فى حلبة الملاكمة - وسام أبوبكر باسندوه - بوابة الشروق
الخميس 4 يوليه 2024 5:27 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فى حلبة الملاكمة

نشر فى : الإثنين 14 يناير 2013 - 8:50 ص | آخر تحديث : الإثنين 14 يناير 2013 - 8:50 ص

بعد مرور ما يقرب العام من عمر الثورة اليمنية يمكن للمشاهد المتأمل أن يرى المشهد السياسى فى البلاد وكأنه يرقب مباراة فى حلبة للملاكمة رئيس يسدد اللكمات على استحياء، ثم ينتظر ليقرأ ردة فعل الخصم، يسارع الخصم فى تسديد اللكمات المستميتة  تباعا لإنقاذ موقفه والحفاظ على وقوفه على قدميه ما استطاع، وتستمر المباراة.

 

أو لنقل أننا فى لعبة للشطرنج، يحاول كل طرف استعمال حيله وذكائه للانقضاض على الآخر، الأمثلة كثر وأى مثال يدخل فى دائرة اللعب والتحدى والمقامرة جائز، الشىء الوحيد الذى لا يمكن قبوله أننا نتحدث عن دولة ولدت من رحم ثورة، خرج شبابها من الجنسين يحلمون بالمستقبل وبدولة المؤسسات وبالحرية وتكافؤ الفرص.

 

كان الحاكم السابق ورجالاته يتحدثون عن مؤسسات ودستور وشفافية وديمقراطية وتمكين للمرأة وغيرها من الأمور الشكلية التى كنا نحلم بتحويلها إلى واقع، مقابل الحقيقة التى كانت معروفة للجميع بأن البلاد تحت سيطرة سلطات وتحالفات أخرى ما أنزل الله بها من سلطان، مع ذلك يبقى الوضع اليوم أشد قبحا مع الأسف، لا لأن ما مضى كان أجمل بل لسقوط كل الأقنعة وكأن لسان حالهم يقول: «هذا الواقع ولو عاجبكم».

 

•••

 

 السلطات تخضع بشكل سافر للأقوى، بالإضافة طبعا إلى عصى الدين الغليظة التى من خلالها يأمرون فيطاعون، ومن يعترض يشرع فى وجهة مباشرة سيف التكفير والخروج من الملة، هكذا بمنتهى البساطة. أما سلطات الدولة الحقيقية فهى قزم صغير فى مواجهة مارد عملاق، يتحدث المسئولون والوزراء بصوت لا يكاد يسمع، حتى بتنا بحاجة للقول: ارفع صوتك يا سيد أنت الوزير أو الرئيس أنت من تمثل الدولة، بينما يتحدث الطرف الآخر بصوت كالرعد يسمع دويه فى كل مكان، يستوى فى ذلك من بقى على موقفه من مساندة النظام السابق حتى آخر لحظه أو من أعلن انضمامه للثورة للحفاظ على مصالحه، وفى أحسن الحالات إعادة توزيع للمناصب وفق المحاصصة الحزبية، فلا كفاءة رأينا ولا عدالة فى التوزيع.

 

خلال الأسطر السابقة عبرت عن قراءتى لمواقف الرئيس الأخيرة فى استمرار إعادة هيكلة الجيش واستبعاد القادة المتنفذين، هذه القرارات والتى هى بحق صائبة، إلا أنها لا تستحق كل هذا الطبل، يفسر البعض هذا الحماس بأننا نسير ببطء لكن بثقة. لكن برأيى أن منطق الدولة خلاف ذلك، وأنها قد تأخرت كثيرا، مما سمح للقيادات المستبعدة بالتجذر أكثر حتى اقتنعت أن هذا من حقها. منذ اللحظة الأولى كان واجب من انضموا للثوة من عسكريين، إما أن يثبتوا صدق نواياهم بالانخراط فى صفوف الجيش الوطنى تحت قيادة رئيس أعلى وحيد للقوات المسلحة، كما هو حال الدول، أو يعلنوا أنهم سيبقون على دولة المليشيات والقبيلة.

 

•••

 

مضطرة كى أشارك الفرح أن افقد الذاكرة فأنسى أن هذا الوصف البطولى والتغزل بمكارم القائد الجديد وشجاعته وحكمته هى ما سبق أن حولت الرؤساء السابقين إلى أنصاف آلهة. مضطرة أن افقد الذاكرة حتى انسى أن الموصوف هو نائب الرئيس السابق وبالتالى أقرب شريك لكل ما يستنكروه اليوم، صحيح أننا ارتضينا بهذا الحل لكن احترموا عقولنا قليلا وكفوا عن المبالغات المقززة، احتاج أن أنسى أن معظم القيادات المحسوبة على الثورة هم من سدنة النظام المخلوع، وهم اليوم من يكتبون ويملأون الدنيا بالحديث عن عصر الفساد الذى لطالما غرفوا منه، اتذكر وجوهم جيدا لا أستطيع أن انساها.

 

أهم ما فى قرارات الرئيس أنها اسقطت ورقة التوت، ومن المتوقع أن تعود خارطة التحالفات القديمة من جديد بعد ان قرأوا فيما يبدو أن من المهم استبعادهم جميعا من مشهد اليمن الجديد، وهذا ما لن يقبلوا به.

 

نفس الوجوه والأصوات حاضرة وتتقاسم كل شىء،  ويبقى الغائب لديهم مصلحة الوطن، الذى يكافح شبابه لاستمرار واستكمال الثورة، كم يحب وطنهم هؤلاء الشباب رغم أنهم لم يحصلوا منه على أى مما يقدمه وطن لأبنائه! ربما لأنهم يعلمون جيدا من الذين حال دون ذلك. محاولات الشباب المستمرة وصمودهم هو ما يجدد باستمرار الأمل رغم الظلمة التى يحاولون نسجها من حولنا. 

وسام أبوبكر باسندوه باحثة واكاديمية يمنية
التعليقات