رسالة اليمن تقييم موضوعى لاجتماع الوفد الأممى - وسام أبوبكر باسندوه - بوابة الشروق
الخميس 4 يوليه 2024 5:45 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

رسالة اليمن تقييم موضوعى لاجتماع الوفد الأممى

نشر فى : الإثنين 4 فبراير 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الإثنين 4 فبراير 2013 - 12:03 م

اقترح علىّ أكثر من صديق تخصيص مقالى للحديث عن زيارة مجلس الأمن التى كانت مرتقبة فى حينه لليمن، وفى كل الحالات لم أرد بالسلب أو بالإيجاب، فقناعتى هى أن الموضوع بهذا القدر من الأهمية التى لا يمكن تجاهلها، لكنى مع ذلك لم أرى من المناسب أن أكتب فقط لمجرد الكتابة، وكأنى انضممت للفريق الإعلامى لمجلس الأمن أو للرئيس وحكومة الوفاق، الذين التقوا جميعا فى الترويج للزيارة باعتبارها فعالية ضمن برنامج تنشيط سياحى، من هنا فقد أرجأت الموضوع لنرى ما تتمخض عنه الاجتماعات، وبالتالى نخضعها للقياس والتحليل الموضوعى.

 

لنعد منذ البداية، حين تبنى مجلس الأمن المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة، ثم أصبح المبعوث الأممى السيد بن عمر الراعى الرسمى لعملية انتقال السلطة فى اليمن. ومؤخرا أُعلِن عن عقد مجلس الأمن الدولى اجتماعه فى العاصمة اليمنية صنعاء لأول مرة من تاريخ جلساته خارج مقره الرئيسى، تلقى البعض ذلك وكأن صنعاء هى نيويورك الحاضر، وكأن القرار يقضى بتحويل صنعاء لدولة المقر الأممى بعد أن شهدت طفره اقتصادية ونهضوية وأمنية غير مسبوقة، الأمر الذى ضاق معه العالم أن يجد مقرا يضاهيها، فقرر أنه لا بد من صنعاء وإن طال السفر. هذه الكلمات التى قد يعتبرها البعض من باب السخرية، بينما اعتبرها من باب الكوميديا السوداء التى تعكس ألما حقيقيا. الجميع يعلم أن مجلس الأمن لا يهتم هكذا بدولة، إلا إذا بلغ الخوف مداه من احتمالات كونها خطرا حقيقيا يهدد السلم والأمن الدوليين، هذه هى الحقيقة ولا داعى أن نخدع أنفسنا بأوهام تمجيدية.

 

•••

 

 

ولنتجنب الإجحاف أيضا، نقول: لا يمكن إنكار أهمية مثل هذا القرار بالنسبة لليمن لعدة اعتبارات، أولا أن المجتمع الدولى وأخيرا بات يتحمل مسئولياته تجاه بلدنا، لا أن يجعله ألعوبة فى يد شخص ينفرد بالتلاعب بأمنه، ويخرج ويعيد الثعابين من مخبئه مثلما كان الحال فى السابق، ومن جهة أخرى يعبر عن احتفاء المجتمع الدولى والتزامه تجاه البلد الذى استطاع أن ينجو حتى الآن محطة اقتتال دموى فى سبيل التغيير وشهد عملية انتقال سلمى للسلطة، ثم الميزة الأكثر أهمية لهذه الزيارة تتلخص بتقديم رسالة إنذار واضحة وعملية لكل الأطراف الداخلية والخارجية، التى تحاول عرقلة الاتفاق أو تراهن على انهياره بأن المجتمع الدولى لن يسمح.

 

ترأس وفد مجلس الأمن الدولى المندوب الدائم لبريطانيا مارك ليال، الرئيس الحالى، بالاشتراك مع مندوب المغرب محمد لوليشكى، ممثلا عن المجموعة العربية، كما تواجد فى صنعاء أيضا الأمين العام لدول مجلس التعاون الخليجى السيد عبداللطيف الزيانى. عُقِدَت الاجتماعات بدار الرئاسة فى ظل إجراءات أمنية مشددة، حيث نشرت قوات الأمن المئات من الجنود والعربات المصفحة وأغلقت الطرقات المؤدية لمجمع الرئاسة، ونُقِل أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر من مطار صنعاء الدولى إلى المجمع الرئاسى بواسطة المروحيات. جيد أن تستطيع الحكومة تأمين ضيوفها الذين هم تحت مسئولياتها لهذا الحد، لكن الأهم بالنسبة لنا هو تأمين المواطن اليمنى وقياداته، الذين باتوا يقضون الواحد تلو الآخر، لكن نحن وبأمانة لا نلوم عليهم فى شىء وهم عاجزون عن حماية أنفسهم، فجلهم مشروع كفن، نعى ذلك بشكل جيد.

 

•••

 

 

وبالتزامن مع تواجد الوفد خرجت المسيرات المنددة بقانون الحصانة المطالبة برفعه عن صالح وأسرته وباستعادة الأموال المنهوبة. كما نظم أنصار الحراك الجنوبى فعالية كبرى بعدن حشدت لها الجماهير من مختلف مناطق الجنوب تحت مسمى «نحن أصحاب القرار»، بهدف إيصال رسالة للوفد الأممى بأن مطالب الحراك تتمثل فى فك الارتباط واستعادة الدولة.

 

غادر الوفد صنعاء ولم يحقق نقطتين أساسيتين كان الشعب اليمنى ينتظرهما تتمثلان، بالكشف بوضوح عن هوية المعرقلين لعملية انتقال السلطة والإعلان عن موعد محدد لانعقاد جلسات الحوار الوطنى، وهذا يدلل على أن الخلافات التى حالت دون تحقيق هذين الإنجازين يبدو أنها أكبر وأكثر تعقيدا من قدرة الوفد على حلها فى جلسات تفاوض خاطفة، وهو أمر مقلق بطبيعة الحال.

 

•••

 

 انفض الاجتماع الذى لم يتجاوز كونه فعالية سياسية كرنفالية نجحت على هذا الصعيد، والأهم أنها نجحت فى تحقيق أهداف المنظمين الدوليين الضمنية بتوجيه رسالة قوية وحاسمة للقوى الخارجية التى تريد أن يكون لها يد طُولى فى اليمن، بأنها خط أحمر.

 

 

 

باحثة واكاديمية يمنية

وسام أبوبكر باسندوه باحثة واكاديمية يمنية
التعليقات