صرامة أوباما فى سياسته الخارجية - ديفيد إجناشيوس - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 1:27 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

صرامة أوباما فى سياسته الخارجية

نشر فى : الأربعاء 29 ديسمبر 2010 - 10:40 ص | آخر تحديث : الأربعاء 29 ديسمبر 2010 - 10:40 ص

 فى موسم الأعياد هذا العام، حدث ما يبعث الشجاعة فى عالم يخاف من احتمالات تدهور وضع أمريكا وآخر يهلل لها. إذ اتضح أنه بصرف النظر عن الصعوبات السياسية والاقتصادية التى تواجهها الولايات المتحدة، إلا أن الرئيس أوباما ما زال قادرا على حشد التأييد فى الداخل والخارج حول سياسة خارجية قوية.

توج نجاح أوباما فى المجلس التشريعى عملا استغرق شهرين، قام خلالهما فريقه لشئون السياسة الخارجية بتعزيز تحالفات مهمة من شرق آسيا إلى الناتو. فبعد تدهور وضع أوباما نتيجة انتخابات نوفمبر، تبادل قادة العالم أحاديث هامسة حول تآكل القوة الأمريكية، وحول ضعف وتهافت أوباما. وإن كانت هذه الهواجس لم تختف بعد، إلا أنها هدأت بسبب نجاحاته الأخيرة.

وكانت تحديات السياسة الخارجية خلال الشهرين الماضيين أول اختبار لتوم دونيلون، المستشار الجديد للأمن القومى. لقد كان أداؤه باهتا إلى حد يقترب من الاختفاء، فى توافق مع سمعته كسياسى يعمل على تذليل العقبات ــ ولذا كان فى حاجة إلى وقفة أكثر ثباتا فى مواجهة الرأى العام، حتى ينجح فى تلك الوظيفة. ولكنه أدار عملية سياسية ناعمة وسلسلة، رغم الأصوات المتنافسة التى كانت تعلو أحيانا خلال السنتين الماضيتين.

وظهرت ميزة دونيلون فى أنه يبدو كصاحب بيت فى مجلس الأمن القومى. ورغم أن سلفه الجنرال جيم جونز كان يحاول أيضا إدارة العملية بصورة منظمة، إلا إنه كان عليه تجاوز رام إيمانويل والاحتذاء بما كان يفعله. إيمانويل كان يشغل وظيفة رئيس موظفى البيت الأبيض وكان يقوم بعمله فى أداء يشبه أداء رئيس الوزراء. وكان إمانويل يستخدم دونيلون دائما (الذى كان نائبا لجونز) كما لو كان تابعه الخاص فى مجال السياسة الخارجية، الأمر الذى أدى إلى ارتباك خطوط المسئولية.

وعندما سئل كبير موظفى البيت الأبيض حول الاختلاف الذى حدث برحيل إمانويل وجونز، أجاب «ما يجب أن نفعله الآن هو تنظيم الصفوف بحزم، وأن نضع نهجا واحدا فى السياسة الخارجية».

ما ميّز الخطوات التى اتخذت فى السياسة الخارجية مؤخرا، هو أنها تسمح لأوباما بإظهار بعض الصرامة، الخاصية التى يخشى الأوروبيون، بوجه خاص، من ضياعها. وظهرت هذه الصرامة خصوصا فى خطط الطوارئ الخاصة بكوريا الشمالية.

نوه البيت الأبيض إلى ثمانى ثمار محددة للسياسة الخارجية خلال الشهرين الماضيين. وتبدأ القائمة برحلة الرئيس إلى الهند فى نوفمبر، عندما كان لا يزال متأثرا بهزيمة الديمقراطيين فى انتخابات التجديد النصفى. ونتيجة لذلك، خيمت ظلال الفشل على الرحلة، ولكن عندما يعاد النظر فيها، تبدو أكثر إيجابية. ففى نيودلهى، نجح أوباما فى تدعيم الروابط مع الهند دون إزعاج باكستان.

وتمثلت الثمرة الثانية فى كوريا الشمالية. فرغم أن أوباما لم يكن فى وضع جيد بسبب عدم التوصل على اتفاق حول حرية التجارة قبل وصوله، إلا أن رفضه تقديم تنازلات أمام سول فى اللحظة الأخيرة، جعل الاتفاق النهائى الذى تم التوصل له فى ديسمبر أفضل بكثير، مما جعله يحصل على تأييد كلا الحزبين. بل يمكن القول إنه كان أهم اتفاق تم إجراؤه فى مجال التجارة الحرة منذ توقيع إتفاق نافتا (اتفاقية التجارة الحرة لدول أمريكا الشمالية).

وكانت قمة لشبونة فى أواخر نوفمبر الثمرة الثالثة. وهى الانجاز الدبلوماسى الأكبر للراحل ريتشارد هولبروك، الذى نجح فى إقناع الناتو بقبول جدول انتقالى فى أفغانستان ينتهى عام 2014. وبهذا فقد دعم التحالف، كما ساعد على جذب الانتباه بعيدا عن الموعد الذى حدده أوباما لبداية الانسحاب فى يوليو 2011، مضعفا بذلك تأثير إرسال قوات إضافية. وهناك من يعتبر أن موعد 2011 أكبر خطأ ارتكبه أوباما فى مجال السياسة الخارجية، حتى رغم إعلانه له قبل عام من إرسال القوات الإضافية.

وكانت مراجعة الوضع فى أفغانستان وباكستان البند الرابع فى القائمة. وتمثَّل إنجاز أوباما هنا فى تجنب لغم سياسى محتمل. وقد أعلن أحد المساعدين فى البيت الأبيض أن هدف الرئيس كان «ضبط دقة التردد لا تحويله». وقد كسب مزيدا من الوقت من خلال إصدار تقريرحول الوضع الراهن، ذكر فيه إن هناك تقدما، وإن وُصف بأنه «هش وقابل للانتكاس».

وكان هناك بعد ذلك ثلاثة أحداث مسرحية كبيرة فى ديسمبر: تشكيل الحكومة العراقية؛ وإلغاء سياسة دونت آسك دونت تل («لا تسأل، لا تقل شيئا») وهى المتعلقة بتجنيد الشواذ من الجنسين فى القوات المسلحة، والتوقيع على معاهدة ستارت الجديدة مع روسيا. وفى الثلاث حالات، نجح أوباما فى العمل بشكل وثيق مع مستشاريه الدبلوماسيين والعسكريين، وخاصة الأدميرال مايك مولين، رئيس هيئة الأركان المشتركة. والأخيرة كان تجربة كوريا الشمالية. ورغم عدم الحديث عن الأمر علنيا، فقد قامت الإدارة بالتعبئة الخاصة استعدادا لاحتمال دخول حرب إذا واصلت كوريا استفزازاتها. وحذر أوباما الرئيس الصينى هو جين تاو فى مكالمة تليفونية أوائل الشهر الجارى، من أن تهور كوريا الشمالية يحمل تهديدا لأمريكا بسبب كونها دولة نووية. ويعتقد البيت الأبيض أن الصينيين استوعبوا الرسالة- وحذروا بيونج يانج.

ولسوء الحظ، كانت محنة الرئيس الكبرى هى السلام الإسرائيلى الفلسطينى. فقد تراجع أوباما جزئيا بسبب ضعفه السياسى المتنامى. وأظن أن أوباما أقوى مما يبدو عليه. ولكنه إن ظل مثاليا، فسوف يمتطى الحصان ذاته فى العام المقبل.

التعليقات