كيف ينتصر بن لادن برغم موته؟ - ديفيد إجناشيوس - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 1:32 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كيف ينتصر بن لادن برغم موته؟

نشر فى : الثلاثاء 1 مايو 2012 - 8:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 1 مايو 2012 - 8:00 ص


خلال العام الذى مر على موت بن لادن، ارتاح الغربيون للقول بأنه فشل. ومن المؤكد أن هذا صحيح من وجهة نظر القاعدة، حيث إن تكتيكات الأرض المحروقة الجهادية أبعدت عنها المسلمين وغير المسلمين. لكن من منظور هدف بن لادن الأبعد بإبعاد العالم الإسلامى عن النفوذ الغربى، فقد حقق أكثر مما نود أن نصدق.


ومصر مثال على ذلك. فقد كان هذا العام فى معظمه عاما لثورة ديمقراطية خلت من العنف. لكنه جاء إلى السلطة ببعض جماعات السلفيين والإخوان المسلمين التى تشترك فى أصولها العقائدية مع بن لادن. وقد تحقق هدف القاعدة بإقصاء «الكافر»، والعميل الأمريكى حسنى مبارك من الحكم.


كان بن لادن يحاول تنظيف صورة حركته الدموية بين المسلمين خلال العام الذى سبق وفاته. وتتضح هذه الرغبة فى إعادة ربط القاعدة بالتيار الإسلامى السائد فى الوثائق التى اطلعت عليها والتى عُثر عليها بمجمع بن لادن ليلة مقتله.


ومع اقتراب ذكرى أربعاء وفاة بن لادن، أعود إلى ملاحظاتى التى دونتها عن هذه الرسائل. وقد وجدت بعض الفقرات غير المنشورة تظهر أن ميراث بن لادن خليطا تهكميا. فقد دُمرت حركته إلى حد كبير، لكن شغفه بحكم إسلامى أكثر نقاء فى العالم العربى نجح جزئيا. وبهذا المعنى، لا ينبغى أن يتعجل الغرب فى إعلان انتصاره.

 

●●●

 


ولنتأمل هذه الدعوة إلى وحدة المسلمين فى رسالة مطولة إلى نائبه الرئيسى، عطية عبد الرحمن: «فى هذه الجهود لتحقيق الوحدة، يجب توجيه رسالة خاصة إلى إخواننا (فى العراق) تؤكد على أهمية الوحدة والعمل المشترك والتمسك بأساس الدين، بحيث تكون له الأسبقية على الأسماء أو المناصب أو الكيانات إذا تعارضت مع تحقيق هذا الواجب العظيم».


وكما أشرت الشهر الماضى، كان بن لادن قلقا من تشويه قتل المسلمين لصورة القاعدة ما دفعه إلى اقتراح تغيير اسم الجماعة. وما أثار انزعاج بن لادن، كما كتب، هو أن «القاعدة تقدم بوصفها قاعدة عسكرية تضم مقاتلين دون الإشارة إلى المهمة الأكبر وهى توحيد صفوف الأمة».


ولم تتمكن القاعدة من التحول من الجهاد العنيف إلى حركة إسلامية سلمية. فهذا لم يكن فى حمضها النووى. واستمر بن لادن فى التخطيط لعمليات انتحارية ضد أمريكا وساستها، وطلب من عطية إيجاد «أخ يتميز بحسن الخلق، والاستقامة، والشجاعة والسرية، للعمل فى الولايات المتحدة». كان يريد، بالأساس، مواصلة قتل الأمريكيين لكن دون أراقة دماء المسلمين.


ومسألة الإصلاح الداخلى هذه، والتى من شأنها وقف إراقة الدم المسلم، تتضح من توبيخ عطية ونائب آخر، هو أبو يحيى الليبى، لحركة طالبان باكستان فى 2010: «إننا نؤكد على أن الإصلاح الحقيقى واجب الجميع، وحتى يتحقق النجاح علينا مراجعة أعمالنا وتحاشى هذه الأخطاء الفادحة».

 

●●●

 


وما نراه اليوم فى مصر يمكن أن نطلق عليه انتخابات بن لادنية. ولنأخذ الجماعة الإسلامية، التى قامت، بقيادة زعيمها الروحى الشيخ عمر عبدالرحمن، بأول محاولة ناجحة والتى تمثلت فى تدمير مركز التجارة العالمى فى 1993. واليوم، شكلت المنظمة حزبا سياسيا سلفيا يحمل اسما جذابا هو حزب البناء والتنمية. وفاز هذا التنظيم، الذى تعود جذوره، شأن القاعدة، إلى المفكر الإسلامى سيد قطب، بـ13 مقعدا فى البرلمان المصرى الجديد.


وستكون سوريا اختبارا لهذه الحركة الإسلامية فى مرحلة ما بعد بن لادن: هل يمكن أن تستمر فى رفضها للعنف أم ستظل على راديكاليتها بفضل مغناطيس الجهاديين المتمثل فى الرئيس السورى بشار الأسد. ويحاول خليفة بن لادن، أيمن الظواهرى، استغلال المعركة ضد الأسد لإعادة تأهيل فرع القاعدة ــ مع ذلك، ستظل صراعا آخر يجسد العنف الموجه من مسلم إلى مسلم الذى أصبح بن لادن يمقته.


ولم يحظ فيديو الظواهرى الانتهازى «إلى الأمام أسود سوريا» فى فبراير بجاذبية كبيرة. لكن مع مرور الوقت، أصبحت القاعدة بالتدريج فصيلا أكثر قوة فى المعارضة السورية.   


وما زالت المعركة مستعرة فى اليمن، المكان الذى كان بن لادن يعتقد أنه يوفر له أفضل فرصة للانتصار. وقررت الولايات المتحدة مؤخرا فقط تصعيد غارات طائراتها بدون طيار، وهو ما يعد علامة مؤكدة على أن القاعدة تشكل تهديدا كبيرا ومستمرا.

 

●●●

 


هكذا، وبعد مرور عام، آن الأوان كى نفكر فى إخفاقات بن لادن، لكن علينا كذلك أن نتأمل مدى تغير نظرة أتباعه الإسلاميين تجاه حركة إسلامية أكثر نجاحا مما كان يمكن أن يحلم به بن لادن

 

جماعة الواشنطن بوست كل الحقوق محفوظة. النشر بإذن خاص

التعليقات