هيئة لتحصيل الديون المستحقة للدولة - عيد أحمد البيومى - بوابة الشروق
الأربعاء 25 سبتمبر 2024 1:34 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هيئة لتحصيل الديون المستحقة للدولة

نشر فى : الإثنين 16 أبريل 2012 - 8:00 ص | آخر تحديث : الإثنين 16 أبريل 2012 - 8:00 ص

قامت ثورة 25 يناير سنة 2011 على أسباب التف حولها الشعب كله حتى تحقق ما كان يصبو إليه وهو إسقاط النظام والثورة المصرية شأنها كشأن الثورات لابد وأن تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على الاقتصاد المصرى حيث توقفت حركة السياحة أحد روافد الدخل القومى للبلاد وكذلك توقف التصدير والاستيراد وتوقف جانب كبير من المشاريع الاستثمارية فضلا عن تأثر عجلة الإنتاج مما كان له أكبر الأثر على قلة الضرائب والجمارك بوصفهما أهم ركائز الدخل القومى ولم ينجوا من تأثير الثورة على الأمور لاقتصادية فى مصر إلا مورد وحيد من موارد الدخل القومى وهو إيرادات هيئة قناة السويس.

 

وإزاء هذه الظروف الاقتصادية الصعبة التى تمر بها مصر بعد قيام الثورة التى جاءت مواكبة لأزمات الاقتصاد العالمى التى تهدد أكبر اقتصاديات العالم الأمر الذى وضع بعض البلاد على شفا الإفلاس وانتهاء بانخفاض الاحتياطى النقدى فى البنك المركزى كل هذه الأمور اتجهت بالبلاد نحو الاقتراض من البنك الدولى بوصفه حلا وحيدا ليضاف دين جديد إلى دين الدولة يعرف مقدراه القاضى والدانى.

 

●●●

 

ويثور السؤال إذا كنا جميعا نعلم مقدار دين الدولة فهل نحن جميعا أيضا نعلم رصيد الدولة الدائن ومقدار الديون المستحقة للدولة؟ هذا السؤال لم يطرأ على ذهن الكثير منا حتى المتخصصين فى الأمور الاقتصادية. والإجابة بالطبع لا.

 

ويرجع السبب فى ذلك إلى عدم وجود جهاز إحصائى لحصر هذه الديون المستحقة للدولة فضلا عن عدم وجود جهة فاعلة يناط بها الإشراف على جميع إدارات التحصيل الموجودة لجميع الوزارات والهيئات العامة والمصالح والشركات القابضة لترقى بأسلوب الإدارة فى هذه الإدارات المهمة التى مازالت تدار بأساليب بالية فيكفى للقائمين على هذه الإدارات أن وجدت أصلا أن تحصل على تحريات الشرطة التى تفيد بعدم الاستدلال عن شخص المدين أو ممتلكاته ليكون كفيلا لضياع الدين ظنا منهم أن ورقة التحريات هذه تمثل حمايتهم ودرء المسئولية عنهم.

 

أما وأن الثورة قد قامت للقضاء على هذه الأفكار والأساليب البالية فإنه من المناسب الآن النظر فى إنشاء جهة أيا كان مسماها تتولى تحصيل الديون المستحقة للدولة ويكون سبيلها فى ذلك هو الإشراف على جميع إدارات التحصيل فى الوزارات والهيئات العامة والمصالح والشركات القابضة وهو اختصاص يتشابه مع اختصاص وزارة التنمية الإدارية والجهاز المركزى للتنظيم والإدارة بالنسبة لإدارات شئون العاملين فى الوزارات والمصالح الحكومية والهيئات العامة.

 

وبالإضافة إلى اختصاص هذه الجهة المتمثلة فى الإشراف على إدارات التحصيل لها إصدار التعليمات والكتب الدورية لهذه الجهات لمساعدتها فى استيداء هذه الديون مثل كيفية مخاطبة محاكم الاستئناف للتقرير بما فى الذمة فى حالة الحجز تحت يد البنوك والعمل على إنشاء إدارة مركزية تنشئ بها قاعدة بيانات عن جميع الديون المستحقة للدولة يتم فيها تصنيف المدينين وتتلقى إحصائيات شهرية من كل إدارة من إدارات التحصيل التى تشرف عليها مبينا فيها قيمة ما تم تحصيله ومقارنتها بإجمالى مستحقات هذه الإدارات ومتابعة المستحقات التى يخشى من سقوطها بالتقادم وإيجاد أساليب جديدة للتحرى عن مكان وممتلكات المدينين بعيدا عن التحريات الأمنية.

 

●●●

 

وقبل أن ننتقل إلى إظهار أهمية وجود مثل هذه الجهة نود أن نبين إن إنشاء مثل هذه الجهة لم يكن جديدا كأسلوب جديد فى استيداء مستحقات الدولة المتأخرة فقد كانت وزارة العدل سباقة فى الشأن وذلك بقيامها بإنشاء قطاع المطالبات القضائية للإشراف على استيداء الديون المستحقة للدولة كرسوم قضائية والذى يعد من أهم قطاعات وزارة العدل إذ قام بفضل القائمين على إدارته إلى زيادة حصيلة المبالغ المستحقة للدولة المتأخرة كرسوم قضائية نظرا إليه الجميع كإعجاز وليس انجازا.

 

فرصيد الدولة الدائن من الرسوم القضائية المتأخرة بلغ قبل إنشاء القطاع أواخر سنة 2007 مليارى جنيه كانت نسبة التحصيل قبل إنشاء هذا القطاع اثنى عشر مليونا سنويا للرسوم القضائية بنوعيها النسبى والخدمات وبعد إنشاء القطاع بلغت حصيلة الرسوم النسبية فقط أربعين مليون جنيه وبلغت حصيلة رسوم الخدمات أكثر من عشرين مليون جنيه شهريا وليس سنويا وهذه الأرقام موثقة لدى قطاع المطالبات القضائية بوزارة العدل.

 

فإذا كانت هذه الطفرة فى التحصيل بالنسبة لهذا القطاع الصغير فإن الحال سوف يكون أفضل إذا تم تعميم هذه التجربة الرائدة على جميع إدارات التحصيل فى الدولة وحتى نستطيع إظهار أهمية وجود هذه الجهة لابد وان نقدم أمثلة عملية لندلل على هذه الأهمية ونظرا لعدم وجود قاعدة بيانات نستطيع بموجبها إبراز أهمية هذه الجهة فإن السعى الشخصى يظهر بعض الأمثلة.

 

فإذا نظرنا مثلا إلى وزارة الزراعة نجد أن بها أهم هيئتين فى الدولة هما هيئة التعمير والتنمية الزراعية والهيئة العامة للإصلاح الزراعى.

 

فالأولى رصيدها الدائن المتأخر أكثر من مليارى جنيه حصيلة بيع الاراضى الخاضعة لولايتها بخلاف المستحقات المالية الأخرى المتعلقة بالا راضى التى تم تحويلها من أراض زراعية إلى أراضى بناء تقدر بعشرات بل بمئات المليارات مثل الاراضى الواقعة على طريق مصر الإسكندرية الصحراوى وأرض العياط والتى قامت الشركة صاحبة الأرض ببيع ثلاثة آلاف فدان كأرض مبان بالخالقة للقانون والعقد المبرم بينها وبين الهيئة.

 

أما الثانية وهى الهيئة للإصلاح الزراعى فرصيدها الدائن أكثر من مليارى جنيه حصيلة بيع الأراضى الخاضعة لولايتها منها أكثر من ربع مليار مستحق على نادى سموحة حصيلة بيع الأرض الكائن عليها النادى البالغ مساحتها 149 فدانا والغريب أن النادى ممتنع عن سداد هذه المديونية فى الوقت الذى تصل قيمة اشتراك العضوية فيه زهاء مائة ألف جنيه!!!

 

وهنا زهاء خمسين مليون جنيه مستحقة على جمعية نقل الركاب بالإسكندرية بفتوى صادرة من مجلس الدولة ولم تتخذ الإجراءات لاستيداء هذا المبلغ وترجع مشكلة التحصيل فى هاتين الهيئتين إلى عدم وجود إدارة للتحصيل وإن وجدت فإنها تدار بأساليب بالية مما كان له أكبر الأثر فى تراكم هذه الديون المستحقة للدولة.

 

أما عن الديون المستحقة لبعض الوزارات فهناك وزارة الإسكان لها مستحقات مالية تصل إلى ربع مليار جنيه لدى مكتب بيع الأسمنت تحت التصفية وزهاء خمسين مليون جنيه لدى شركة الدلتا للحديد والصلب.

 

وهذا راجع أيضا إلى عدم وجود آلية فاعلة لاستيداء هذه المستحقات المتأخرة فى الوقت الذى تكون الدولة فى أشد الحاجة إليها.

 

●●●

 

إن من شأن إنشاء مثل هذه الجهة إيجاد آليه فاعلة لاستيداء مستحقات الدولة المتأخرة وحماية هذه الأموال من عبث القائمين على تحصيلها والعمل على إيجاد الحلول القانونية خشية سقوط هذه المستحقات بالتقادم.

 

ونشير أخيرا إن القائمين على إدارة هذه الجهة ليسوا بجباة لأنهم سوف يقدمون الحلول القانونية للمدنيين المتعثرين بحيث لا تؤثر على استمرار مشاريعهم

عيد أحمد البيومى رئيس إدارة المطالبات بمحكمة جنوب القاهرة
التعليقات