رئيس جيد لفترة واحدة أفضل من رئيس متواضع لفترتين - ديفيد إجناشيوس - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 1:28 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

رئيس جيد لفترة واحدة أفضل من رئيس متواضع لفترتين

نشر فى : الخميس 26 أغسطس 2010 - 10:28 ص | آخر تحديث : الخميس 26 أغسطس 2010 - 10:28 ص

 فى يناير الماضى، أدلى الرئيس أوباما بتصريح معبر لديانا سوير فى شبكة إيه.بى.سى حينما قال: «أفضل أن أكون رئيسا جيدا بحق لفترة واحدة عن أن أكون رئيسا متواضع المستوى لفترتين».

وكان أوباما يتحدث مع سوير حول مشروعه المفضل المتعلق بقانون الرعاية الصحية. وقد شرح رؤيته فى الحكم مستخدما أكثر التعبيرات مثالية: «أتعلمين، هناك توجه فى واشنطن يعتبر أن التوصيف الوظيفى للمسئولين المنتخبين يتضمن أن يكون بوسعهم ضمان إعادة انتخابهم مرة أخرى. التوصيف الوظيفى الذى ينبطق علينا هو حل المشكلات ومساعدة الناس».
استمعت إلى أوباما يتنصل بشكل مثير من السياسة فى ديسمبر الماضى، فى مأدبة غداء جمعته والكُتَّاب الصحفيين فى البيت الأبيض، حينما دافع عن قراراته التى تمثل مخاطرة من الناحية السياسية (لكنها صحيحة فى العموم) بشأن إنقاذ كل من سوق الأوراق المالية فى وول ستريت وصناعة السيارات:

«لو اتخذت قراراتى استنادا إلى استطلاعات الرأى، لانهار القطاع المصرفى، وربما ما كان سيصبح لدينا جنرال موتورز أو كرايسلر».

أسترجع هذه التعليقات السابقة، نظرا لأن البلاد لاتزال تتصارع مع رؤى أوباما بشأن حق المسلمين فى إقامة مسجد بالقرب من موقع مركز التجارة العالمى. ومن الناحية السياسية، يعتبر هذا التدخل عملا أحمق. فلو كانت هيلارى كلينتون، على سبيل المثال، مكانه، كانت ستدرك على الفور أن الإجابة الصحيحة هى ترك شأن هذا المجمع للمسئولين المنتخبين فى مدينة نيويورك، كى يتخذوا القرار بشأنه. وقد اتخذ البيت الأبيض هذا الموقف، إلى أن قرر أوباما، استنادا إلى المبادئ، أنه يجب أن يدافع عن التسامح.

أعتقد أن الرئيس محق بشأن قضية المسجد (مثلما كان محقا فى قضية الرعاية الصحية وجهود الإنقاذ الاقتصادى). لكن المسألة الأهم هى أن لدينا بالفعل قائدا يصر على القيام بالأفعال الصائبة (على افتراض أنك تتفق معه) لكنها حمقاء من الناحية السياسية.

غالبا ما يحب السياسيون التفاخر بأنهم ليسوا فى واقع الأمر حيوانات سياسية، بل موظفين حكوميين. وقد أصبح من الممارسات السياسية المبتذلة أن يصاحب القرارات الجبانة العبارة التالية: «إننى لا أفعل ذلك من أجل كسب الأصوات، بل لأن ذلك هو ما يجب أن يحدث».

لكن أوباما مختلفٌ. فهو لا يريد فى حقيقة الأمر أن يستمتع بالسياسة بمعناها الخام الذى يمزج بين الأشياء. فالأهم من ذلك كله هو أنه لا يحتاج إلى جذب انتباه الجمهور بالطريقة التى كان عليها معظم سياسيينا الأكثر عصبية من نوع مرضى العيادات الخارجية مثل ريتشارد نيكسون أو ليندون جونسون أو بيل كلينتون. فهو لا يحب الحماس المتقد، بل الهدوء والتشاور. ويتضح الأسلوب المرتب والهادئ الذى يتبعه أوباما عندما تتأمل الذين ازدهروا والذين لم يزدهروا فى إدارته.
دعونا نفحص أولا الذين تراجعوا. يمكننى القول إن الجريمة الكبرى للأدميرال دينيس بلير حينما كان رئيسا للاستخبارات القومية هى أنه كان يدلى بتصريحات أكثر من اللازم، معلنا ما كان يعتبره الرئيس أراء خاصة. ولايزال سقوط جريج كريج كمستشار للبيت الأبيض لغزا، بالنظر إلى مواهبه فى مجال القانون. لكن المنتقدين يقولون إن نزوع كريج إلى توسيع سلطاته أحدث ارتباكا فى ممارسته لمهام وظيفته.

ويعتبر ريتشارد هولبروك، المنسق الأمريكى الخاص فى باكستان وأفغانستان، أحد الأمثلة المثيرة للاهتمام فيما يتعلق بقدرة الإدارة على تحجيم الشخصيات السياسية الكبرى. ذلك أن الأسلوب الثرثار لهولبروك يختلف تماما عن أسلوب أوباما. وفى بداية هذا العام، بدا أن البيت الأبيض على وشك التخلص منه، لكن قيل إن وزيرة الخارجية وقفت إلى جانبه. ومنذ ذلك الحين، تمت السيطرة على هولبروك فلا هو يثير متاعب، ولا هو أصبح مؤثرا كعادته.

دعونا الآن ننظر إلى الذين يستمع إليهم أوباما: وزير الدفاع روبرت جيتس، ووزير الخزانة تيم جايثنر، وهيلارى كلينتون. ويتسم هؤلاء بالتحفظ والهدوء، مما جعلهم قادرين على التوافق مع إدارة جمهورية معتدلة، بالسهولة نفسها التى يستطيعون بها التوافق مع هذه الإدارة.

ويُقال إنه إذا استقال مستشار الأمن القومى جيم جونز (الذى يتسم أيضا بالتحفظ) بحلول نهاية العام الجارى، فسوف يحل محله الجنرال جميس كارترايت، نائب رئيس هيئة الأركان المشتركة. فقد أثار أسلوبه الدقيق وطريقته الثاقبة فى الإدلاء بالتصريحات إعجاب أوباما. وقد انتهى الأمر بأوباما ممتدحا الجنرال ديفيد بتريوس الذى ربما يكون الأفضل فى الوقت الحالى فيما يتعلق بالإدلاء بالتصريحات. وبوسع بتريوس منافسة أوباما فى الصراع على منصب الرجل الأكثر برودا.
قد يكون أوباما، الذى يرفض أن يتصرف كسياسى، لا يهتم بالفعل بما إذا كان سيجرى انتخابه أم لا، مادام يفعل ما يعتقد أنه الصواب. وبطريقة أو بأخرى، لا يمكننى أن أتخيل رحيل هذا الرئيس الاستثنائى ليكتب مقالات فى القانون. أما إذا أراد فرصة فى النجاح فى انتخابات 2012، فإنه يحتاج إلى شخص يشعل نورا حوله، شخصا يمكنه ممارسة لعبة السياسة بصرامة وكذلك جذب أصوات جديدة.

لا شك أننى أصف ضربة المعلم التى سوف يقوم بها أوباما فى فترته الثانية: اختياره هيلارى رودام كلينتون نائبا للرئيس.

التعليقات