اليمن.. من المحسوبية إلى المحزوبية - وسام أبوبكر باسندوه - بوابة الشروق
الخميس 4 يوليه 2024 6:38 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

اليمن.. من المحسوبية إلى المحزوبية

نشر فى : الإثنين 13 مايو 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الإثنين 13 مايو 2013 - 8:00 ص

فى لحظة تاريخية ما لا يمكن للناس إلا أن ينتفضوا فى وجه الظلم والطغيان والاستبداد، حين يجاوز الظالمون كل مدى، لاسيما فى غياب العدالة فى التوزيع وانعدام الفرص، ثم تتحول هذه الانتفاضة إلى ثورة عارمة، وفى يمننا قبل الثورة كان كل ذلك متفشيا وأكثر، من أعلى الهرم حتى أصغر قطاع فى أقل دائرة، إذ تبقى الفرص مقصورة على الموثوق بولائهم وبرائهم من أهل الثقة والحظوة.

 

فحين نتحدث عن توريث أسرة صالح وتعيينهم فى الوظائف فوق العادية فإن ذلك تشخيص فقط لهذه الحالة ولا نعنيهم بأشخاصهم تبقى شخصنة الأمور خارج نطاق اهتماماتنا دائما، ومن هنا فقد كان بعض المقهورين قادرين من حين لآخر على إيجاد الفرص لهم ولأبنائهم من خلال إبداء هذا النوع من الولاء، أو بدفع ما يتعارف عليه باليمن «حق القات» من فوق الطاولة، إذ إنه من المجحف القول إن مثل هذا الأمر يتم فى السر مثلا، وهكذا كانت الأمور تسير، بخلاف الصحيح نعم، بتجاوز لآدمية الإنسان وكفاءته صحيح، لكن الأهم من كل ذلك ما يتضمنه هذا الأمر من قتل للإبداع والمنافسة الحقيقية مما ينعكس على المستوى القومى بشكل عام.

 

●●●

 

قامت الثورة واعتقدنا أن كل هذا سيصبح من الماضى الذى سنظل نتذكر أيامه بالقليل من الأسى والكثير من الضحك بعد أن نكون تخلصنا من كل عقده وقيوده، عزز هذا الشعور الحركة التظاهرية التى اتجهت مباشرة إلى مؤسسات الدولة مطالبة بتطهيرها من الفساد والمفسدين وقد كانت حركة واسعة وعلى مستوى المحافظات، وهنا تنبغى الإشارة إلى أن هذا الحراك كان يضم معسكرين، أحدهما مخلص حقيقى لديه رغبة بالفعل للتطهير الذى ينشده الجميع لتحل محله الأسس السليمة فى التعيين وفق الكفاءة، لكن هناك أيضا طرفا آخر كل همه التخلص من كل ما هو منسوب لعلى صالح ليس بصفته النظام القديم الفاسد الذى أرادوا الخلاص من براثنه، وإنما لأنهم كانوا يحسدونهم على الانفراد بكل هذا الفساد من دونهم وكم ودوا وحلموا لو شاركوهم.

 

كل أهدافهم تلخصت فى الخلاص من سطوة الحرس القديم ليخلو لهم وجه مؤسسات الدولة ويرثوها هم ورجالاتهم فيقومون بعملية إحلال لقياداتهم غير الكفء عوضا عن سابقيهم فيعيثوا فسادا مثلما عاث من قبلهم وأكثر وهو من وجهة نظرهم حلال عليهم حرام على غيرهم، كيف لا وهم يعتقدون أنهم الورثة الشرعيون إن لم يكونوا يرون فى أنفسهم الملاك الأصليين لهذه البلاد.

 

●●●

 

فى البداية غلفوا هذه العملية بغلاف راقٍ تحت مسمى المحاصصة الحزبية فى توزيع المناصب الوزارية وعلى هذا الأساس تشكلت الحكومة ثار السؤال طيب لم لا تكون حكومة كفاءات وتكنوقراط والبلد يحتاج فى هذه المرحلة أكثر ما يحتاج للكفاءات؟ كانت الحجة فتش عن الاتفاقية إنها المبادرة وشروطها القرآنية المنزلة الملزمة، وإذا بنا فجأة نجد أن هذا هو التوجه المعتمد فى كل تعيين فى كل قطاع ودائرة، فى كل مدرسة وجامعة وسفارة ومستشفى، ووجدنا تغولا فى توزيع المناصب بنفس المعيار بالتراضى والاتفاق بين الأحزاب حينا وفى أحيان أخرى يتقدم الحزب ذو الذراع الطولى واللسان الأسلط وهكذا وخالص تحياتنا وأشواقنا لمعيار الكفاءة.

 

 حتى إن كل من حاول التصدى لمثل هذا التوجه من بعض المحافظين أو الإداريين بالقيام باتباع المعايير السليمة للتوظيف بعقد امتحانات نزيهة وتوفير فرص متساوية لتقدم الجميع قوبل بالويل والثبور وهب أنصار الرجعية بكل قوة للتصدى لهم، المشكلة أن المواطن المقهور اليوم حتى بعد أن يبيع كل ما يملك ليدفع «حق القات» لم يعد الأمر ليجدى نفعا، ولو أقسم على الولاء والطاعة وأن يكون عينا وأذنا، لا مجال الآن إلا لمن ثبت ولاءه من قبل، إنه زمن الانتماء الحزبى الذى أغلقوا أبوابه اليوم ومن راحت عليه خلاص، فاته القطار.

 

 إما الثورة على الفساد ورجالاته أو الركوع إلى ما لا نهاية.

 

 

 

باحثة وأكاديمية يمنية  

وسام أبوبكر باسندوه باحثة واكاديمية يمنية
التعليقات