إدارة أوباما.. سيناريو مكتوب - ديفيد إجناشيوس - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 1:38 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إدارة أوباما.. سيناريو مكتوب

نشر فى : الثلاثاء 27 يوليه 2010 - 10:21 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 27 يوليه 2010 - 10:21 ص

 إذا رغبت التعرف على مثالب إدارة أوباما (ومن ذا الذى لا يريد ذلك هذه الأيام)، حاول أن تفكر فيها باعتبارها رئاسة «ذات سيناريو مكتوب مسبقا».

حيث كان أوباما بارعا فى اتباع أوامر ملقِّنه الفكرى فنجح فى تمرير قانون الرعاية الصحية، وقدرا كبيرا من الأجندة التشريعية ضمن برنامجه الانتخابى، كما استمر مؤيدوه يؤكدون، وهم محقون. بيد أن نجاحه كان أقل فى التعامل مع الأحداث العامة المزعجة، على الرغم من أن هذا التعامل جانب من جوانب الحكم.

وبالنسبة لسياسى محنك حقيقى، مثل ليندون جونسون أو بيل كلينتون، تعتبر هذه الأحداث المفاجئة هى ما يضفى إثارة على المنصب لأنها تلقى بالرئيس فى أتون السياسة. وعلى خلاف ذلك، يبدو أن أوباما ومستشاريه يتجنبون هذه اللحظات بقدر الإمكان، ويتعاملون بشكل سيئ مع الهجوم الإعلامى عندما يحدث ما لم يكن متوقعا، كما فى حادث التسرب البترولى من شركة بى بى، أو الاتهامات «العنصرية» الزائفة ضد شيرلى شيروود.

فما الذى يفسر هذا الإخفاق؟ خلال حملته عام 2008، تحدث أوباما عن رغبته فى الابتعاد عن سياسة الانقسام. ولكن بعد ثمانية عشر شهرا، بدأت أتساءل عما إذا كان ما لا يحبه هو السياسة فى حد ذاتها عمليات اللف والدوران المربكة، أو إجراء تسويات حقيرة مقابل أهداف مغرقة فى المثالية.

وقد مرت على أوباما لحظة لا تنسى، عندما كان عضوا شابا بمجلس الشيوخ، يستمع إلى سياسى بارع؛ جو بايدن متحدثا كرئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ. وكتب أوباما لأحد مساعديه «أنظر. إنه أنا. الآن».
وقبل عدة شهور، قال رجل على معرفة جيدة بأوباما إن هذا الرئيس لا يحب البيت الأبيض. وكانت واشنطن بوست نشرت مقالا يقول إن أوباما بعقليته الجافة ربما كان سيصبح أسعد حالا فى المحكمة العليا عنه فى المكتب البيضاوى. فأومأ الرجل برأسه قائلا: «هذا صحيح».

والمعروف أن الرئيس لا يحب المفاجآت فهو يعقد مؤتمرات صحفية قليلة للغاية. وما عقده منها غالبا ما يكون حدثا باهتا، تفتقر إلى العفوية والحضور الإنسانى الذى يتيح للبلاد أن تتعرف على قائدها. حيث يدعو أوباما قائمة مختارة من الصحفيين؛ وتكون إجاباته مطولة ومرتبة. فهو دائما ذكى وعلى أهبة الاستعداد، ولكن نادرا ما يكون ذاتيا. وحتى فى ديسمبر الماضى، عندما كان يدفع بالبلاد إلى عمق الحرب فى أفغانستان، كانت دعوته إلى السلام باردة.

ولا يجرى الرئيس الكثير من المقابلات غير المرتبة مسبقا. وربما يحقق البيت الأبيض نجاحا عندما يريد الترويج لسياسة أو فكرة سابقة التجهيز. غير أن أوباما يتجنب الجلسات المفتوحة التى قد تكون «مصائد» تهدف إلى توريطه فى خطأ أو فى موضوع خارج نقاط الحوار.
ولنقارن الطبيعة الجافة والملتزمة بالنص لساكن البيت الأبيض الحالى، بالرئيس جونسون، كما وصفه كتاب جديد عن سيرته الذاتية من تأليف تشارلز بيترز، الذى يعمل منذ فترة طويلة مديرا لتحرير «ذى واشنطن مانثلى». ويجسد بيتر جوانب قوة شخصية جونسون المتآمرة والمناورة؛ مثل الطريقة التى كان يفتن بها النساء ويذل الرجال الآخرين.

ولعل جونسون كان وحشا. ولكنه كان سياسيا بارعا كما يذكِّرنا بيترز. فقد كان يهوى الانغماس فى القذارة والصراع. وأسفرت رئاسته المدفوعة بجنون هرمون التستوسيترون عن بعض الكوارث فيتنام بالذات غير أنه جعل البيت الأبيض يتزعم حركة الحقوق المدنية، على نحو بدأ فى معالجة الظلم الفادح لدينا.

وقد طلبت من أحد العالمين ببواطن الأمور فى الإدارة أن يصف الطريقة التى يتعامل بها أوباما مع قضايا الأمن القومى ذات الحساسية. وكان هذا المسئول يكيل الثناء عموما على دقة أوباما الفكرية والتحليلية. وقال إن الشىء الغريب هو أن أوباما لا يسأل غالبا «أسئلة رئاسية». ويعنى بذلك أن الرئيس نادرا ما يخرج عن نص نقاط الإحاطة المعد سلفا، ليسأل: «ما السبب فى كوننا نفعل ذلك؟»

وما أتمناه، كشخص يريد النجاح لأوباما: أن السيناريو الخاص به بسبيله إلى أن يتعاظم فى نوفمبر؛ حيث يتزايد احتمال أن تكون خسائر الديمقراطيين فى مجلسى النواب والشيوخ كبيرة على النحو الذى سيضطر أوباما معه إلى التحرك طوال الوقت. ولن يكون «الالتزام بالرسالة» و«مسرح النو اليابانى» من الخيارات المتاحة فى المناخ السياسى العاصف المقبل.

وبافتراض أن أوباما يرغب فى دورة ولاية ثانية (وهو أمر غير واضح دائما) فلا بد أن يبدأ الرئيس الحملة لإعادة انتخابه عام 2011، وهو ما قد يخرجه عن النص أيضا، ما لم يحاول مستشاروه، بحماقة، خوض الحملة بالتقاط الصور الفوتوغرافية، والأحداث المعدة سلفا.
فالسياسة الحقيقية، وليست الحفلة ذات السيناريو المكتوب مسبقا، هى ما يحقق متعة المشاهدة. والتعامل مع غير المتوقع هو السبيل لارتقاء الساسة فى المنصب، كما أنه السبيل كى يتعرف إليهم الجمهور بشكل أفضل، ويحبهم بدرجة أكبر. فلتنح جانبا النص المكتوب يا سيادة الرئيس، ولتتحدث فحسب.

التعليقات