بين إنجازات الثوار فى 33 يومًا وإنجازات النظام فى 33 عامًا - وسام أبوبكر باسندوه - بوابة الشروق
الخميس 4 يوليه 2024 6:15 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

بين إنجازات الثوار فى 33 يومًا وإنجازات النظام فى 33 عامًا

نشر فى : السبت 2 أبريل 2011 - 10:22 ص | آخر تحديث : السبت 2 أبريل 2011 - 10:22 ص

 بعد 33 عاما من الحكم يطالعنا الرئيس اليمنى بتصريح خطير مفاده أن الرغبة فى السلطة ليست من ثقافته، تصريح ينبغى أن يستوقفنا كثيرا خاصة أنه قبل أقل من شهرين كان يبذل جهودا حثيثة لتعديل الدستور بما يضمن له الرئاسة مدى الحياة دون قيد أو شرط، وبالطبع كان يمكن لمثل هذا الطلب أن يمر مرور الكرام بالأمر المباشر، لولا انطلاق قافلة الثورة والحرية من تونس إلى مصر، فعوضا عن أن نشهد فى شهر مارس الجارى المصادقة النهائية على مثل هذه التعديلات المريضة، إذا بالرجل الذى يحتل مرتبة عالمية متقدمة فى مجال تعدد الدورات الرئاسية يزهد فى هذا المنصب أو يدعى ذلك على الأقل.

لقد نجح النظام اليمنى خلال أكثر من 30 عاما فى رسم صورة عن اليمن والشعب اليمنى وتثبيتها فى ذهن العرب والعالم، بأن اليمن هو بلد القات والقاعدة والسلاح والقبائل المتناحرة، وبأن هذا القائد هو الفذ الأوحد الذى يمسك بخيوط اللعبة، فنجح فى تخليد احتقار هذا البلد وشعبه وإثارة مخاوف كل من ينوى منافسته من معارضيه، ناهيك عن إثارة مخاوف دول المنطقة والعالم من الانعكاسات السلبية التى ستعود على الجميع من بعده.

نجح على صالح فى اختطاف الوحدة من شركائه الذين هرولوا إليه، ولا يخفى على أحد أنه لم يسع إليها، بل ولم يقدم أى تنازل فى سبيل تحقيقها كما قدم شركاؤه، وإنما قدمت إليه على طبق من ذهب لم يكن أمامه بالطبع إلا أن يقبلها، وعندما شعر شركاؤه بالغبن، شن عليهم حربا ضروسا، ونجح بشكل أو بآخر فى الفوز أخيرا بالكعكة كاملة، وماذا كانت النتيجة؟ كانت النتيجة أن ظل الإنسان الجنوبى طوال الـ 16 عاما اللاحقة يعامل كمواطن من الدرجة العاشرة، على اعتبار أن اليمنيين جميعا هم مواطنون من الدرجة الثانية، ويشعر بالذل والمهانة ويحرم من ثروات بلاده، وإذا حاول التقدم بمطالبه تلصق به فورا تهم التخوين والانفصال، لقد نجح فى جعل الجنوبيين، كل الجنوبيين الشرفاء، الذين هللوا للوحدة، يصبون لعناتهم عليها ويترحمون على أسوأ أيامهم قبلها، ولم يكتف النظام بذلك بل أمعن فى شحن أبناء الجزء الشمالى بدورهم أيضا ضد الوحدة بادعائه أن ثروات البلاد وخيراته تستنزف لصالح استرضاء الجنوب وأبنائه كذبا وزورا، فعدم توافر الكهرباء سببه الجنوب وشح المياه سببه الجنوب، وكل عجز حكومى سببه استنزاف الجنوب، حتى شعر هؤلاء يقينا بأن الوحدة استنزفتهم وباتت عبئا ثقيلا عليهم.

هذا جزء من كل من النعرات وسياسات التفرقة التى نجح النظام وأعوانه فى إثارتها بين أبناء البلاد مقابل الحفاظ على سيادتهم وسلطتهم، لم يصنع هذا النظام الوحدة إنها أكذوبة، وإنما هو من انقض عليها وخنقها.

نجح النظام الحالى فى خلق بؤرة للقاعدة فى اليمن، قاعدة جديدة خاصة باليمن، ليزيد البلاد والعباد، بل والمنطقة والعالم، خوفا ورعبا من المصير المجهول بعده.

لقد نجح فى وضع اليمن على رأس قائمة الدول الأكثر فسادا وجهلا ومرضا، فالفساد نخر فى مرافق الدولة بصورة لم تعد تحتمل، ويظل النظام يتشدق ببجاحة بالديمقراطية والشفافية.

نجح فى وأد دولة الجمهورية والثورة والوحدة والنظام والقانون وخلق دولة الأسرة من بنيه وبنى إخوته وبنى عمومته. نجح هذا النظام فى جعل اليمنى يعيش ويموت مطأطئ الرأس كارها لوطنه خجلا منه ومن شعبه ومن نفسه.
وعندما تحركت قافلة الثورة والحرية من محطتها الرئيسية فى تونس، كان اليمن راسيا فى محطة الجهل والتخلف والفساد وانهيار الدولة، فمعظم مناطق البلاد كانت خارج نطاق السيطرة، وما الضربات الجوية الأمريكية التى يدعى النظام بفخر أنه من قام بها، إلا أكبر دليل على ذلك، فلو كانت هذه المناطق لا تزال تحت سيطرته وهو يعلم بمثل هذه الدقة التى يدعيها مكان أعضاء القاعدة، فلماذا لم تدخل قواته لاعتقالهم فتجنب المدنيين شر القصف؟ كما أن المناطق الجنوبية وبلا استثناء كانت تطالب بالانفصال وتسير إليه بخطى مهرولة، ناهيك عن تفاقم الأزمة فى محافظة صعدة، والتى باتت هى الأخرى خارج نطاق السيطرة، مع تعالى التحذيرات من المنظمات المعنية بقرب الانهيار التام للاقتصاد اليمنى.

حتى جاءت اللحظة الحاسمة التى أُعلن فيها وبصوت مدو أن بن على هرب، ليخرج إخوتنا من أهالى تعز الثورة للاحتفال من جهة والتظاهر من جهة أخرى، رافعين سقف مطالبهم منذ اللحظة الأولى، ولا يمارى فى ذلك أحد، فقد كان المطلب منذ اللحظة الأولى إسقاط النظام، وسطروا بذلك اسم مدينتهم إلى جانب بوزيد العزة والسويس الباسلة وبنغازى الأبية والمدن العربية الحرة قاطبة، ومن ثم تطورت الاحتجاجات والاعتصامات التى لم تحبس أنفاسها إلا مؤقتا لترقب نتيجة الثورة ودعمها فى مصر عاصمة العروبة، حتى كان النصر حليفها، فانتفضت اليمن عن بكرة أبيها معلنة أن الدور الآن هو دور اليمن وشعبه.. هذا الشعب الذى نجح فى قلب الصورة المغلوطة فى ذهن الغالبية العظمى من الناس وحتى لدى اليمنيين أنفسهم عن ذواتهم، الأمر الذى يدعونا لاستعراض نجاحات الثوار الأحرار..

نجحت الثورة فى رص صفوف أبناء الشعب من شمال البلاد إلى جنوبه تحت شعار وراية واحدة، وأُسقطت كل التوجهات الداعية إلى التقسيم ، فالتوجه الآن إلى تداول السلطة بشكل سلمى ديمقراطى، التوجه الآن إلى العدالة الاجتماعية والحرية والمساواة بين جميع أبناء الشعب، نجحت الثورة فى جعل الوحدة واقعا معاشا وليست مجرد شعار فارغ وبارد ومريض.

نجحت الثورة فى إظهار الصورة الحقيقية للشعب اليمنى المسالم المتطلع للحرية، التواق لغد أفضل، شعب الإيمان والحكمة الذى تخلى عن سلاحه بطيب نفس، هذا السلاح الذى أريد له أن يكون أداة للتمزيق والفتنة والقتل، وأبوا إلا أن يسيروا خلف أهدافهم بسلمية مهما صوبوا من أسلحة إلى قلوبهم ورءوسهم.

نجحت الثورة فى إظهار الصورة الصادقة للقبائل اليمنية الواعية المنضبطة التى تأبى توجيه السلاح إلى أبناء شعبها والسير وراء فرد مهما كانت سلطته، وإنما تصطف مع جموع الشعب وتقوده لتحقيق مطالبه، وتترفع عن المناصب السياسية؛ حيث تعهد قادة القبائل صراحة بعدم السعى لمنصب الرئاسة، وتركه للسياسيين وحكومات التكنوقراط.
نجحت الثورة فى جعل الجميع يتطهر من كل الاصطفافات الضيقة شخصية أو حزبية أو مناطقية، فالجميع اليوم يتطلع لبناء يمن الغد، اليمن الذى يفخر بشعبه الذى ولد اليوم من جديد، والذى يستحق الأفضل بحق.

النداء الأخير لليمنيين: إن قافلة الاغتسال والتطهر قد انطلقت فسارعوا للحاق بها.

وسام أبوبكر باسندوه باحثة واكاديمية يمنية
التعليقات