فوز سيريـزا - من الفضاء الإلكتروني «مدونات» - بوابة الشروق
الجمعة 27 ديسمبر 2024 1:53 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فوز سيريـزا

نشر فى : الخميس 29 يناير 2015 - 8:25 ص | آخر تحديث : الخميس 29 يناير 2015 - 8:25 ص

جيمس ميك

يعتبر فوز سيريزا فى الانتخابات العامة اليونانية لحظة حافلة بالأمل لأوروبا؛ تكشف كيف يمكن لحركة سياسية يسارية راديكالية، تجمعت فى وقت قصير، استخدام النظام الديمقراطى لمهاجمة ثلاثة أخطار: لوردات الرأسمال الخاص الذين يكونون ثرواتهم من التنقل بين الاستثمارات الريعية، والاختراقات السياسية التوفيقية للأحزاب التقليدية التى أصبحت شريكة لهم، وكارهو اليمين الشعبوى بشدة.

وقد تبين أن الحركات القومية المحافظة، لا تحتكر موجة مناهضة المؤسسة. ولا ينتمى المستقبل إلى حزب الفجر الذهبى، أو حزب الاستقلال، أو الجبهة الوطنية، أو حزب بيجيدا، أوحزب الفنلنديين، أو السويد الديمقراطى. غير أنه يمكن أن ينتمى إلى حزب بوديموس أو سيريزا أو داى لينكه، أو إلى حركة بريطانية ـ لم توجد بعد ـ مناهضة للتقشف، وموالية لأوروبا - ومن شأنها أن تكسب الأصوات من العمال والليبراليين والحزب الوطنى الأسكتلندى وحزب الاستقلال والخضر.

•••

ويبدو أن الحركات اليسارية الآن غير مضطرة إلى الاعتماد على احتجاجات الشوارع للحصول على ما تريد. حيث يمكن الحصول عليه عبر أداة ظل الاشتراكيون الراديكاليون يعتبرونها منذ فترة طويلة زائدة على الحاجة وهى صناديق الاقتراع.

ويدل صعود سيريزا على ظهور سياسة تشمل أوروبا على نحو لم يتوفر لمن ظهروا سابقا على الساحة من أمثال الجبهة الوطنية وحزب الاستقلال. حيث يريد المتشككون الابتعاد عن الاتحاد الأوروبى. ويرغبون فى أن تكون سياسة بلادهم أكثر وطنية. ولعل ما يجعل أليكسيس تسيبراس راديكاليا ليس ما يريد أن يفعله فى اليونان، ولكن ما يريد أن يفعله فى أوروبا.

ولن ينجح برنامج تسيبراس إلا إذا تمكن من اشعال روح سيريزا فى منطقة اليورو بأكملها؛ وإذا كان يستطيع كسب تأييد ضمنى من الناخبين فى عدد كاف من الانتخابات الوطنية فى جميع أنحاء القارة لدفع أنجيلا ميركل وزملاءها فى شمال أوروبا المؤيدين للتقشف إلى موقف العزلة الذى تعانيه اليونان الآن.

وتواجه اليونان مخاطر النبذ والطرد من منطقة اليورو، إذا رفضت شروط القرض (ويقول تسيبراس إنه قرض غير مستدام ولن يتم دفع فوائد عليه) الذى حصلت عليه من أوروبا لتمكينها من تسديد القروض السابقة التى عجزت عن سدادها.

ويتردد فى عالم المال الآن أن خطر «العدوى المالية» منخفض هذه المرة، بشرط إخراج اليونان من منطقة اليورو. ولكن هذا يتجاهل إمكانية العدوى السياسية، التى يبنى عليها تسيبراس آماله. فكرة أن كل شيء يمكن أن يتحول رأسا على عقب وتصبح ألمانيا، بدلا من اليونان، هى التى تواجه خيار الخروج من اليورو، على أيدى غالبية ساحقة ضد التقشف فى أوروبا.

•••

وفى خطاب مفتوح إلى الشعب الألمانى نشر فى جريدة هاندلسبالات اليومية فى 13 يناير طرح تسيبراس رؤيته. وقال إنه لا يشكو من أن ألمانيا أعطت اليونان القليل جدا من المال خلال عملية انقاذ بلاده، بعد الانهيار المالى، وإنما أنها أعطت الكثير. وقال إن أوروبا تصرفت مثل مصرفى متهور يرفض قبول أنه وضع رهانا خاسرا على مشروع فاشل، وبدلا من شطب القرض، وترك الشركة متعثرة، تعانى الركود، لم تغلق ولكنها غير قادرة على تجديد نفسها لأن جميع أرباحها توجه لدفع الديون بدلا من الاستثمار.

وهو خطاب مخادع. فلا يعتقد تسيبراس حقا أن ألمانيا منحت اليونان الكثير من المال؛ وإنما يعتقد أن ألمانيا وتابعيها الدائنين أقرضوا اليونان كثيرا، ولم يمنحوها ما فيه الكفاية. وكان هناك دائما ثمة شكل من أشكال الإفلاس مفتوح أمام اليونان - الانسحاب من منطقة اليورو وعدم السداد. ولكن تسيبراس لا يريد ذلك. إنه يريد البقاء فى منطقة اليورو، وأن تكون أثينا قادرة على نحو فعال على طباعة يورو، وأن يسمح لها بالخروج من قيود التقشف، والشروع فى برنامج للتوسع على طريقة كينز.

وأنا أشعر بتعاطف مع رفض الألمان المتشدد لذلك. فقد يتساءلون، لماذا ندع اليونانيين يضعفون عملتنا؟ وهو ما قد يجيب عليه اليونانيون بأنها عملتهم هم أيضا، وأحيانا، عندما تنخفض العملة، فإنها تحتاج إلى قليل من التعويم. كما أن مطلب تسيبراس ليس افتراضيا كما يبدو. فهناك شعور أن الإنقاذ كان إنقاذا لدائنى اليونان - المؤسسات المالية الكبرى - بدلا من البلاد. ويبدو أن ما يسعى إليه تسيبراس من أجل اليونان هو ما يشبه الفصل 11 من لائحة الإفلاس التى توجد فى أمريكا، حيث يمكن للشركة أن تطلب الحماية من الدائنين، والاستمرار فى العمل، وتواصل اقتراض المال من أجل اعادة البناء والتوسع.

ولكن تسيبراس يعلن تحديا أقوى كثيرا من أن تتسامح معه أوروبا الحالية، حيث يطالب بأن تتولى الدول الغنية فى منطقة اليورو، نفس المسئولية المباشرة عن الدول الأقل نجاحا، أو أقل حظا، التى تتحملها الأجزاء الأكثر ثراء من ألمانيا أو فرنسا بالنسبة للمناطق الأكثر فقرا داخل البلدين. فهو يسعى لتبادل المنافع بين أجزاء المنطقة من القطب الشمالى إلى بحر إيجه.

وكانت هذه الفكرة موجودة دائما بشكل مجرد، ولكن فوز سيريزا اعطاها فرصة للتجسد. وعلى الرغم من أنه قد يبدو ان اليونان لا تتمتع بنفوذ، إلا أن إطلاق البنك المركزى الأوروبى للتيسير الكمى (طباعة النقود) هو خطوة فى اتجاه تسيبراس. من يدرى ماذا سيكون تأثير الأداء القوى لنظير سيريزا الإسبانى، حزب بوديموس، فى ديسمبر على البرتغال وأيرلندا وإيطاليا، وما هى العواقب التى يمكن ان تكون فى فرنسا؟ فلعل الاتحاد الأوروبى يتحول ليصبح أكثر مرونة. ولكن إذا تحرك فى الاتجاه المعاكس، فقد لا يكون وفق شروط أنجيلا ميركل.

التعليقات