ما وراء برنامج الاستخبارات المركزية للاغتيالات - ديفيد إجناشيوس - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 1:28 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ما وراء برنامج الاستخبارات المركزية للاغتيالات

نشر فى : الثلاثاء 28 يوليه 2009 - 8:28 م | آخر تحديث : الثلاثاء 28 يوليه 2009 - 8:28 م

 عندما طفا على السطح، خلال هذا الشهر، الحديث عن برنامج الاغتيالات الذى يقال إن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية أعدته، ركزت التقارير الأولية على ما لم يحدث: عدم إبلاغ الكونجرس، بناء على أوامر يفترض أن نائب الرئيس ديك شينى أصدرها، وأن البرنامج لم يترتب عليه فعليا تشكيل «فرق اغتيال» لعملاء القاعدة.

وقد أزعج الإخفاق الأول النواب الديمقراطيين، وطالبوا بإجراء تحقيق. لكن المسألة الثانية تعد أكثر أهمية من عدة نواح، نظرا لما تثيره بشأن الثقافة البيروقراطية والقانونية التى تحكم عمل الاستخبارات المركزية الأمريكية.

بدأ البرنامج فى أعقاب 11 سبتمبر كجزء من جهود أكبر لمكافحة الإرهاب تحت اسم مدوٍّ هو «قذيفة المدفع». وكانت الفكرة الأولية فى مركز مكافحة الإرهاب بالوكالة، حسبما قاله أحد كبار المسئولين السابقين، هى تعقب عملاء القاعدة فى أنحاء العالم و«كشفهم، والتضييق عليهم، وخطفهم» وقتلهم، إن استدعى الأمر.

وكان الهدف هو أن «يشعر كل عضو بالقاعدة فى أى مكان من الأرض أنه مخترق، فى كل حين»، حسبما يتذكر مسئول سابق آخر بالوكالة. وكانت الوكالة تود توجيه رسالة مؤداها: «إذا كنتم تعملون مع أسامة بن لادن، فسنجدكم ونلاحقكم».

هذه هى الطريقة التى يتحدث بها الجواسيس فى الأفلام، لكن الواقع أشد صعوبة.

فبعض المستهدفين من رجال القاعدة يعملون فى بلاد صديقة بعيدة عن أرض المعركة فى أفغانستان، حيث القتل مسموح به بمقتضى قواعد الحرب.

وفى بلاد صديقة كتلك، من الطبيعى أن تفضل الاستخبارات الأمريكية التنسيق مع الاستخبارات وأجهزة الأمن المحلية، لأن العمليات يمكن أن تثير ضجة فى حال انكشافها. لكن مسئولى الاستخبارات المركزية كانوا يؤمنون بالحاجة إلى قدرة «أحادية الجانب» فى مواجهة القاعدة، وهو ما يجعل المسألة بالغة الخطورة.

ولم تكن هناك مشكلة فى المراقبة. و«سحب الزناد هو الجزء السهل»، كما يقول مسئول حالى. «ولكن المهم هو العثور عليهم أولا».

ولجمع هذه المعلومات، كانت الوكالة بحاجة إلى فرق من العملاء من بلاد أجنبية. وحسب قول مسئولين سابقين، فإن الوكالة جندت ودربت، قبل جيل مضى، فريقا من العملاء اللبنانيين لاغتيال أشخاص تورطوا فى تفجيرات السفارة الأمريكية ومعسكرات المارينز فى بيروت فى عام 1983.

وكانت هناك مناقشات داخل وكالة الاستخبارات المركزية لإحياء هذه الإمكانية، أو الاستعانة بعناصر من بلاد أخرى.

كانت هذه الأمور معقدة، سواء من الوجهة القانونية أو الأخلاقية. وفى 17 سبتمبر 2001، صدر قرار سرى يمنح سلطات واسعة لممارسة أنشطة مميتة ضد القاعدة.

لكن مدير الاستخبارات المركزية، جورج تينيت، ومساعديه قرروا، بعد بحث الخيارات، أن برنامج الاغتيال الأحادى الجانب لن يحقق الهدف. ويقول مسئول سابق بالوكالة: «رأينا أنه غير عملى. فقد نظرنا إليه وقلنا: نحن لا نفعل هذا».

فى أثناء ذلك، كان وزير الدفاع دونالد رامسفيلد يستطلع ما يمكن أن يفعله أفراد القوات الخاصة فى البلاد الصديقة. وقدم البنتاجون خطة عنوانها المعلن «عناصر الاتصال العسكرى» وكان مقررا لها أن تتمركز فى الخارج وتتكون من عناصر من قيادة العمليات الخاصة.

واعترضت وزارة الخارجية بصوت عال، خوفا من الفضيحة، وعُلق البرنامج.

وأرسل العملاء إلى السفارات، لكنهم عملوا فى الحقيقة كـ«ملحقين بالعمليات الخاصة» يقومون بأعمال غير مميتة لا كفرق ملاحقة، على حد قول مصدر مطلع.
وقد علق تينيت برنامج الاستخبارات المركزية، لكنه عاد إلى الحياة من جديد على يد خلفهبورتر جوس. وجرى تجديده، مرة أخرى، من جانب المدير التالى، الجنرال مايكل ف. هايدن.

وكان الهدف على عهد هايدن هو التركيز على المراقبة، على أمل أن «تقود إلى شىء مختلف» فى حال تحديد الأهداف، حسبما يقول مسئول سابق. ويقول المسئول إن هايدن لم يعقد سوى اجتماعين أو ثلاثة للبرنامج، كان آخرها فى ربيع 2008.

ثم جاء ليون بانيتا، المدير الجديد للوكالة. وبعد أن استقر فى مكانه، أُحيط علما بفكرة مركز مكافحة الإرهاب حول الاغتيالات وأبدى اهتمامه. فمنذ 2001، كما يوضح مسئول حكومى، «أنفقت الأموال، وجرى تجنيد العملاء، وتدريب الفرق، ونشر الأفراد». وشعر بانيتا بأن للبرنامج «تاريخ مزعج»، وأنه برغم أن أحدا لم يقتل، كنا نرى «حمرة الخجل» عندما تفشل العملية، على حد قول المسئول.

ويقال إن بانيتا طرح سؤالين: هل أُبلغ الكونجرس، وهل كان للبرنامج قيمة؟ وجاءت الإجابة عن السؤالين من جانب مسئولى مكافحة الإرهاب بالاستخبارات المركزية بـ «لا». وهو ما دعا بانيتا فى أواخر يونيو إلى وقف البرنامج، وإبلاغ الكونجرس بشأنه.

وتستعد لجنة الاستخبارات بالبرلمان الآن لإجراء تحقيق فى الموضوع. وآمل أن يركزوا على جانبى سؤال بانيتا: لماذا لم يبلغ الكونجرس بفكرة التضييق على القاعدة على مستوى العالم، ولماذا كان نصيبها الفشل؟

واشنطن بوست

التعليقات