فرصة أوباما فى الشرق الأوسط - ديفيد إجناشيوس - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 1:27 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فرصة أوباما فى الشرق الأوسط

نشر فى : الإثنين 28 مارس 2011 - 9:51 ص | آخر تحديث : الإثنين 28 مارس 2011 - 9:51 ص

 حضرت صحفية مصرية شابة تدعى ميريت إبراهيم نقاش مائدة مستديرة مع بوب جيتس وزير الدفاع الذى يزور بلدها. وكانت شديدة الحماس للديمقراطية الجديدة فى مصر، وكنت أظن أنها ستكون متحمسة للرئيس أوباما الذى يؤيد الثورة السياسية القائمة هنا. ولكنها، على العكس، قالت إنها تجد سياسات أوباما مربكة.

وهذا تيار يتنامى يرى أن رئيس أمريكا يشجع التغيير لكنه لا يعبر عن ذلك بطريقة تقنع الشباب العربى. ويستشهد من قابلتهم من الصحفيين المصريين بهذه التناقضات: يعارض أوباما التدخل العسكرى فى ليبيا ثم يؤيده بعد ذلك؛ وهو يدعم حسنى مبارك فى مصر ثم يقول له إن الوقت قد حان لكى يستقيل فورا، ويتعهد بتحقيق نجاح فى مفاوضات السلام الإسرائيلية الفلسطينية، ولكنه لا يقدم شيئا.

وعلى الرغم من أن مواقف أوباما لها منطقها، فإنها يصعب شرحها فى عالم عربى يخوض ثورة. وربما كان أوباما ــ مثلما يدعى معاونوه ــ يتصرف بتحفظ عمدا لأنه يريد أن يبقى أمريكا خارج سياق الأحداث. ولكن هذا السلوك الصامت لا ينجح كثيرا. حيث إن أوباما لم يطرح سوى موقف غير واضح، وهو يبدو كما لو أنه يرضخ للتاريخ، ولا يشكله.

وجاء أفضل تعليق خارجى سمعته على الإطلاق عن مدى التغيير، من إيهود باراك وزير الدفاع الإسرائيلى. فردا على سؤالى يوم الخميس، شبه باراك الاضطرابات التى تعصف بالعالم العربى بسقوط الإمبراطورية العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى، أو نهاية الانتداب الفرنسى على المشرق العربى بعد الحرب العالمية الثانية.

والآن، لنتأمل ذلك القياس على اللحظة الحالية: ما هى الامبراطورية المنهارة التى تشهد الدول العميلة لها تراجعا الآن؟ يبدو أنها أمريكا. فقد كانت الأنظمة التى تتداعى منحازة إلى الهيمنة الأمريكية. ومع امتداد الثورة إلى سوريا وإيران كما نأمل، ربما تتغير الصيغة. ولكن قياس باراك التاريخى من شأنه أن يدفع أوباما للقلق.

ولم يفت الوقت بعد بالنسبة لأوباما كى ينتهز هذه اللحظة المهمة ويشكلها من خلال زعامته. وهناك بعض الأشياء التى أتمنى أن يقولها ويفعلها فى الأسابيع المقبلة، حتى يتفهم زملائى الصحفيون المصريون دور أمريكا بصورة أفضل:

أولا: على الرئيس أن يفعل ما بوسعه لإنجاح الثورة المصرية. ويعتبر هذا ركيزة التغيير الإيجابى، فإذا تحول الأمر إلى فوضى سياسية واقتصادية، سوف يصبح انتكاسة مأساوية. كما أن مصر بحاجة ماسة إلى أمرين الآن حتى تتفادى الهوة التى تسقط فيها الثورات تاريخيا: برنامج واسع للمساعدة الاقتصادية من أجل تجنب الأزمة التى لا مفر منها من دون هذا البرنامج، ومساعدة أمنية (على غرار تدريب الشرطة) للسيطرة على اضطرابات ما بعد الثورة.

وتبدو القاهرة ضعيفة، فقد تراجعت السياحة بنسبة 75 فى المائة، والشرطة فى حالة من الفوضى، والقمامة تتراكم مرة أخرى بالقرب من ميدان التحرير، والعمارات السكنية فى حى جاردن سيتى التى كانت بواباتها مفتوحة دائما، صارت تغلقها كل ليلة. وعند التعامل مع هذه المشكلات ينبغى أن تعمل أمريكا عبر حلفائها من ذوى سمعة الأكثر نظافة.

وثانيا: على أوباما ألا يخجل من الدفاع عن أصدقاء أمريكا، حتى وإن كانوا من الدول الملكية المحافظة ولديهم الكثير من البترول. فربما لا تكون دولة الإمارات العربية مكانا ممتازا، غير أنها أكثر تحررا وتقدما من إيران، على سبيل المثال أو روسيا أو الصين. ولدى السعودية مشكلاتها، لكنها لا تشكل إزعاجا على غرار إيران. فتشجيع التغيير لا يعنى أن نلقى بأصبع ديناميت فى برميل بترول، ونفجر الاقتصاد العالمى.

ثالثا: على أوباما أن يشجع التحالف المعادى للقذافى على تحويل الحرب الليبية من حملة عسكرية شديدة الوضوح، ذات قاذفات قنابل مدوية إلى جهود شبه عسكرية خفية تدار غالبا فى الظل، على غرار الحملة التى تقودها الاستخبارات للإطاحة بطالبان فى أفغانستان. فالعرب يريدون إزاحة القذفى لكنهم لا يريدون عراقا آخر.

وأخيرا، على أوباما أن يذهب إلى الشرق الأوسط، ويعانق اللحظة. وأنا أتفهم رغبته فى البقاء بعيدا عن الضوء، ولكن يتضح الآن خطأ هذا النهج. هذا حدث تاريخى، يماثل فى قوته سقوط حائط برلين، وهو حدث هيأته حياة أوباما وخبرته له. عليه ألا يمارس لعبة شد الحبل مع التاريخ. يجب أن يذهب إلى القاهرة والبحرين، ودمشق أيضا إذا استطاع. وينبغى أن يستمع لما يقوله الناس، وأن يتحدث إليهم، بطبيعته الأمريكية الأصيلة القوية والضرورية.

التعليقات