اليوم الموعود فى الشهر المشهود - وسام أبوبكر باسندوه - بوابة الشروق
الخميس 4 يوليه 2024 6:25 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

اليوم الموعود فى الشهر المشهود

نشر فى : الإثنين 11 مارس 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الإثنين 11 مارس 2013 - 8:00 ص

تأجل انطلاق مؤتمر الحوار الوطنى من يوم لآخر ومن شهر لآخر، حتى ظن الكثير بأنه لن ينعقد، قبل أن يحدد فى الثامن عشر من شهر مارس الجارى، دائما ما كان يُعزَى هذا التأخير لأسباب موضوعية تتعلق بالتمهيد وتهيئة كل ما يمكن من الظروف لإنجاح الحوار، خاصة وأن هناك الكثير من القوى وضعت اشتراطات للحضور، صحيح أن الرئاسة اتخذت بعض الإجراءات المشهود لها بهذا الصدد، لكنها تظل غير كافية.

 

 الواضح أن قرار البدء فى الحوار قد اتُخِذ، وكان لتحديد الموعد ردة فعل قوية لدى البعض ممن كانوا لا ينوون المقاطعة، وإنما ارتبط تأخرهم ومماطلتهم بأهداف تتعلق بالمناورة لتحقيق أكبر مكاسب قبل سحب الكرسى والجلوس على الطاولة، لذا فهم رأوا فى تحديد الموعد رسالة واضحة بأن الحوار سينعقد بمن حضر، وعلى من لم يحضر السلام، فأسرعوا يلملمون أنفسهم ويرتبون قوائمهم على عجل.

 

أما من كان لديهم رؤية مبدئية من الحوار فقد بقوا على مواقفهم، كما هو حال البعض من أهم رموز شباب الثورة، الذين أعلنوا مقاطعتهم، منهم من فعل ذلك لأسباب تتعلق بالرفض المبدئى للمبادرة الخليجية وكل ما ينبثق عنها باعتبار هذا الحوار أحد إفرازاتها، ليس هذا وحسب، بل زاد عليه أنهم لم يروا من القرارات على مدى العام المنصرم على أقل تقدير ما يبشرهم بأن أهدافهم الثورية فى طور التحقق، بل رأوا فى المشهد استكمالا لنفس الوجوه والرموز القديمة التى عافوها، وها هى اليوم تعود من جديد لتنسج مستقبل اليمن وتقرر مصيره. تيار آخر من الشباب أعلن المقاطعة بسبب ضعف التمثيل الشبابى، فالمقاعد التى منحت للشباب ضئيلة ولا تقارن بالوصف الممنوح للثورة بأنها شبابية، الأمر الذى دعا الكثير من الرموز للتضامن معهم فى إعلان المقاطعة.

 

•••

 

النظرة الأفقية للحوار والتجهيز له تعطى دلالات بأن كل العوامل تهيء لنجاحه، حيث يحظى بتأييد ودعم عربى ودولى وتلويح بمساعدات مالية من هنا وهناك، ويتم تحت رعاية قيادة سياسية حشد لها الدعم الداخلى والخارجى، كما أن القيادات المشاركة جلها لها ارتباطات وعلاقات راسخة بالقوى الخارجية الداعمة للحوار بشكل أو بآخر، ولا يمكن بأى حال من الأحوال إغفال أثر هذه العلاقة. ومن جهة أخرى لا يمكن إنكار أنه ولأول مره ستشارك شرائح مختلفة من المجتمع بالإضافة إلى قوى المجتمع المدنى إلى جانب القوى والرموز التقليدية، صحيح أن تمثيل هذه القوى النسائية والشبابية والمدنية محلا لبعض التحفظات، لكن تبقى خطوة تاريخية ومهمة، فالجميع هنا سيشترك للتباحث فى رسم وصناعة شكل ومستقبل الوطن بشكل عام، لا للتباحث حول أزمة معينة، أو التفاوض بين قيادات سياسية لاحتواء نزاع كما جرت العادة.

 

النظرة العمودية ترينا أن هناك الكثير من الارتباك فى تشكيلة الحوار، فالكثير من القوى الفاعلة على الأرض لن تشارك، شباب الثورة فصائل مهمة ومؤثرة فى الحراك الجنوبى، إن لم يكن الفصيل الأبرز، القاعدة مثلا قوى ورموز دينية وغيرهم، وبالتالى فكل هذه القوى غير ملزمة أو ملتزمة بما سيتمخض عنه الحوار من نتائج، حتى وإن تقرر فرض النتائج بالقوة على الجميع، فما الجديد فى ذلك؟ سنعود للحلول الأمنية التى لم تجدِ نفعا، سيبقى هذا التساؤل مطروحا على المجتمعين، علهم يجدوا له مخرجا لائقا.

 

•••

 

هناك العديد من النقاط المضيئة التى لن نقفز عليها بأى حال، لكن فى الوقت ذاته لا يمكن تجاوز مناخ التشكك وعدم الثقة الذى طبعته كل التجارب السابقة، المعادلة بين الكفتين مهمة، الأهم أن قياس فشل أو نجاح الحوار سيتوقف على تشخيص حقيقة المأمول منه، فمن يرى فيه عصا سحرية لحل كل مشكلات اليمن المعقدة والمتفاقمة، بالتأكيد سيصاب بخيبة أمل قوية، نبشره بذلك من الآن، أما من وعى بشكل جيد أن الهدف هو التباحث حول أسس وقواعد بناء اليمن الجديد، متمثلا بوضع دستور يتوافق عليه الجميع وقوانين انتخاب عادلة، قد يكون نصيبه من الصدمة والإحباط أقل حظا من سابقه، لكنه وارد أيضا، فالتحدى صعبا ومفصليا.

 

 

 

باحثة وأكاديمية يمنية

وسام أبوبكر باسندوه باحثة واكاديمية يمنية
التعليقات