ما بعد الثورة.. ثورة - رضوى أسامة - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 3:33 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ما بعد الثورة.. ثورة

نشر فى : الأحد 27 فبراير 2011 - 9:19 ص | آخر تحديث : الأحد 27 فبراير 2011 - 9:19 ص

 فخورة أننى أنتمى لشعب مصر، أصبح لكثير من الأغانى الوطنية معنى مختلف وخاصة تلك التى يغنيها عبدالحليم بحماس متقد، أصبحت أنا الأخرى أرددها وراءه بالحماسة نفسها، عندما انطلقت فى الميدان أغنية عبدالحليم «صورة» رددناها جميعا بحماس وشعرنا عندما قال «اللى هيطلع من الميدان عمره ما هيبان فى الصورة» أنه يقصد ميدان التحرير.

مبروك علينا جميعا نجاح الثورة، كلنا شاركنا فيها، كنت أسأل زميلى فى المكتب عمَّا فعله فى الأيام الماضية فقال إنه وزوجته كانا يصليان يوميا من أجل الثورة المباركة، فقلت له بحماس مبروك علينا جميعا.

لكن ماذا بعد هذه الثورة؟ كنت واحدة ممن يرغبون فى تنحى مبارك عن السلطة.. وحدث ما تمنيت.

قبيل التنحى بأيام كنت أقف فى الميدان أتابع ما يقوله من يصعد على المسرح، وتحديدا يوم الخميس صعد شاب كفيف على المسرح وأخذ يتحدث عن أن كل ما لديه من إعاقات وتحديات السبب فيها نظام مبارك، مع احترامى الشديد لهذا الشاب لكنى بدأت أستشعر القلق.. وبدأت أفكر هل عندما يتنحى مبارك ونظامه هل سيستعيد هذا الشاب نظره ويتعلم بشكل مختلف؟ هل سيمكننى دخول القسم لعمل محضر بدون أن أدفع رشاوى؟ هل يمكن أن أنجز ورقة بشكل سريع فى إحدى المصالح الحكومية؟ هل يمكن أن يبتسم فى وجهى الموظف أثناء عمله؟

كل هذه التساؤلات بدأت أجيب عنها بشكل واقعى جدا وبعملية شديدة بعد أيام من التنحى.. اشتكت لى إحدى قريباتى أن الضابط فى المرور شتمها لأنها لم تفهم جيدا أن عليها استخراج شهادة بيانات أولا قبل إصدار بدل فاقد لرخصة السيارة.

لن يحدث تغيير فى مصر حقيقى قبل أن نغير من أنفسنا، سقوط النظام خطوة أساسية ومهمة وكان لها أن تحدث، لكن ماذا بعد سقوط النظام؟ نحن الذين نسيِّر البلد، زوجة عمى تعمل فى المجمع وأنت تعمل فى الضرائب، وأنتى تعملين محاسبة فى شركة، وأنا أعمل كمعالجة نفسية فى مؤسسة خاصة وقريبك الذى تتباهى به كثيرا يعمل فى الشرطة. إذن فنحن المواطنون ونحن من نقوم بتسيير أعمال المواطنين.

تفاءلت كثيرا عندما كنت أتابع ما يحدث فى كل شوارع مصر يومى 28 ــ 29 يناير الماضى وما تلاها من أيام.

فى الايام الثلاثة الأولى ومع انتشار البلطجية وانقطاع الانترنت وبعض التليفونات الأرضية وتدهور أداء شبكات المحمول كان يحدث فى الشباب شىء مختلف، تغير كبير، فجأة اختاروا أن يكونوا مسئولين عن شىء وانبروا فى حمايته، هم أنفسهم الشباب الذين لم يبالوا بمسئوليات من قبل.

لم تحدث أى حوادث تحرش أو معاكسات على الأقل فى الشوارع التى أعرفها ومشيت فيها، هؤلاء كان لديهم شىء مهم منشغلون به، أحسوا بتقدير وثقة أهل الشارع فيهم وكانوا على قدر المسئولية.

انتظمت اللجان الشعبية فى كل شوارع مصر لتقوم بعملها دون أى ترتيب، هذه الروح التى ظهرت فى الثورة وما تلاها من أيام أخاف أشد الخوف من انطفائها.

أخبرنى صديق بعد إعلان التنحى أن كل شىء سيتغير وأنه هو الآخر سيتغير فى كثير من الأشياء. فكما أسقطنا النظام ببسالة تباهى بها الشعوب الآخرى يجب أن نغير من أنفسنا، نثور على عاداتنا القديمة، نقوم بكشف حساب لكل ما نملك من سمات وخصال، ما بعد الثورة، ثورة آخرى على عاداتنا القديمة، وعلاقاتنا، نقوم بكشف حساب لكل شىء.. علاقتى الزوجية ودراستى وعملى وعلاقاتى بأهلى، والفشل فى كل شىء.. هل النظام كان سببا لأن تطلق زوجتك بدلا من بحث مشكلاتكما معا ومحاولة حلها؟ هل كان النظام سببا فى ترك دراستك وطموحك الذى طالما حلمت به لمجرد أنك لم تستطع استكمال ما بدأت وسط التحديات؟ هل كان النظام سببا فى سوء علاقتك بأهلك؟ أسئلة كثيرة يجب ان نطرحها على أنفسنا وتفرض إجاباتها تغييرا حقيقيا، نحن الذين أسقطنا النظام، ونحن أيضا من سنعمر هذا البلد عندما نغير من أنفسنا.

تفاءلت بشدة عندما رأيت الكثيرين يقومون بتنظيف الميدان، لكننا أيضا بحاجة إلى حل أزماتنا الشخصية واكتشافها.. فما بعد الثورة على النظام ثورة على النفس تقودنا إلى مصر مغايرة.

رضوى أسامة باحثة نفسية
التعليقات