وقفت بجواره فى مواقف شديدة الصعوبة وانتظرته حتى استطاعته ماديا الزواج منها، لم يمر على زواجهما الكثير، ربما فى السنة الثانية، يشعر كلاهما بالتعاسة وعدم تحقق حلمه فى الحب، يبحث كل منهما بعد الزواج عن الشىء غير الموجود فى الطرف الآخر ويتحسر عليه.

فى هذه النقطة تتحدث مارى كيرى فى كتابها «الزواج الناجح» قائلة: «فى أى علاقة حميمة لا يكون الصراع حتميا فقط، بل ضروريا أيضا. فالأزواج الذين يقولون دائما إنهم عاشوا فى تناغم حلو لا تشوبه شائبة يخدعون أنفسهم أو أنهم يتجنبون أو يكبتون قضايا مهمة. فالصراع يظهر لنا أن علاقتنا حية وأننا على استعداد للتقدم إلى الأمام والنمو، وإذا استطعنا أن نتمسك بحقيقة أن التوتر هو بالفعل مرحلة انتقالية، فإن ذلك يمكن أن يساعدنا فى التعامل معه.

لقد قيل إن الصراع الجيد الوحيد هو صراع تمت تسويته. لابد أن تكون عيون الزوجين مفتوحة لحقيقة أنهما مختلفان وأن يرى كل منهما بوضوح فى الطرف الآخر ما خصائصه الحقيقية، وقبول حقيقة أن شريك الحياة ليس كما تصورناه ذات مرة فى حالة عمى الحب الاول».

المشكلة بالفعل أننا لا نقبل لحظات الخلاف، وتأتى فى أذهاننا صور الحياة الفاشلة، ربما لو تعلمنا كيف ندير اختلافنا، وتقبلنا أن اختلافنا لا يعنى فشلنا، وأننى أحبك فهذا لا يعنى أننا أوافقك فى الرأى دائما، ربما هذا ما يدفعنا إلى الاستمرار فى الزواج بحب وليس من أجل الخوف من الطلاق أو تشتيت الأطفال.

الحياة الزوجية كما قلت من قبل من أصعب الخبرات الحياتية التى تحتاج لتعلم مهارات عديدة وحياة نفسية متينة، لكى تشعر بالرضا والسعادة من شريك الحياة الآخر.

رضوى أسامة باحثة نفسية
التعليقات