مقال رئيس الحكومة في الميزان - وسام أبوبكر باسندوه - بوابة الشروق
الخميس 4 يوليه 2024 5:27 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مقال رئيس الحكومة في الميزان

نشر فى : الثلاثاء 4 سبتمبر 2012 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأربعاء 5 سبتمبر 2012 - 12:47 م

أثار المقال الذى نشره دولة رئيس الوزراء محمد سالم باسندوه فى صحيفة الوطن السعودية بعنوان «دور المجتمع الدولى فى إنجاح التسوية السياسية فى اليمن» على حلقتين جدلا واسعا بين مؤيد ومعارض.

 

●●●

 

تناول المقال فى جزئه الأول الإرهاصات المجتمعية والاحتقانات التى كانت الدول العربية قد شهدتها خلال السنوات التى سبقت انطلاقة الثورات، ومن ثم تطرق إلى انطلاقة قطار الثورة بداية من تونس مرورا بمصر حتى وصلت شعلتها إلى اليمن.

 

أما الجزء الثانى من المقال وهو الأهم حيث أشار فيه الرئيس الكاتب إلى التعثر الذى تشهده المرحلة الانتقالية الثانية وفق الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية، موجها أصابع الاتهام بذلك صراحة إلى الرئيس السابق وزمرته، الذين كما يراهم يتعمدون وضع العراقيل أمام حكومته للنهوض بمهامها وتأدية واجباتها بكفاءة، كما أشار دون مواربة إلى الدور المتراخى للدول الراعية للمبادرة فى تحمل مسئولياتها فى الضغط على صالح وما تبقى من نظامه فى تنفيذ التزاماتهم والكف عن العبث بأمن البلاد، وحدد مؤشرات واضحة لتلك التجاوزات. 

 

وختم المقال بدعوة المجتمع الدولى لتحمل مسئولياته تجاه اليمن وإلا فإن البديل سيكون العودة للمسار الثورى «بعد أن أُفرِغت العملية السياسية من مضمونها وأصبحت بلا قيمة تذكر» العبارة الأخيرة اجتزئتها حرفيا كما وردت، حيث يبدو أنها من أكثر الجمل المؤثرة فى طبيعة ردود الأفعال.   

 

●●●

 

كان من الممكن التعامل مع المقال باعتباره مجرد رأى عادى لسياسى اشتهر بكونه كاتب مخضرم سبق ونُشِر له العديد من الكتب والمقالات، لاسيما فيما يتعلق بالشق الأول، لكن وبما أن الشق الثانى تناول بالشرح والتحليل أداء الحكومة التى يتولى الكاتب رئاستها، هنا يكون الوضع قد اختلف كثيرا، فقد كان الأجدر بدولة رئيس الوزراء أن يتوجه إلى الشعب مباشرة بخطاب واضح ومحدد وعبر قنوات الدولة الرسمية، أو أن يعقد مؤتمرا صحفيا بهذا الخصوص يعترف فيه بوضوح أن هناك عجزا فى أداء الحكومة بسبب ظروف خارجة عن إرادته ويفند تلك الأسباب، وهو الأمر الذى يستدعى فى كل الأحوال تقديم الاستقالة، فطالما أنه غير قادر على العمل فى ظل هذه الظروف فلا معنى للاستمرار، وفى هذه الحالة تكون الاستقالة هى استقالة الشجعان، وليعود حينها إلى صفوف الثوار، بحيث لا يكون الأمر مجرد تهديد الغرض منه استدرار عطف الدول الراعية والضغط عليها كما فسره البعض.

 

كنا ولا نزال نعتقد أن المجتمع الدولى حابى صالح وزمرته بدلال من نوع خاص، حيث كان بالإمكان الضغط عليه ليغادر المشهد السياسى اليمنى مع إجبار رجالاته على الامتثال لقرارات الرئيس المنتخب والوفاء بالتزاماتهم التى نصت عليها المبادرة، وهو مالم يحدث، وبذلك وجد هؤلاء لهم مرتعا للتطاول والتمادى أكثر وافتعال المزيد من التخريب، كل هذا الأمور تجاوزت مرحلة التكهنات وأصبحت حقيقة يسلم بها الجميع، لكن أن يصدر هذا الكلام من رجل دولة مسئول نعول عليه جميعا لإيجاد المخرج والحل هنا تكون الإشكالية الحقيقية، فقد كان من الضرورى ارتباط مثل هذه التصريحات بتقديم البديل العملى، لا مجرد التلويح والاكتفاء بالكلام نظريا.   

 

صحيح أن الرجل تحمل المسئولية بشجاعة فى مرحلة حرجة أحجم عنها العديد من القيادات، لكن هذا لا يعنى أن يبقى الأستاذ يدفع وحده الثمن ويتلقى سهام النقد، بينما يتوارى الآخرون خلفه، أين شركائه فى تيار اللقاء المشترك وتحضيرية الحوار؟ ولماذ هم ليسوا على نفس الغضبة التى يستشعرها رئيس الوزراء بسبب الأوضاع المزرية التى تعمل بها الحكومة؟

 

●●●

 

يمكن إجمال الانتقادات التى وجهت للمقال فى نقطتين:

 

ــ الأول يتعلق بفكرة نشر المقال من الأساس سواء لعدم استخدامه القنوات الرسمية للدولة وهو ما ذهبت إليه، بيما هناك من لا يجد غضاضة فى فكرة المقال لكن الاعتراض لكونه نشر فى جريدة عربية غير محلية، فى حين يدافع البعض عن ذلك بالاستناد لكون المستهدفين من المقال تحديدا هم الدول الراعية للمبادرة والتى تعد المملكة الدولة الأهم فيها، وحتى مع افتراض ذلك فإن هذا يثير إشكالية أخرى، أى وكأن رئيس الحكومة يعترف بأن شرعيته والنظام الجديد ككل مستمدة مما منحته لهم الدول الراعية للمبادرة وليس الشعب ولذا فهو معنى بهم أكثر، حتى وإن كان هو لم يقصد ذلك، فلم يكن هناك من حاجة لترك الباب مفتوحا للتكهنات فى مثل هذه المرحلة الحرجة التى ينبغى أن تكون كل خطوة فيها مدروسة بعناية.    

 

ــ الثانى يتعلق باستنكار الفكرة التى لوح بها الرئيس من العودة للمسار الثورى والاعتراف بفشل العملية السياسية، والعجيب أن تصدر هذه الانتقادات من رموز للثورة الشبابية صدعونا ليلا نهارا بالحديث عن الحسم الثورى والنضال وحصدوا فى هذا المجال الجوائز والاحترام المحلى الدولى، اليوم باتوا يتحدثون عن تعطيل كلام رئيس الحكومة للمنح التى كان من الممكن أن تحصل عليها اليمن لولا هذه التصريحات التى سترعب المانحين، هؤلاء الرموز الذين كانوا يرفعون شعار ضرورة إغلاق باب الهبات والاستجداء وتعويض نقص الخزينة باسترجاع أموالنا المنهوبة.

 

إذن ما الذى تغير هل هو التزام بمواقف حزبية لشركاء رئيس الوزراء الذين يبدو أنهم الآن يريدون نفض أيديهم عنه! أم أن هناك أشياء أخرى استجدت بحيث باتت فكرة العودة للمسار الثورى ترعبهم؟

 

●●●

 

مقال رئيس الوزراء له ماله وعليه ما عليه تماما كما هو حال ناقديه، والتشابه مع رئيس الوزراء فى الاسم لا يعنى تطابق المواقف هذا ما حاولت قوله خلال الأسطر السابقة، أما الحديث عن أداء الحكومة الهزيل فلا معنى له بعد اعتراف المسئول الأول فيها صراحة بذلك، وإن كانت مسئولية هذا الفشل يتشارك فيها معه الجميع ولا بد أن يتحملوها معا.

 

كلمة أخيرة: رسالة لرئيس الوزراء كما تحملت المسئولية بشجاعة.. الاستقالة اليوم لا تقل وطنية سواء رفضوها أم قبلوها.. تاريخ نضالى طويل خضته سينسى جله وستبقى الأمور تحسب بخواتيمها. 

وسام أبوبكر باسندوه باحثة واكاديمية يمنية
التعليقات