انتخابات 21 فبراير.. الفرص والتحديات - وسام أبوبكر باسندوه - بوابة الشروق
الخميس 4 يوليه 2024 6:29 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

انتخابات 21 فبراير.. الفرص والتحديات

نشر فى : الأحد 12 فبراير 2012 - 8:30 ص | آخر تحديث : الأحد 12 فبراير 2012 - 8:30 ص

اضطررنا جميعا أو لنقل معظمنا للتسليم بالمبادرة الخليجية كأمر واقع للخروج من نفق الاقتتال والحرب التى كاد على صالح وزمرته يُدخلون البلاد فيها، ومن ضمن بنود هذه المبادرة الوصول ليوم 21 فبراير، الذى سيشهد الانتخابات الرئاسية بمرشح وحيد هو نائب الرئيس بن هادى، ومعظمنا لا يكاد يفهم ما جدوى هذه الانتخابات إذا كانت نتيجتها معروفة مسبقا، ولماذا يطلقون عليها انتخابات أصلا وهى أقرب للاستفتاء الذى كنا قد تجاوزناه فى ظل الحكم الديكتاتورى ودخلنا فى مرحلة الانتخابات الرئاسية التعددية، بل إنها لا ترقى حتى لقواعد الاستفتاء، فهل جاءت الثورة لتنقلنا إلى الأمام أم لتعيدنا إلى الخلف؟

 

كثر الجدل حول هذه القضية فالمؤيدون يحتجون بقضية الشرعية فهم يريدون أن يقطعوا على صالح الحجة التى طالما تبجح بها، وهى أنه وصل عبر صناديق الاقتراع ولن يغادر إلا عبرها، وبالتالى هم يريدون إضفاء هذه الصفة على بن هادى بأى ثمن، حتى يستطيع أن يمضى فى جهوده، فيما يرى الطرف الآخر أنهم يسيرون على هوى صالح فى كل ما أراد ومن ذلك رغبته فى التأكيد على أنه وصل عبر انتخابات نزيهة، فى حين لا يعترف المعارضون بنزاهتها أصلا، كما أنها تظهر وكأن الرجل غادر وفق قواعد اللعبة الديمقراطية بينما الحقيقة أنه تم خلعه بثورة شعبية، كل ما يهم الرجل الإبقاء على تلميع صورته حتى وإن كان يعرف أن ذلك يجافى الحقيقة تماما كما كان يوزع القبلات على المحتجين خارج مقر إقامته فى أمريكا وهم يرشقونه بالتهم والأحذية ليظهر الأمر وكأنهم مجموعة من المعجبين، فهل مجرد تحقيق أوهام ورغبات صالح تستدعى إنفاق المليارات على انتخابات معروف نتائجها مسبقا، فى حين تعانى البلاد عجزا اقتصاديا متفاقما، إن لم يكن انهيار اقتصاديا تاما.

 

ومع ذلك تسير الاستعدادات للعملية الانتخابية التى تكتنفها العديد من التحديات، فقد أعلنت جماعة الحوثى عن مقاطعة الانتخابات وهددت باستهداف أى لجان انتخابية ستقام فى مناطقها، وتعالت أصوات شباب الحراك الجنوبى السلمى للتنديد بالعملية الانتخابية برمتها وبات من المؤكد أمر مقاطعتهم للانتخابات قبل أن تعلن القيادة الجنوبية المؤقتة المنبثقة عن المؤتمر الجنوبى الأول فى القاهرة رسميا عن مقاطعة الانتخابات، استنادا إلى تهميش القضية الجنوبية فى المبادرة الخليجية وعدم أخذها بعين الاعتبار، وبذلك فإن الغالبية العظمى من القوى الجنوبية متفقة على المقاطعة رغم تعدد توجهاتها فى القضايا الأخرى، وبرغم كل الأصوات التى تهون من هذا الأمر وتدعى أنها تستطيع أن تضمن مشاركة بعض القوى الجنوبية، فإن هذا التساهل والتهوين يضر بالوحدة اليمنية التى يظنون أنهم يخدمونها، لأن أى انتخابات ستعقد فى ظل مقاطعة جنوبية واسعة تُعد بمثابة استفتاء ضمنى على انفصال الجنوب، هذه الجزئية لا يمكن الاستمرار فى تجاهلها إلى ما لا نهاية.

 

أما الخطر الأكبر الذى يستهدف الانتخابات ويزعزع الثقة فى حكومة الوفاق الوطنى فهو ما يتردد عن عودة صالح قبل إجراء الانتخابات للمشاركة فيها، بداية تم الإعلان أن صالح سيسافر لتلقى العلاج قبل أن يُعلن هو أنه بخير وسيغادر فقط ليتيح الفرصة للعملية الانتخابية، ثم عاد ليعلن بالتزامن مع تعرقل التصويت على قانون الحصانة بأنه سيقود العملية الانتخابية لنائبه وكأنه لا يفهم أن الرجل مطروح بصفته مرشحا للتوافق وليس ممثلا لحزبه، وهو التصريح الذى فسره البعض بأنه يهدف للضغط على المعارضة من أجل تمرير قانون الحصانة، وبعد المغادرة أعلن صالح بأنه سيعود لينصب بن هادى رئيسا، الأمر الذى قوبل بالتجاهل قبل أن يأتى التصريح الأخير الصادم بأنه سيعود ليشارك فى الانتخابات، وهنا يكمن الخطر ففى عودة صالح استفزاز حتى للقوى الوطنية التى قبلت بفكرة إجراء الانتخابات برغم كل ما يكتنفها من تجاوزات دستورية وقانونية تماما كما قبلت قانون الحصانة على مضض كل ذلك من أجل قطع الطريق على صالح فما بالك بشباب الثورة وأهالى الشهداء والجرحى.

 

إن موقف أحزاب اللقاء المشترك وقوى المعارضة المتحالفة معها وحكومة الوفاق والدول الراعية للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية أصبح غير مفهوم ولا مبرر فإذا كانوا سيستمرون بهذا الضعف أمام صالح وحماقاته فإن الاتفاقية وما تلاها لم يعد لها أى معنى، فالرجل ما زال يفعل كل ما أراد، والأهم أنه قادر على إحراج القوى الوطنية فى الحكومة أمام قواعدها.

 

إنها الفرصة الأخيرة لتثبت الحكومة مدى قوتها وقدرتها على التحدى والمواجهة، وكذلك هى الأخيرة بالنسبة للقوى الإقليمية والدولية الراعية للاتفاق لتثبت مدى جديتها وهل تمتلك بالفعل الضمانات الكافية لإنجاح الاتفاقية والضغط على صالح أما أنها لا تملك سوى الضغط على المعارضة فقط. أما وإن عاد صالح كما فعلها من قبل فإن الاتفاقية والانتخابات ستبقيان على المحك والأوضاع كلها ستكون مهددة بالانفجار.

وسام أبوبكر باسندوه باحثة واكاديمية يمنية
التعليقات