لا يوجد حل سحري لمشكلة إيران - ديفيد إجناشيوس - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 1:37 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لا يوجد حل سحري لمشكلة إيران

نشر فى : الأربعاء 27 مايو 2009 - 5:49 م | آخر تحديث : الأربعاء 27 مايو 2009 - 5:49 م

 عندما يقول كل المسئولين الأمريكيين والإسرائيليين إن «جميع الخيارات مطروحة» لمنع إيران من امتلاك أسلحة النووية، فإن ذلك يفهم عادة بمعنى القصف الجوى على المراكز النووية الإيرانية فى ناتانز والمواقع الأخرى.


ولكن ثمة خيارا آخر لإعاقة البرنامج الإيرانى يتمثل فى حملة سرية لتعطيل المؤسسة النووية الإيرانية وإعاقتها. وبرغم السرية التى تحيط بمثل تلك المساعى، برزت فى الصحف مؤخرا، تقارير حول المساعى التخريبية الأمريكية والإسرائيلية، ولا شك أنها قد تمت قراءتها بعناية فى طهران.

وتطرح التقارير المنشورة تساؤلا مثيرا للاهتمام: هل تقدم برامج التخريب السرية «حلا سحريا» يتعامل مع التهديد النووى الإيرانى من خلال رفع تكلفة مواصلة تنفيذ إيران لبرنامجها فى حين تعمل هذه البرامج فى نفس الوقت على تفادى ردود الفعل الفوضوية، التى قد تلى توجيه ضربة عسكرية تقليدية؟

والإجابة هى «لا»، للأسف. فمن الواضح تماما أن هذه البرامج السرية تمت تجربتها، ومن الواضح تماما أيضا أنها لم توقف مسيرة إيران نحو التمكن من الحصول على التكنولوجيا اللازمة لإنتاج السلاح النووى.

ويبدو الآن منطق البرنامج التخريبى ضد إيران واضحا بجلاء. وفيما يلى يطرح ضابط سابق فى الاستخبارات المركزية الأمريكية تفنيد هذه المسألة من الناحية النظرية: «البرنامج النووى معقد من الناحية التقنية، ويتطلب الحصول على الكثير من المواد الدقيقة، بالإضافة إلى وجود تدفق مستمر للأجزاء الفنية، وهو ما ينطوى على خطورة حقيقية. فالحرائق التى تحدث مصادفة، والحوادث الميكانيكية فى المعدات، والإخفاقات الفنية، وما إلى ذلك، قد تؤدى إلى إبطاء عمل البرنامج، والأهم من ذلك إنها سوف تزيد من النشاطات الاستخبارية المضادة من داخل إيران».

وفى مقال الصحفى الإسرائيلى رونين بيرجمان «حرب إسرائيل السرية ضد إيران»، والذى نشر فى صحيفة «وول ستريت جورنال» فى عدد 16 مايو، عن أحدث أنباء محاولات التخريب، قال بيرجمان أن الجنرال مائير داجان عند تعيينه مديرا لجهاز الاستخبارات الإسرائيلى فى عام 2002، طلب منه أرييل شارون رئيس الوزراء حينها، أن يؤسس «جهازا للموساد قابضا على سكين بين أسنانه». وكانت إيران هدف داجان الرئيسى، وفقا لما ذكر بيرجمان، الذى يعمل مراسلا لصحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية اليومية.

وكتب بيرجمان «كانت النتائج مذهلة. فخلال السنوات الأربع الماضية، أرجئ مشروع انتاج اليورانيوم المخصب فى إيران بسبب سلسلة من الحوادث العلنية: منها اختفاء عالم ذرة إيرانى، تحطم طائرتين تحملان شحنات خاصة بالمشروع، واشتعال النيران فى معملين».

ويصف المسئولون الإسرائيليون بيرجمان بأنه صحفى جيد وواسع الاطلاع، والأخبار التى يكتبها على حد تعبير أحد المسئولين «ليست مختلقة إطلاقا».

وأخبرنى مصدر إسرائيلى ــ لم يرد ذكر اسمه ــ عن محاولة فعلية استهدفت تعطيل البرنامج الإيرانى، ونجحت إسرائيل من خلال تلك المحاولة فى اختراق سلسلة الإمدادات الإيرانية فى ثلاث بلدان على الأقل، وقدمت لها معدات زائفة. غير أن هذا المصدر يحذر من أن ادعاءات بيرجمان عن نجاح «هائل» فيها مبالغة.

وبالنسبة لى يعتبر يوسى ميلمان أحد كتاب الأعمدة الثابتة فى هاآرتس، وصاحب عدة مؤلفات عن الموساد هو مرشدى إلى عالم المخابرات الإسرائيلية. وهو يقول إن داجان، بعد توليه مسئولية الموساد، التزم بالفعل بمنع إيران من الحصول على أسلحة نووية. وعبر عن ذلك التصميم فى خطاب إلى رؤساء أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية الأخرى.

ولكن ميلمان يعتقد أن هذه المحاولة السرية لم تحقق سوى نجاحا محدودا. وأيا كانت الانتكاسات التى عانت منها إيران على طول الطريق، إلا أنها كانت دائما قادرة على المضى قدما. وفى الأسبوع الماضى، قال لى ميليمان: «لا أعتقد أن الموساد قادر على القيام بحملة تخريب من شأنها وقف البرنامج الإيرانى كلية».

وكان ديفيد سانجر، الصحفى فى نيويورك تايمز، قد تتبع أيضا مساعى الولايات المتحدة التخريبية، فى عديد من القصص الخبرية وفى كتابه الأخير «TheInheritance» (التراث). وفيما يلى ما كتبه سانجر فى قصة غلاف الصحيفة لعدد 11 يناير: «يتضمن البرنامج الأمريكى السرى الذى بدأ فى أوائل عام 2008، إحياء المساعى الأمريكية لاختراق سلسلة إمدادات إيران فى الخارج، مع بدء جهود جديدة، بعضها تخريبى، لتقويض نظم وشبكات الكهرباء، وأنظمة الكمبيوتر، وغيرها من شبكات البنية التحتية التى تعتمد عليها إيران. وتهدف هذه الجهود إلى تأخير اليوم الذى تتمكن فيه إيران من إنتاج الوقود المخصص للأغراض العسكرية والتصميمات، التى تحتاجها لإنتاج أسلحة يمكن تشغيلها نوويا».

ولكن هنا يجب أن نتحدث فى صراحة: ما تم أداؤه من أنشطة هادئة سرية غير معترف بها لم توقف حتى الآن البرنامج النووى الإيرانى، وليس من المرجح أن تؤدى إلى ذلك فى المستقبل. وبالتالى يجب الاعتراف بأنه ليس هناك حلا سحريا. وتعتبر الدبلوماسية أقصى الآمال فى منع إيران من إنتاج قنبلة، على أن يدعمها التهديد بعقوبات صارمة، ويعززه التهديد النهائى بالعمل العسكرى الصريح.

التعليقات