لايزال الشباب قادرين - وسام أبوبكر باسندوه - بوابة الشروق
الخميس 4 يوليه 2024 5:47 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لايزال الشباب قادرين

نشر فى : الإثنين 2 يناير 2012 - 9:20 ص | آخر تحديث : الإثنين 2 يناير 2012 - 9:20 ص

مرة أخرى يجسد الشباب اليمنى سلمية ثورتهم ورقيهم الحضارى عبر مسيرة الحياة الراجلة غير المسبوقة، لتكون نموذجا لاستمرارية الثورة حتى تحقيق كامل مطالبها. خرجت المسيرة من تعز قلب الثورة باتجاه ساحة التغيير بالعاصمة صنعاء وقطعت أكثر من 200 كم سيرا على الأقدام على مدى خمسة أيام، وقد انخرط فيها الشباب والأطفال والنساء والشيوخ وعوائل بأكملها، وكانت بالفعل مسيرة للحياة جددت الأمل فى النفوس وحركت المياه الراكدة.

 

حين كان الشباب يتحدثون عن رحلتهم كان لافتا التصميم والإصرار رغم الصعوبات، فالمسيرة مرت بطرق جبلية وعرة فمدينة تعز ترتفع لأكثر من 1500 متر فوق سطح البحر مرورا بمناطق ترتفع لأكثر من 2500 متر قضى الثوار الراجلون بين هذه المناطق الليالى المظلمة، وعانوا فيها من برودة الطقس وقلة التجهيزات وضيق ذات اليد، بخلاف ما يحاول أن يشيعه أزلام النظام السابق من أن المسيرة ممولة من قبل جهات بعينها.

 

وكلما مرت المسيرة بقرية استضافها الأهالى، ولا تبرح حتى تكون قد ازدادت عددا مع انضمام الآلاف لها وهكذا كانت الأعداد تتضاعف باستمرار، لكن الظروف لم تكن كلها تسير على هذا النحو. يروى الشباب كيف أنهم كانوا يمرون على بعض المناطق التى ترفض استقبالهم وتغلق الدكاكين فى وجههم بتحريض من زبانية النظام السابق فلا يجدوا مكانا يأويهم فى ظلمة الليل والبرد فى ظل نقص المياه والغذاء، ومع ذلك كانوا يكملون المسيرة.

 

●●●

 

كم كان مؤلما منظر الأقدام التى تشققت من كثرة السير وحالات الإغماء والشد العضلى التى تعجزهم عن المشى من فرط التعب والإرهاق. وكم كان مفرحا منظر العزيمة الصلبة والفتيات التى يتقدمن المسيرة يسابقن الرجال فى صعود الأماكن الوعرة رافضات تماما التأخر فى الصفوف، صورة مدنية سلمية متكاملة جسدتها مسيرة الحياة، لكن دعاة وعرابى الموت رفضوا إلا أن يلطخوا الصورة بالدماء، فمرة تلو الأخرى وفى أماكن متعددة كان الشباب مضطرين لتغيير خط سيرهم وهم يلاحظون أن زبانية النظام السابق يعدون العدة لتنفيذ مجزرة بحقهم بعد أن أرعبتهم الأقدام المتشققة، التى كلما تقدمت فى خطواتها تسهم فى تقويض عروشهم. دجج فلول النظام السابق العديد من الجبال بالقناصة والعتاد للانقضاض على المسيرة، ثم جاءت لحظة التنفيذ حين وصلت القافلة إلى مشارف أمانة العاصمة، وبدأت المجزرة التى راح ضحيتها أكثر من 15شهيدا وما يربو على 200 مصاب.

 

وجه نظام صالح عدة رسائل من خلال هذا الاعتداء، أولها إننا لا نزال موجودين وأن الحصانة الممنوحة لنا هى حصانة مفتوحة مهما قتلنا من اليمنيين فسنبقى فى مأمن، كما أن بإمكاننا أن ننسف كل الاتفاقيات متى شئنا وفى أى وقت، وأخيرا الإمعان فى إحراج رئيس الحكومة وتجييش الثوار ضده وضد وزير داخليته، وهو الأمر الذى فطن له الرجلان فسارعا إلى التهديد بالاستقالة إن لم تتم محاسبة المسئولين سريعا، كما جمد عدد من أعضاء اللجنة العسكرية عضويتهم فيها حتى يجرى التحقيق فى الحادث ومحاسبة مرتكبيه.

 

أما تصريحات العار فقد جاءت على لسان السفير الأمريكى الذى وصف المسيرة بأنها استفزازية وغير سلمية مبررا الاعتداء عليها، والسؤال المطروح إذا كانت وزارة الداخلية التى من حقها أن تحفظ الأمن قد تعهدت بحماية المسيرة واعترفت بسلميتها ، إذن من الذى رأى فيها تهديدا للأمن واتخذ القرار بالاعتداء عليها، بالتأكيد هم رجالات صالح الذين من المفترض أنهم باتوا خارج المشهد السياسى الرسمى، ولم يعد لهم أى شرعية كما يعرف السفير الأمريكى جيدا.

 

اليمنيون يطالبون السفير الأمريكى بالاعتذار رسميا والمغادرة، لكن قبل ذلك عليه أن يسرع فى منح صالح ومرافقيه التأشيرات اللازمة، ويا ليته يتوسط لتكون تأشيرات هجرة مفتوحة عله حينها يخفف قليلا من ذنبه.

وسام أبوبكر باسندوه باحثة واكاديمية يمنية
التعليقات