نعم.. لازم نفهم - وسام أبوبكر باسندوه - بوابة الشروق
الأحد 30 يونيو 2024 4:55 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نعم.. لازم نفهم

نشر فى : الجمعة 12 ديسمبر 2014 - 8:00 ص | آخر تحديث : الجمعة 12 ديسمبر 2014 - 9:37 ص

فى مجال التناقضات التى رصدت فى حوار الرئيس اليمنى السابق على عبدالله صالح مع إحدى القنوات الفضائية المصرية (مقالى بالشروق بتاريخ 5 ديسمبر 2014)، نجد صالح يتحدث عن الخطأ الذى وقعت فيه قوى المعسكر الرأسمالى وحلفاؤه من العرب، بالاعتماد على تجنيد جماعات من الشباب المتطرف لقتال السوفييت فى أفغانستان، وكيف ساهمت عودة هذه المجاميع بتخريب أوطانها فيما بعد، وربط بين هذه العملية وبين ما حظيت به جماعة الإخوان المسلمين مؤخرا من دعم دولى باعتبارها من تمثل الإسلام المعتدل، معتبرا القوى الغربية تكرر الخطأ السابق مجددا. ويأتى التناقض من كون الرئيس السابق أحد الذين انتهجوا المنهج ذاته، فى استخدام جموع الشباب المتطرف فى حربه الباردة بداية ضد القيادات الجنوبية باعتبارها من قوى الفكر الاشتراكى الكافر، ومن ثم فى حربه ضد الجنوب فى 94 التى جُيِشَ لها باعتبارها حربا دينية ضد القوى الكافرة.

هذا عدى عن تحالفه على مدى عقود مع جماعة الإخوان المسلمين شركائه فى حرب 94 وما بعدها من عمليات انتخابية، ولم يدب الشقاق مع الجماعة إلا خلال السنوات الأخيرة، بالتالى كان ينبغى على الأقل أن يذكر أنه كان أحد الذين وقعوا فى هذا الخطأ، عند رصده لأخطاء الغير وتوجيه النصح.

•••

واستكمالا لعرض الحقائق التى وقفت على البعض منها فى المقال السابق، والتى من غير المؤكد أنها حقائق جازمة، وإنما تأتى فى مجال ترجيح بعض التكهنات التى تنتشر همسا، فعلى سبيل المثال، اتهم الرئيس السابق الرئيس بن هادى ووزير دفاعه وأجهزتهم بالتعاون مع الحوثيين وتسهيل مهمتهم بالسيطرة على العاصمة والتمدد خارجها، صحيح أن هذه التأكيدات جاءت لنفى الشبهة عن نفسه بالتورط فى هذه المهمة، لكن هذا لا يمنع أنه عزز وجهة النظر الأخرى التى تتحدث عن تورط الرئيس ووزير دفاعه، ولو بالصمت وعدم القيام بدورهم الطبيعى فى الدفاع عن العاصمة.

كما تحدث صالح عن حلفه مع الحوثيين بتحفظ، مما يعطى انطباعا وكأن الحلف سيبقى مؤقتا، حين كشف عن محاولة لاغتياله، وتهريب المتهمين إلى صعدة المعقل الرئيس لجماعة الحوثيين، وإشارته إلى الحصول على وعد من السيد عبدالملك الحوثى بتسليمهم. وبغض النظر عن نص ما قيل، فإن المضمون يشير إلى محاولة اغتيال بتدبير الحوثيين، وإلا لما كان التفاوض يجرى مع السيد شخصيا لتسليمهم. وهنا يظهر بوضوح أننا نتحدث فى غياب الدولة، فكشف المخطط ثم توجيه الإتهام وتحديد الفاعلين يتم من قبل أجهزة الرئيس السابق، وحماية «الجناة» يتم من قبل السيد وأجهزته، وتطبيق القانون أو القصاص يتم بالوعود بين الطرفين فى غياب كامل للدولة وأجهزتها.

•••

ويبقى التصريح الأهم فى الحوار هو رؤية الرئيس السابق لحل الأزمة السياسية فى اليمن، والتى تتلخص بالتوجه لانتخابات رئاسية برلمانية محلية معا، ومن ثم مناقشة كل القضايا الأخرى فى إطار الشرعية الجديدة، كما يعتبرها.

وبالرغم من منطقية وديمقراطية هذا الطرح، فإنه لم تهيأ له الظروف المواتية ليكون ديمقراطيا بما يكفى، فمن الواضح أن النظام السابق ورموزه لم يخضعوا لقانون العزل السياسى، ولم يغيبوا عن المشهد السياسى خلال المرحلة الانتقالية، كما خضعوا لبند الحصانة الذى حجب مساءلتهم ومحاسبتهم ماديا أو معنويا عن مرحلة الحكم السابقة، ووجودهم بالمشهد بحد ذاته زاد من تعقيداته، مما عكس صورة ذهنية لدى العامة بتحميل الثورة مسئولية كل مآسى المرحلة الانتقالية، وبالتالى فإن التوجه لانتخابات يشاركون فيها حاليا ما زال يفتقر لعناصر تكافؤ الفرص، خاصة أن الرئيس السابق ما زال يصرح بعدم رغبته وأولاده وأحفاده فى السلطة، ثم يعود مرة أخرى للحديث عن حقه ونجله فى الترشح، وهو ما يتجاوز مجال التصريح للفعل فالصور والشعارات والأغانى الداعية لذلك تملأ شوارع العاصمة والمحافظات، مما يدلل على استمرار سيطرتهم على المال والنفوذ السياسى بإمكانات قد لا تتوفر لغيرهم.

حل مثل هذا ليكون منطقيا وديمقراطيا بما يكفى، يتطلب شرطين أن تتسلم الدولة كامل سلطتها وأجهزتها وتعود الميليشيات إلى كهوفها، ويتعهد رموز النظام السابق كما رئيس المرحلة الانتقالية بعدم الترشح، ليولد بالفعل نظام جديد وشرعية جديدة.

وسام أبوبكر باسندوه باحثة واكاديمية يمنية
التعليقات