الثقافــــــة أولًا - وسام أبوبكر باسندوه - بوابة الشروق
الأحد 30 يونيو 2024 5:24 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الثقافــــــة أولًا

نشر فى : الإثنين 13 يناير 2014 - 8:00 ص | آخر تحديث : الإثنين 13 يناير 2014 - 8:00 ص

قريبا تحل ذكرى الخروج للساحات ثم تتعاقبها الذكريات، ذكرى انضمام فلان وفلان، ذكرى مجزرة كذا وكذا، وهكذا يمضى بنا العام كما مضى سابقه لم نضف جديدا على إحياء الذكريات، فى حين لم يكن الخروج من أجل هذا بل لما هو أبعد فماذا يا ترى قد تحقق من المطالب؟ على مستوى القضايا الرئيسية مثلا ، لن نسأل ما الذى أنجز، لكن على الأقل هل هناك خطوات على طريق الإنجاز، وهل هذه الخطوات مباركة من قبل أصحاب القضايا أنفسهم؟ الإجابات الموضوعية لن تكون مبهجة بالتأكيد.

شخصيا منذ مدة كنت قد وصلت لحقيقة أن التغيير السياسى لن يحقق وحده كل ما نصبو إليه هناك تغيير ثقافى واجتماعى مطلوب وهو الأهم، ربما لو تحقق لجاء التغيير السياسى حينه منسابا سلسا، لكن هذا لا ينفى وجود علاقة وطيدة بين الأنظمة المستبدة الفاشية وبين التخلف الاجتماعى والثقافي، كون هذه الأنظمة أكثر ما تزدهر وتتمدد فى ظل المجتمعات المتخلفة ثقافيا واجتماعيا، لذا هى طوال الوقت تعمل على تغذية هذا الوضع واستغلاله والاستفادة منه، إذن انظر حولك إذا وجدت أن النظام الجديد لم يقم بخطوات ملموسة للتخلص من هذا الوضع الاجتماعى والثقافى فتيقن أنه شكل آخر من أشكال الفاشية ليس إلا.

وحتى لا نقف ننتقد وفقط فقد قررت منذ مدة أن أعمل على هذا الجانب التثقيفي، وأن نطوع الفن كوسيلة تثقيفية لخدمة الجانب التوعوى التنموى بعيدا عن التلقين المباشر الفج، وقد ساعدنى ذلك على الالتقاء والتفاعل طوال الوقت مع شباب وشابات من أبناء الوطن، شباب منفتح ومتحمس ومقبل على الحياة، يمتلكون طاقات إبداعية لا حدود لها ورؤى ثاقبة وواثقة، منهم الكتاب والمصورون ومخرجو الأفلام ومصمما الجرافيك وفنانون تشكيليون والكثير الكثير، عينة هذا الشباب المبدع المتألق لا يخرج بالمناسبة ليفجر نفسه فى جموع البشر المسالمين، ولا يرفع السلاح فى وجه الدولة، ولا يقتحم المنشآت.

•••

عينة هؤلاء الشباب الذين أفخر بهم بحاجة لأن تكون لهم دولة بها متاحف لآثارها المنهوبة ولفنونها وتراثها المسروق، بها صالات للفن السابع، لماذا أقول الفن السابع؟ كنوع من التضليل حتى لا أقول صالات سينما فأتهم بالفسق والمجون أو الكفر، نعم أن من يتهمون الناس وفق هذا المنطق ومن مازالوا ينظرون لصالات السينما فى العام الرابع عشر بعد الألفية على أنها ضرب من المجون هم من يصدرون فكر الكراهية والقتل، بينما من يخرج من المتحف أو صالة السينما يذهب ليقضى يومه مع أسرته بهدوء ويفكر فى مستقبل مشرق لنفسه وأسرته الصغيرة وللوطن، كم هو مخجل أن يكون فى وطننا صالات للسينما تعد من الأقدم فى المنطقة، ثم نعود لنطالب بها اليوم على استحياء نوشوش به أنفسنا وكأنها خطيئة. من جهة أخرى قد نتهم بأننا نتحدث برفاهية فى حين يجرى التقاتل والتطاحن على أشده، وتهرول خطوات التقسيم والتفتيت والمذهبية، لكنى لا أرى رفاهية فى هذا الطرح، العكس هو الصحيح فاستمرار النظر والتعاطى مع متطلبات الثقافة وآلياتها باعتبارها رفاهية هو قمة الجهل والتسطيح، إنها أساسيات حياة للمواطن الصالح السوى المتزن.

هذه النماذج الشبابية التى أفخر بالتعاون والتعامل معها وسأستمر، تمنح الكثير الكثير من الأمل، وهم من يستحقون قيادة المرحلة، سلاحهم الفن والإبداع وسيلتهم الثقافة هدفهم الحياة، بعيدا عن الرصاص والمدافع، بعيدا عن القبلية والمرافقين، بعيدا عن المذهبية والتفرقة والتقسيم، بعيدا عن المحاصصة والانتهازية والبحث عن المكتسبات الشخصية الضيقة.

معهم لم نتحدث يوما فى السياسة أو نتبادل الآراء فى الأحداث الجارية، لأن لا وقت لدينا فى كل ما يفرق ولا يوحد ونحن نريد البناء على المشترك، نريد البناء على التكامل فى إطار التنوع.

•••

ننتظر أن نعيش ونعايش 2014 بشكل مختلف، يكفى أن نحاول إحداث تغيير ولو بسيط سيبقى محل فخرنا خير من أن نبقى نحيى ذكريات الموت والألم، من سقطوا سيكونون أكثر سعادة حين نحقق حلمهم ولو بخطوة فى مسيرة التغيير، ننتظر أن نستقبل 2015 ونحن نحتفل برعاية الدولة ونطلق الألعاب النارية كما يفعل العالم كله، لنشارك العالم الفرح، قد يكون مجرد حلم، لا ضير كل المكتسبات تحققت من فكرة أو حلم.

خذوا المناصب والمكاسب واتركوا لنا الحلم والفن والإبداع وسنبنى الوطن.

وسام أبوبكر باسندوه باحثة واكاديمية يمنية
التعليقات