من الممكن أن أقتل - رضوى أسامة - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 3:27 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

من الممكن أن أقتل

نشر فى : الثلاثاء 26 يوليه 2011 - 9:30 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 26 يوليه 2011 - 9:30 ص

 أخبرنى أنه اشترى مسدس صوت، أعرف صديقى هذا تمام المعرفة، ظل يقنعنى لساعات بجدوى الاحتفاظ بمسدس هذه الأيام حتى لو كان «صوت»، وظل يقنعنى أيضا أنه معرض للخطر لأنه كثيرا ما يقود سيارته على الطرق السريعة.

من أكثر السمات التى يتسم بها هذا الصديق العدوانية والشك المرضى ويعانى من نوبات غضب غير مسيطر عليها.

كنت غير مقتنعة تماما بحمله للمسدس ومازلت وكنت أطمئن نفسى قائلة فى النهاية سيظل مسدس صوت، إلا أنى عرفت أنه أصاب اثنين من أصحابه اغتاظ منهما بشدة بهذا المسدس، وعندما جاء إلى منذ يومين وعلى إثر سماعه لعمليات الخطف التى تتحدث عنها الجرائد أخبرنى أنه سيبيع مسدس الصوت لأنه لم يعد بحاجة إليه، لأنه قرر شراء مسدس حقيقى، أخبرته بهدوء أنه سيقتل أحدا بهذا المسدس قبل أن تستقر طلقاته لإصابة أى لص أو معتدٍ.

صديقى اقتنع بعدم شراء المسدس بعد أن أخبرته برأيى النفسى، لكنى ظللت أراقب محل الأسلحة الكائن تحت مكتبى لأرى حركة البيع والشراء، ففوجئت بمدى الإقبال الفظيع من الناس على المحل.

الأمر جد خطير، إذا كنا نعانى فى مجتمعنا من عدم تحكم الكثيرين فى غضبهم ونعانى من عنف بدنى ولفظى، هذا بالإضافة للكثير من الاضطرابات النفسية، كما يشهد الشارع المصرى يوميا الكثير من الشجارات، ماذا لو امتلك كل منا سلاحا، أتخيل أننى بعد قليل وفى إشارة المرور وعند اصطدام سيارتين سيخرج أحدهما ويخرج من جيبه سلاحه ليصوبه فى رأس الشخص مباشرة.

المتابع لصفحات الحوادث الآن سيشهد مدى التطور فى حوادث القتل وكثرتها. الأمر يحتاج تدخلا سريعا من وزارة الداخلية، لا أعرف إذا كانت نفس الاجراءات السابقة الخاصة بفتح محل للأسلحة تطبق حتى الآن أم لا ولا أعرف إذا كانوا مازالوا يفتشون على تلك المحال بشكل دورى أم لا، لكننى أعرف أننى الآن يمكننى أن أحصل على سلاح جيد بأسهل ما يمكننى الحصول على كتاب قيم فى المجال.

الكل يعرض عليك شراء أسلحة، حتى إن الانترنت أصبحت إعلانات السلاح متوافرة عليه ويمكننى الاختيار من بينها بسهولة. يخبرنى أحد العمال بأنه يمكنه أن يشترى لى سلاحا صغيرا لأضعه فى سيارتى، وتسألنى الكوافيرة باستغراب كيف أقود سيارتى وأذهب إلى عملى دون أى سلاح أو حتى سكين.

ظللت طوال الأسبوع الماضى أراجع فى ذاكرتى مرضاى ومن أتعامل معهم لأخمن من منهم سيقتل إذا توفر له مسدس، الكارثة كانت أنه أكثر من 50% منهم سيفعلون ذلك.

منذ سنتين كان لدى مريض يعانى من نوبات غضب غير طبيعية، كنا نأخذ وقتا طويلا حتى يهدأ جراء مشاجرته مع سائق التاكسى الذى سبه، وفى بعض الأحيان ضربه لأنه طلب أجرة أكبر مما يستحق ولأنه تطاول ورفع صوته عليه.

أعتقد أن هذا الشخص ومثله سيصيبون أحدا لو امتلكوا مسدسا. أظن أن كلا منا يحب أن ينظر فى نفسه ويقيم مواقفه ويراجع هل يمكنه إدارة غضبه؟ هل كثيرا ما يندم على فعل بعض الأشياء وقول بعض الألفاظ وربما التعدى على أحد. أعرف كثيرين لا يستطيعون السيطرة على غضبهم فى فصل الصيف لارتفاع درجة الحرارة، لا تسعوا لامتلاك أى أسلحة ففى إحدى هذه النوبات ربما تصيبون أحدا.

كما أن التعرض المستمر لمشاهدة وحمل الأسلحة يجعل من الفكرة احتمالا، ويكسر هيبة السلاح أمامنا وأمام أطفالنا.

صديقى هذا الذى يمتلك سلاحا كلما أتى بالسلاح إلى المكتب يصيبنى الرعب، وهو يظل يضحك لأن السلاح أصبح فى يديه كجهاز المحمول «شىء أساسى» يسعى للحصول على موديل أحدث منه.

الأمر يحتاج إلى وقفة حقيقية من الأجهزة المعنية فى المراقبة ومنا فى مراقبة أنفسنا وعدم سعينا إلى ما سيجلب لنا المصائب، فالمسدس ليس جهاز محمول سأسعى لشرائه والحصول على أحدث موديلاته.

رضوى أسامة باحثة نفسية
التعليقات