رسائل جمهورية السبعين الشقيقة - وسام أبوبكر باسندوه - بوابة الشروق
الخميس 4 يوليه 2024 6:12 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

رسائل جمهورية السبعين الشقيقة

نشر فى : الإثنين 4 مارس 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الإثنين 4 مارس 2013 - 8:00 ص

جرت العادة أنه حين تستضيف دولة ما على أراضيها لاجئا سياسيا تطلب منه بشكل رسمى أو ضمنى عدم تناول الشأن السياسى لدولته، حتى لا يعرض ذلك العلاقات بين الدول للتوتر، لاسيما إذا كانت العلاقة بين الدولة الطاردة والمستضيفة علاقات جيدة، مما يؤكد أن الاستضافة جاءت لأغراض إنسانية بحتة.

 

والسؤال المطروح بعد أن استضافت جمهورية السبعين الشقيقة رئيس الجمهورية اليمنية السابق على عبدالله صالح، هل لم تتضمن هذه الاستضافة أية شروط؟ على أقل تقدير احترام القواعد فى عدم التدخل فى الشئون الداخلية، ولو على مستوى الخطاب الرسمى.

 

تبادر إلى الذهن هذا السؤال، بالتزامن مع الاحتفالات التى أعلن عن انطلاقها الرئيس السابق والتى سميت باحتفالات يوم الوفاء، فى ذكرى اليوم الذى يعتقد على صالح أنه سلم فيه السلطة للرئيس الحالى، وهو يعتقد أيضا فيما يعتقد أن هذا التسليم كان طوعيا عبر صناديق الاقتراع، وبهذا انتقل الرجل كما يرى هو وأنصاره من كرسى الرئاسة إلى كرسى الزعامة الخالدة.

 

أقيم الاحتفال فى ميدان السبعين الذى شهد فى السابق اجتماعات الحشود المؤيدة للشرعية كما سماها صالح فى حينه، ومما لا يخفى على أحد أن هذه المنطقة لاتزال تحت سيطرتهم بالأمر الواقع. قبل الشروع فى الحفل دُعِى الأنصار للاحتشاد لاكتمال صورة الماضى كما فى أذهانهم، وحين التأم الجمع خطب فيهم الرئيس الزعيم، متناولا الشأن السياسى للجمهورية اليمنية بالتفصيل، ومتناولا بعض الشخصيات السياسية والقوى الإقليمية.

 

حتى لا يزايد علينا أحد، فإن الواضح أن هذا الوصف كله من قبيل التهكم الاستنكارى لكل هذا الخنوع الذى صاحب منح الحصانة دون أية شروط، أقلها ما يفرض على اللاجئ السياسى فما بالك بمن حكم البلاد لعدة عقود وتلاحقه الاتهامات من كل منطقة، بل وصل الأمر ذروته للحد الذى سماه مجلس الأمن مؤخرا بالاسم باعتباره أحد الأشخاص، الذين لايزالون يعوقون تنفيذ المبادرة الخليجية واشتراطاتها فى البلاد، مع ذلك فإن الرجل مصمم على تحدى الجميع، سيقول قائل إنه مواطن يمنى ومن حقه ممارسة العمل السياسى إلى آخر هذه الاسطوانة المكررة لحد الملل، حتى إن مثل هذه العقليات المغيبة عن الواقع، ممن لا يجيدون سوى السباب والتعيير بالأب والأم يجب ألا تستوقف أحدا للتفكير فى النقاش أو الرد.

 

•••

 

 أراد صالح من خلال هذه الخطوة توجيه عدة رسائل، الأولى للقوى السياسية الداخلية من الأنصار والمعارضين على السواء، بأنه موجود ولايزال يملك القوة على الأرض عسكريا وجماهيريا وسياسيا، فى إعلان صريح بأن حزب المؤتمر الشعبى العام هو وفقط، وبالتالى رد على كل من لايزال يراهن على إمكانية تنحيه عن رئاسة الحزب الذى بات الغطاء الأخير له للظهور وممارسة دور سياسى.

 

رسالة أخرى أراد توجيهها للمجتمع الدولى والقوى الإقليمية، تارة بالتعبير عن قوته ووجوده ومدى التأييد الذى مازال يحصده كما يعتقد، وتارة بمغازلة هذه القوى من خلال توجيه الاتهامات وكيل السباب لإيران والتأكيد على وحدة اليمن، وفى اعتقاده على ما يبدو أن هذه القوى جاهلة لكل بصماته ورجالاته بشكل مباشر أو غير مباشر فى كل عمليات التخريب ابتداء بالاغتيالات، مرورا بانتشار مظاهر التسلح وتقسيم المدن واستمرار الانفلات الأمنى، وصولا إلى التلاعب بأوراق الجنوب والقاعدة، بل إن ظهوره هذا بحد ذاته هو محاولة واضحة لإفشال المبادرة. 

 

•••

 

 ومن المهم استقراء الآثار التى خلفها هذا الظهور بهذه العنجهية المفتعلة، فمن جهة ثبت أن الرجل مازال يعيش وزمرته فى خيالات منفصلة عن الواقع، بالإضافة إلى أن هذا المشهد قد استفز شرائح واسعة من الشعب، وأعاد إلى أذهانهم شبح الماضى الذى أرادوا تجاوزه، كما رغبتهم بتجاوز المرحلة الانتقالية للولوج لبناء المستقبل، لكن فى كل مناسبة يعود صالح ليخرج لسانه للجميع، ويصب مزيدا من الزيت على نار أهالى الشهداء وآلام الجرحى.

 

 الحقيقة الأكيدة هى أن معارضى صالح من الثوار لم يستفزهم المشهد كثيرا، فخلافهم بالأساس ليس مع صالح الرجل، بل مع المنظومة التى يمثلها، كما أن قناعتهم بأنه انتهى مهما فعل، ما يستفزهم اليوم أكثر عنجهية بعض القوى المتنفذة فى السلطة السياسية والأجنحة العسكرية والدينية، وجلها من لون واحد، وكل هدفها اجتثاث صالح وحزبه وإحلال رجالتها، لسان حال الثوار يقول: ارحلوا معا.. جميعا.

 

 

 

باحثة وأكاديمية يمنية

وسام أبوبكر باسندوه باحثة واكاديمية يمنية
التعليقات