وقت الدحرجة البطيئة فى لانجلى - ديفيد إجناشيوس - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 1:29 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

وقت الدحرجة البطيئة فى لانجلى

نشر فى : الإثنين 27 أبريل 2009 - 5:17 م | آخر تحديث : الإثنين 27 أبريل 2009 - 5:17 م

 يعرف فى وكالة الاستخبارات المركزية باسم «الدحرجة البطيئة»، وهذا هو ما يفعله ضباط الوكالة أحيانا فى المهام السياسية الحساسة. فهم يحسبون تحركاتهم، ويتبادلون البرقيات فى كل الاتجاهات، ويبعدون المهام الأخرى عن منطقة الخطر، ويغطون ظهورهم تحسبا لأى مشكلات تظهر فى الأفق.

ومن المحزن أن نقول إنه وقت للدوران البطىء فى لانجلى بعد صدور مذكرات استجواب «تضرب الوكالة مثل سيارة ملغمة فى ممر خاص»، على حد قول أحد قدامى الضباط. وقد وعد الرئيس أوباما الضباط بألا يحاكموا على تنفيذهم الأوامر القانونية، لكن الناس على خط النار لا يصدقونه. فهم يعتقدون أن المذكرات تفتح جولة جديدة من التحقيقات والجزاءات.

والدرس واضح أمام صغار الضباط: فلتحن رأسك. عليك تجنب المهام التى تنطوى على مخاطرة سياسية. ابتعد عن برنامج مكافحة الإرهاب الذى أصبح الآن مهنة خطرة. وقد حاول أوباما شخصيا طمأنة قوة عمل الوكالة أثناء زيارته للانجلى، الاثنين الماضى. وقال: كل الأشياء الصحيحة عن دور الوكالة السرى، لكن المشهد كان أشبه بحملة، وسط صخب العاملين وضجيجهم بينما الرئيس يقرأ من شاشته الإلكترونية مع خلفية من النجوم تخليدا لمحاربى وكالة الاستخبارات المركزية الذين سقطوا فى الميدان.

لكن بحلول يوم الثلاثاء، كان أوباما قد ترك للنائب العام تقرير ما إذا كان ينبغى محاكمة «أولئك الذين صاغوا تلك القرارات القانونية»، أيا ما كان يعنيه هذا.

ويبدو أن أوباما يعتقد أنه يمكنه تحقيق الهدف بالطريقتين التصريح غير المسبوق بكشف الأساليب العملياتية للوكالة وفى نفس الوقت تحفيز الخدمات السرية التى «لم تصل بعد إلى» أفضل أيامها، حسبما أخبر رجالها يوم الاثنين. والحياة لا تسير بهذه الطريقة حتى بالنسبة للساسة الذين يتمتعون بالكاريزما. وقد يكون فضح أعمال التعذيب ضروريا، كجزء من حملة متأخرة لتغيير صورة أمريكا فى العالم. لكن لا ينبغى أن يدعى أحد أن عمليات الكشف لم تكن مكلفة بالنسبة لأخلاقيات الوكالة وفاعليتها.

ولك أن تضع نفسك مكان من طلب منهم التحقيق مع سجناء القاعدة فى 2002. وقد أخبرنى أحد الضباط السابقين أنه ترك وظيفته، ليس لأنه كان يعتقد بخطأ البرنامج، وإنما لعلمه أنه يمكن أن يُنسف. يقول: «كلنا كنا نعرف أن الريح السياسية ستغير اتجاهها فى نهاية المطاف». والآن، يعانى الضباط الآخرون الذين لم يكونوا على هذا الحال من التشاؤم، الصحيح مع ذلك، «الانكسار والحيرة»، كما يقول الضابط السابق.

ولكى نتخيل ما سيأتى، علينا أن نتذكر الآثار الشديدة لفضائح وكالة المخابرات المركزية فى الماضى. ففى 1995، أمر المدير حينها، جون دويتش، بـ«تنقية» مصادر الوكالة بعد انكشاف صلاتها فى الماضى بفرق الموت الجواتيمالية. وأُبلغ الضباط بعدم التخلص من المصادر التى قدمت خدمات استخباراتية قيمة. لكن الرسالة العملية، كما يتذكر رئيس فرع سابق، كانت: «لا تتعاملوا مع المصادر التى يمكن أن تشكل خطرا سياسيا».

ويقول أحد العملاء السريين السابقين فى مجال مكافحة الإرهاب: إن العملاء فى الميدان صاروا أكثر حذرا بالفعل عند الاستعانة بالبنود القانونية التى تعطى الشرعية للعمل السرى. والمثال هو ما يطلق عليه تحقيق «انتهاز فرصة الاستيلاء» الذى يجرى بعد الساعة الأولى من القبض على المشتبه به. ويعد هذا فرصة ذهبية، حيث كان يجرى استجواب الشخص بطريقة عدوانية مع تسريع الاستفادة من اتصالات هاتفه الخلوى و«بقايا» ما فى جيبه.

أما الآن يتحلى ضباط الميدان بالمزيد من الحذر. وهم يريدون التوجيه من القيادة، ويحتاجون إلى النصيحة القانونية. وقد أُبلغت بأن الاستخبارات المركزية لم تحاول مجرد التحقيق مع الشخص الذى قبض عليه فى العراق منذ عدة أسابيع للاشتباه فى انتمائه للقاعدة. وسلمته إلى الجيش الأمريكى.

كما يخشى المسئولون فى الوكالة من تأثير ذلك على أنشطة الاستخبارات الأجنبية التى تتبادل الأسرار مع الولايات المتحدة فى إطار ما يطلق عليه تأدبا، عمليات «الاتصال». ويحذر مسئول سابق لايزال على صلة وثيقة بالحلفاء العرب الأساسيين، من أن «هناك قلقا متناميا من جسامة الخطر الذى يمكن أن ينجم عن مواصلة عمل الأشياء التى كانوا يعملونها مع الأمريكيين فى الماضى».

وإذا كان أوباما يعنى ما يقول عن حماية قوة عمل وكالة الاستخبارات الأمريكية وهيئتها العملياتية، فعليه أن يتراجع عن فكرة أن بإمكانه إرضاء كل الناس فى هذه المسألة. وعليه أن يوصى بوضع قيود على أى تحقيقات يجريها الكونجرس ومقاومة المطالبة بدعم خاص لهذا الشأن. وعليه، بدلا من هذا، إعطاء دفعة لمبادرة البيت الأبيض المفضلة لجنة يمكنها مراجعة الأدلة السرية خلف الأبواب المغلقة، ثم إصدار تقرير للأمة.

إن أمريكا ستكون أفضل حالا، على المدى البعيد، بقرار أوباما فضح ممارسات التعذيب فى الماضى وحظر ممارستها مستقبلا. لكن البلاد تخوض حربا، وتحتاج إلى أن تضمن ألا يعمى الضوء الكاشف أبصار محاربيها السريين.

Washington Post writers group

التعليقات