أين يقع خطأ تشينى؟ - ديفيد إجناشيوس - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 1:34 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أين يقع خطأ تشينى؟

نشر فى : الإثنين 30 مارس 2009 - 10:27 م | آخر تحديث : الإثنين 30 مارس 2009 - 10:27 م

 أثار تشينى ضجة عندما صرح لقناة سى إن إن بأن سياسة الرئيس أوباما حول الإرهاب تجعل البلاد أقل أمنا. وقال نائب الرئيس السابق إنه يرى أن الرئيس يتبنى بعض الخيارات التى سوف تزيد فى الحقيقة احتمالات وقوع هجمة أخرى على الشعب الأمريكى.

كان تعليق تشينى متجاوزا للحدود لأسباب عديدة، ليس أقلها شأنا أنه يواصل شكلا من إذاعة ونشر سياسة الخوف مما يمكن أن يؤدى فى حد ذاته إلى إضعاف البلاد.

ولكن المتحدث باسم البيت الأبيض روبرت جيبس ارتكب خطأ بملاحظة غير مبررة ومهينة ودالة على التحزب حيث قال: «حسنا، أظن أن راش ليمبو كان مشغولا، ولذلك أسرعوا إلى العضو الأكثر شعبية بعده فى العصابة الجمهورية».

وكان الرد المفيد على ذلك أن يقول أن أمريكا ليست أقل أمنا حيث لم يغير أوباما السياسات المناهضة للإرهاب بنفس قدر الاندفاع الذى اتبعه تشينى. وفى الحقيقة، تعكس السياسات الجديدة للإدارة حول الاستجواب والاحتجاز مساعى حذرة للموازنة بين القانون والأمن القومى ــ وهى عودة إلى مواقف الإدارة السابقة على بوش أكثر من كونها تجربة جديدة للجناح اليسارى.

وحتى ندرك سياسات أوباما، علينا أن نقرأ بعناية القرارات التنفيذية التى صدرت عن البيت الأبيض فى 22 يناير. لقد صدر قرار بإغلاق معتقل خليج جوانتانامو خلال عام، ووجهت تعليمات إلى المخابرات المركزية الأمريكية لغلق مرافقها السرية التى تستخدمها فى الاعتقال، وحظرت تقنيات الاستجواب غير المصرح بها فى دليل الجيش الميدانى.

ومع هذه التحركات الحاسمة، رفض أوباما الأسلوب القانونى الذى تعاملت من خلاله إدارة بوش مع الإرهابيين باعتبارهم «مقاتلين غير شرعيين من العدو»، بما يتنافى مع قانون الولايات المتحدة والقانون الدولى.

ويقول جيفرى سميث المستشار العام السابق لوكالة المخابرات المركزية: «يقلل من شأن الولايات المتحدة ومن قيمنا أن يكون لدينا ثقوب سوداء يمكن أن يختفى فيها البشر». وقد كان سميث واحدا من المجموعة غير الرسمية التى قدمت لأوباما وجريجورى كريج مستشار البيت الأبيض المشورة حول السياسة الجديدة.

ولكن لنحصل على صورة مكتملة لمنهج أوباما، علينا قراءة النسخة النهائية من القرارات التنفيذية ــ وما غاب عنها أيضا.

أولا: لم يحظر أوباما العملية المعروفة باسم «التسليم الاستثنائى للأشخاص». وهو الأسلوب الذى يستخدم فى اعتقال الأشخاص بالخارج من قبل المخابرات والوكالات المنوط بها تطبيق القانون فى الولايات المتحدة منذ 30 عاما، سواء بقرار من جانب واحد أو بإذن من البلد المضيف، وأخذهم إلى مكان آخر من أجل استجوابهم وتطبيق الإجراءات القضائية المحتملة عليهم. ولم يتم المساس بهذه السلطة، ولا بقدرة وكالة المخابرات المركزية على العمل مع هيئات الاستخبارات الأجنبية التى تستجوب المشتبه فى أنهم إرهابيون.

وتقترح القرارات التنفيذية تكوين فرقة عمل جديدة سوف «تدرس وتقيم الممارسات التى ستجرى على الأفراد الذين يتم نقلهم إلى بلدان أخرى» للتأكد من أن مثل ذلك النقل لن يؤدى إلى تحويل سجناء إلى بلدان قد «يلاقون فيها تعذيبا».

وعلى الرغم من أن مرافق الاعتقال السرية لوكالة المخابرات الأمريكية أغلقت، فإن القرار أوضح أن هذا لا يشير إلى «المرافق التى تستخدم عند القبض على الأشخاص مؤقتا لفترة قصيرة وبصورة عابرة فقط».. ولم يحدد القرار ماذا تعنى «فترة قصيرة» ولا «بصورة عابرة».

وقال ليون بانيتا المدير الجديد لوكالة المخابرات المركزية، فى لقاء مع الصحفيين فى 25 فبراير: «تسليم الأشخاص لايزال متاحا».

كما قال: «إذا سلمنا شخصا، فنحن نسعى بصورة واضحة إلى تأكيدات على أن ذلك البلد يحمى مبادئ حقوق الإنسان ولا يسىء معاملة السجناء.

ولم تقم وكالة المخابرات المركزية بتسليم أى شخص منذ تولى أوباما للسلطة، ولكن عندما تنشأ ضرورة لذلك سيوضَّح الأمر للبيت الأبيض مع كل حالة جديدة».

وفى صياغة مسودة السياسة الجديدة حول الاستجواب، أخذ أوباما ومستشاروه فى اعتبارهم أنه قد تكون هناك حالات استثنائية ــ مثل الشكوك حول معلومات عن إرهاب نووى ــ حيث يمكن للرئيس أن يقرر التخلى عن القرار التنفيذى الذى يحظر الأساليب العنيفة.

وقال سميث أيضا: «كل شخص يعلم إنه إذا ما تعرضت البلاد لتهديد خطير، يمكن للرئيس أن يفعل ما تحتاج إليه حمايتنا. ولكن عليه أن يوضح لنا ذلك. وكانت مشكلة بوش فى أنه يفعل كل شىء فى السر، وهو ما يؤدى إلى إساءة المعاملة».

ولعل ذلك يطمئن تشينى حول أمن الأمة. ويتفق فريق أوباما مع روبرت جاكسون قاضى محكمة العدل الدولية فى أن «الدستور ليس ميثاقا صارما إلى حد الموت»، وفى أنه يفهم أن هناك حالات متطرفة قد تستخدم فيها قوانين الاستجواب بمرونة. ولكنه لا يريد تكرار خطأ بوش فى فتح الباب للتصرفات الخارجة على القانون.

وأوضح سميث أنه من الخطأ الكبير أن تبنى المواقف على فكرة وجود قواعد، لكنها ستحطم فى حالة نشوء حاجة إلى ذلك. إنها طريق إلى إساءة المعاملة. وفى قضايا مثل تلك، ينبغى أن يكون هناك معيار يتمثل فى «خط فاصل»، وعلى هذا يعلم الموظفون الحكوميون فى كل أنحاء العالم ما هى القوانين.

(c) 2009، Washington Post Writers Group

التعليقات