معضلة المستوطنات - ديفيد إجناشيوس - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 1:26 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

معضلة المستوطنات

نشر فى : الإثنين 29 يونيو 2009 - 9:26 م | آخر تحديث : الإثنين 29 يونيو 2009 - 9:26 م

 بدا أفيجدور ليبرمان وزير الخارجية الإسرائيلى الجديد متحيرا أثناء زيارته لواشنطن هذا الشهر: إذ كيف يمكن لقضية صغيرة مثل المستوطنات الإسرائيلية فى الضفة الغربية أن تقف عقبة فى طريق العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، فى نفس الوقت الذى اتفقت فيه أمريكا مع إسرائيل فى القضايا الكبرى ــ من إيران وكوريا الشمالية إلى أفغانستان وباكستان؟

عندما اجتمع ليبرمان مع هيلارى كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية، تساءل حول طلب الولايات المتحدة تجميد بناء المستوطنات، بما يتضمنه ذلك مما يسمى «النمو الطبيعى» للمستوطنات القائمة. ووفقا لما قاله مسئول إسرائيل رفيع المستوى، قال ليبرمان لكلينتون: «لا يمكننا خنق أنفسنا: فالأطفال يولدون، والناس يتزوجون. ولابد لنا من توفير السبيل لحياة طبيعية من أجل هؤلاء الناس، باعتبار ذلك حدا أدنى».

وعادة ما يكون لمثل تلك الاحتجاجات الإسرائيلية أثرها المرغوب. إذ دعت الإدارة علنا إلى وقف بناء المستوطنات، ولكنهم أذعنوا سرا للسياسات الإسرائيلية فى الواقع. ولابد أن بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلى افترض أن باستطاعته القيام باللعبة نفسها، واحتواء البيت الأبيض من خلال استمالة مؤيدى إسرائيل واللوبى الصهيونى فى الكونجرس.

ولكن هذه المرة، كانت لعبة المستوطنات مختلفة. إذ اندهش الإسرائيليون من إصرار إدارة أوباما الشديد على تجميد التوسع فى المستوطنات باعتباره مقدمة لمفاوضات السلام. كما ساند أعضاء رئيسيون فى الكونجرس موقف الإدارة.

ومع ذلك، لا يعنى هذا أن انفراجة ما باتت وشيكة. فكلما ضغطت الإدارة أكثر على إسرائيل، كانت هناك تنازلات أكبر مطلوبة من العرب.

وقد بدأ خط التشدد حول المستوطنات مع الرئيس باراك أوباما، الذى أوضح موقفه منذ أيامه الأولى فى منصبه. ويسانده فى ذلك جو بايدن نائب الرئيس والسيدة كلينتون، وكل منهما سيناتور سابق ومؤيد لإسرائيل منذ فترة طويلة.

ويعد رام ايمانويل، رئيس موظفى البيت الأبيض والعضو السابق فى كتلة «القيادة الديمقراطية بمجلس النواب»، أحد الصقور المؤثرين فى هذه القضية. فهو يتمتع بمصداقية خاصة باعتباره مدافعا قويا عن أمن إسرائيل. وقد ولد أبوه فى القدس، وكان عضوا فى المنظمة العسكرية السرية المعروفة باسم «أرجون».

وتتحدد وجهة نظر ايمانويل فى أن المستوطنات ليست قضية أمن بالنسبة لإسرائيل، بل هى مشكلة سياسية محلية. وقال إيمانويل، وفقا لما نقله عنه مسئول رفيع المستوى فى البيت الأبيض: «عليكم أن تفعلوا ذلك بأموالكم الخاصة. لا نريد أن تتم تسويات على حساب مصداقيتنا حتى تنفذوا سياستكم المحلية. إننا لن ندفع ثمن هذا».

وقال مسئول البيت الأبيض إن ما أدهش الإسرائيليين هو «أنهم تعودوا منذ سنوات عديدة أن يسمعوا من أمريكا شيئا حول المستوطنات، ولكنهم كانوا يرونا نفعل شيئا آخر. والأمر اليوم فى حاجة إلى بعض التعديل».

ويعتقد البيت الأبيض أن الأمور إذا ما وصلت إلى مواجهة حاسمة، فسوف يلجأ نتنياهو إلى الحلول الوسط. وتفسر الإدارة ذلك بأن حكومته الائتلافية أضعف من أن تبقى على انقطاع مفتوح فى العلاقات مع حليفتها الرئيسية، الولايات المتحدة الأمريكية. وإذا ما تحدى نتنياهو الولايات المتحدة، فسوف ينشق ائتلافه. كما أن الإدارة تتحدث بالفعل مع إيهود باراك، زعيم حزب العمل ووزير الدفاع، الذى قد يشكل حكومة جديدة فى حالة إخفاق نتنياهو.

إنها استراتيجية واقعية، ولكن بها عيبا واحدا كبيرا: ففريق عمل أوباما يفترض أنه إذا ما أمكن الضغط على إسرائيل من أجل تجميد فعلى للمستوطنات، فسوف يستجيب العرب بخطوات واضحة تجاه تطبيع العلاقات ــ مما يحقق لإسرائيل فوائد ملموسة فى مقابل تنازلاتها. ولكن هذا الأمل فى غير محله.

ويقول دبلوماسى عربى رفيع المستوى: «ماذا أفعل فى مقابل تجميد المستوطنات؟ لا شىء». ويواصل كلامه قائلا: «نحن لسنا مهتمين ببناء الثقة، أو بنهج الخطوة خطوة.»، وعوضا عن ذلك يريد العرب من أوباما توضيح تفاصيل الاتفاقية النهائية، الآن. كما قال المسئول العربى: «إذا لم نضع نهاية للمواجهة، فلن تؤدى خارطة لطريق إلى شىء».

ومن المؤكد أن وقف بناء المستوطنات يمكن أن يسفر عن استجابة عربية محدودة. إذ يجرى إحياء العلاقات التجارية أو الدبلوماسية بواسطة بعض البلدان كالإمارات العربية المتحدة وقطر وسلطنة عمان وغيرها. ولكن ربما لن تقدم المملكة العربية السعودية أى تنازلات كبيرة حتى تمضى عملية المفاوضات إلى مدى أبعد.

توضح قضية المستوطنات لماذا تتسبب مشكلة العرب وإسرائيل فى دفع الناس إلى اليأس وفقدان الأمل. فكلما توصلت إلى تحقيق انفراجة وجدت باستمرار عقبة أخرى أمامك. ويتذمر مسئولو البيت الأبيض من التعنت الإسرائيلى، ولكنهم أيضا قلقون بشأن وعود العرب «المائعة» ومطالبتهم بشروط مسبقة. ويشكو المسئول رفيع المستوى فى البيت الأبيض قائلا: «كفوا عن قول لقد قدمنا لكم خطة سلام فى عام 2002.»

مرحبا بك فى الشرق الأوسط، سيد أوباما. قلت فى خطابك بالقاهرة إن حل هذه المشكلة يتطلب صبرا. وكنت محقا فى هذا الجزء بالتأكيد.


(c) 2009, Washington Post Writers Group

التعليقات