آفة حارتنا الفساد - وسام أبوبكر باسندوه - بوابة الشروق
الخميس 4 يوليه 2024 6:09 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

آفة حارتنا الفساد

نشر فى : الإثنين 10 يونيو 2013 - 9:25 ص | آخر تحديث : الإثنين 10 يونيو 2013 - 9:25 ص

لا شىء يهين كرامة الإنسان ويكسر ظهره ويحمله من الموبقات ما لا يحتمل مثلما يفعل الفقر والعوز، وفى اليمن الدولة التى تأتى فى المرتبة رقم ١٥١ من بين ١٧٧ دولة على مؤشر التنمية البشرية، تتجاوز نسبة الفقر الـ٥٠٪، وتبقى الأرقام المتعلقة بالأوضاع الاقتصادية والفقر مرعبة ومخيفة لا داعى لاستعراضها كلها هنا، المهم أن هناك مشكلة هائلة فى التوزيع، وهنا مربط الفرس، حيث يستحوذ ٢٪ من اليمنيين على٨٠٪ من الدخل، بينما يصنف ٩٨٪ من السكان بين فئة المتوسط والضعيف.

 

••• 

 

إن تعاطى من فى السلطة مع قضية الفقر وكأنه أمر واقع، وكأن هذا البلد وشعبه ولد فقيرا وسيبقى هكذا إلى ما لا نهاية، بينما يتوقف دورهم على محاولات الاستجداء وبسط اليدين بالتسول، وكثر الله خيرهم.

 

البلد ليس فقيرا كما حاول النظام السابق أن يوهمنا كثيرا، وها هم الحكام الجدد يتوارثون سره اليوم فى تعاملهم، بينما يتحاكون بقدرات وإمكانات الوطن فى الخطب فقط لزوم الدعاية، تماما كما كان يفعل، لا نحتاج لدعايتكم تلك، فهذا الوطن كبير وليس فقيرا سواء بموارده المادية أو البشرية، البلد منهوب وفقط، وأى محاولة للتعاطى مع هذه الكارثة دون علاج أسبابها هو استمرار لمسلسل الاستجداء  المستسهل الذى رهن إرادتنا وقرارنا للخارج ولايزال.

 

السبب فى ذكر كل هذا اليوم هو التذكير بقضية الفساد والمحسوبية التى هى أم المشكلات، والتى يبدو أن أحدا لا يريد أن يواجهها بعد الثورة بل على العكس فأساطين الفساد قبل الثورة هم ذاتهم بعدها، فاسدوكم قبل الثورة فاسدوكم بعدها بالأسماء ذاتها بالوجوه عينها ولا جديد.

 

يعانى اليمن من ضعف كفاءة القيادات فى مؤسسات الدولة، نتيجة الوساطات والمجاملات والمحسوبيات، حيث يعين ذوى الولاء والقرابة عوضا عن ذوى الكفاءة، بالإضافة إلى توريث المناصب من قمة الهرم إلى أصغر وظيفة حكومية وكل واحد حسب إمكاناته.

 

والواضح أن هؤلاء المقربين يخضعون للحماية من أية رقابة على تصرفاتهم المخلة بالنزاهة ونهب المال العام، كما أن عدم محاسبة كل من عبث بمقدرات الدولة طوال العقود الماضية، قد شجع بلا جدال من كان لا يزال موجودا منهم على الاستمرار، بينما حفز الجدد على استغلال فرصتهم أيضا.

 

هذا الفساد هو سبب الفقر فى اليمن وكل ما يعانيه البلد وشعبه من بطالة ويأس وفوضى وتغول على مؤسسات الدولة وعنف على كل المستويات وتطرف وإرهاب هو انعكاس لحالة الفقر هذه.

 

•••

 

البلد يفخر أنه خارج من ثورة طالبت بالتغيير، فلا نجد شيئا تغير، وما أبشع صور الحكام الجدد ومنهم من أسرع بتعيين أفراد أسرته من أولاد وأحفاد فى المناصب على عجل، وآخرون أرهقوا الكاميرات بصورهم وهم يتنقلون برفقة أولادهم وأحفادهم فى الحل والترحال، وكأنهم أولياء العهد المنتظرين، بأمانة بدأتم من حيث انتهى على صالح الذى فعلها ربما بعد أن ثبت حكمه على مدى عقود، ألهذه الدرجة كنتم تستعجلون؟

 

كل أسرة تتضور جوعا، وكل قرية تفتقر للتعليم والصحة، كل ما تعانيه البلد من أزمات فى الماء والكهرباء كل مواطن يشعر بالقهر والذل، كل مغترب يعانى المهانة هو يدفع ثمن رحلات أسركم وحقائب يد نسائكم الفاخرة وسيارات أبنائكم الفارهة، سارعوا لتسديد مديونياتكم فالشعب الجائع للخبز والكرامة لن يرحم أحدا.

 

وسام أبوبكر باسندوه باحثة واكاديمية يمنية
التعليقات