إدخال الشركاء فى المعركة - ديفيد إجناشيوس - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 1:30 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إدخال الشركاء فى المعركة

نشر فى : السبت 30 يناير 2010 - 9:54 ص | آخر تحديث : السبت 30 يناير 2010 - 9:54 ص

 هذا الأسبوع، أثبت الجنرال ستانلى ماكريستال حقيقة أن القادة العسكريين يعرفون أفضل من الجميع؛ حيث قال لصحيفة الفايننشال تايمز: «إن الحل السياسى لكل الصراعات هو النتيجة الحتمية». وتكمن المشكلة فى التوصل إلى تلك التسوية بالطريقة التى يجدها المتنازعون مقبولة. وقد يستغرق هذا سنوات وربما عقودًا.

تشهد الولايات المتحدة الآن تاسع أعوام قتالها للمتطرفين الإسلاميين فى أنحاء العالم. ويتساءل الناس أحيانا عما إذا كانت أمريكا تعلمت أى شىء خلال هذه الفترة العصيبة، أو ما إذا كنا مجبرين على أن نظل نحفر حفرًا عميقة نغرق فيها أنفسنا. ومما لا شك فيه أننا مازلنا نحفر فى أفغانستان، حيث يعتقد ماكريستال، القائد العسكرى الأمريكى هناك، أنه لن يمكن التوصل إلى تسوية سياسية مقبولة ما لم نضغط على طالبان بشدة. وأعتقد أنه محق فى ذلك.

لكننى أشعر أن هناك إقرارًا متزايدًا، خصوصا داخل العسكرية الأمريكية، بأن على أمريكا أن تتوقف عن خوض حروب تدخل سريع مع كل مرة تظهر فيها عمليات للقاعدة. وقد تبنت البنتاجون سياسة «الوكالة» هذه المتمثلة فى تدريب بلدان «صديقة» (بمعنى البلدان التى يجمعنا بها معاداة التطرف الإسلامى) من شمال أفريقيا إلى الفلبين.

ولم تتخذ إدارة أوباما بصورة واضحة من هذا النهج من «الشراكة» إستراتيجية رسمية، كما لم يحظ بتغطية إعلامية كبيرة. غير أنه يستحق نظرة دقيقة، لأنه ربما يمثل السبيل الأفضل نحو عالم لا تعمل فيه الولايات المتحدة دائما كشرطى خارق للعادة يكافح الإرهاب.

ويتمثل جوهر هذه الاستراتيجية فى تدريب البلدان الأخرى على مكافحة التطرف الإسلامى الذى يهددها بالقدر نفسه الذى يهددنا به على الأقل. وكما يقول ضابط كبير: «ليس باستطاعتنا الذهاب إلى كل مكان تتسلل إليه القاعدة. المهم هو تدعيم قدرة الجيوش الأجنبية على التعامل مع مشكلات داخل حدود بلدانها».

ويقدم اليمن أوضح مثال على كيفية نجاح هذه «الشراكة» وكيف أنها تختلف عن القتال المباشر الذى خاضته الولايات المتحدة فى العراق وأفغانستان. فالولايات المتحدة تتولى منذ أكثر من عام تدريب قوات خاصة وهيئات تخابر يمنية للتعامل مع وجود متزايد للقاعدة هناك. وتوفر الولايات المتحدة بعض الأجهزة ذات التكنولوجيا العالية، غير أن اليمنيين يخوضون المعركة فى الميدان.

وفى يوليو الماضى، حدث التطور المفاجئ، عندما رأى الرئيس على عبد الله صالح أن نظامه مهدد. لقد كانت معركته، وبعبارة أخرى، ليست معركتنا وحدنا. ويقول الجنرال ديفيد بترايوس قائد القيادة المركزية، وهو رجل الولايات المتحدة المكلف بالعمل مع اليمن: «كان لنا عناق فى يوليو، بالمعنيين الحرفى والمجازى».

وقبل عدة شهور، عندما كنت أتنقل بالطائرة مع بترايوس، شهدت فى كل مكان تقريبا توقفنا فيه دليلا على هذا النهج من التدريب المتقدم، إنها برامج الرؤية المنخفضة، عن عمد، وكان بترايوس مترددًا فى مناقشة بعضها. غير أن مسئولين عسكريين آخرين رسموا الخطوط العريضة.

ولنبدأ بوسط آسيا، حيث الهدف هو منع عدوى طالبان من الانتشار إلى الجمهوريات السوفيتية السابقة. فالولايات المتحدة تتولى تدريب قوات خاصة أو وحدات أمنية أخرى فى طاجيكستان وتركمانستان، وأوزبكستان وقرغيزستان. ومن أجل الحصول على دعم روسيا، تجاهل بترايوس الخطاب القديم بشأن التنافس على الطاقة فى آسيا الوسطى، وأكد بدلاً من ذلك على الأعداء المشتركين. وتساعد بعثات تدريب أمريكية أخرى غير معلنة بلدانًا آسيوية ذات كثافة سكانية كبيرة من المسلمين؛ مثل إندونيسيا وماليزيا والفلبين.

ومازالت ساحة المعارك الكبرى فى أفغانستان وباكستان. وفى 15 يناير، أجرى البيت الأبيض أولى مراجعاته لإستراتيجيته الجديدة بشأن أفغانستان، ويقول أحد كبار المسئولين فى البيت الأبيض إن أوباما خرج «راضيا» عما أحرز من تقدم هناك.

وتم فى ذلك الاجتماع تحليل استطلاعات رأى جديدة تظهر تراجع شعبية طالبان، وتحسن معدلات التجنيد فى الجيش الأفغانى، وتحسن الوضع الأمنى فى بعض مناطق إقليمى هلمند وقندهار، وخطوات تضمن وصول 90 فى المائة على الأقل من الثلاثين ألف جندى إضافى الذين قرر أوباما إرسالهم بحلول أغسطس المقبل. ويحذر المسئول الكبير فى البيت الأبيض قائلاً: «إنها ليست تغيرات مؤثرة بعد، لكنها مؤشر لتوجهاتنا».

وتعتبر باكستان أصعب مسرح لهذا النزاع. والدور الاستشارى للولايات المتحدة واضح هناك حيث يتولى نحو مائة من جنود القوات الخاصة الأمريكية «تدريب المتدربين» من قوات الحدود الباكستانية. ولكنها الأسبوع الماضى فحسب، رفضت توثيق الشراكة، قائلة إنها قد تؤجل لمدة ستة أشهر المرحلة التالية من حملتهم ضد متطرفى طالبان.

وتتعلق الشراكة بالمصالح المشتركة، وقد منحت الحرب الأمريكية ضد طالبان فرصة ذهبية لباكستان لتأمين مناطق القبائل على طول حدودها الغربية للمرة الأولى فى التاريخ مع وجود جيش أمريكى كبير عبر الحدود لتقديم العون.

وبالطبع لن تبقى القوات الأمريكية فى أفغانستان للأبد فكل الحروب تنتهى فى آخر المطاف وربما يضيع الباكستانيون فرصتهم. وسيكون ذلك خطأً تاريخيًا، ولكن مثلما أدرك القادة فهى معركتهم وليست معركتنا.

Washington Post Writers Group

التعليقات