نشرت صحيفة الحرية مقالا للدكتور عادل عامر ــ خبير القانون العام ومستشار التحكيم الدولى ــ يقول فيه إن المشرعين الأمريكيين، ينتهكون ميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولى انتهاكا صارخا، ويخلون إخلالا جسيما بمبادئ العلاقات الدولية وأعرافها، ويهددون حقوق الدول فى السيادة الوطنية، ويعتبر أن هذا المشروع منح دولا بعينها مميزات لا يستحقونها تميزهم عن باقى دول وشعوب العالم. فاستهداف وتشويه سمعة دول صديقة للولايات المتحدة من شأنه أن يضعف هذه الجهود ولا يتعين الخلط بين الأفعال المنسوبة إلى أشخاص معزولين وبين مسئولية الدول.
إن فرض القانون ضد الدولة نفسها ظلم، فمن العدالة أن توجه الاتهامات إلى الأفراد وأن يتحملوا مسئولية تعويض الضحايا، ولكن القانون بهذا الشكل قد تستخدمه الدول الكبيرة وتقاضى الدول الصغيرة.
إن النظم لا يصح أن تتحمل المسئولية الجنائية مباشرة. منذ فترة تحاول الولايات المتحدة عدم توجيه اتهام للسعودية، فوزن السعودية الاستراتيجى لم يعد كما كان لدى أمريكا، كما أن الأصوات التى كانت متحفظة فى السابق على توجيه اتهامات للسعودية قلت، ومن المحتمل أن الإدارة الأمريكية ممثلة فى الرئيس قد تعترض على هذا القانون، ولكن من العدالة أن يُنصف الضحايا، والمجرم لا يجب أن يفلت من العقوبة سواء دولة أو أفراد ولكن من يقاضَوا هنا هم الأفراد وليس الدول. ويتساءل عامر كيف يصدر هذا التشريع الآن وبعد خمسة عشر عاما كاملة من أحداث 11 سبتمبر، أهى حمى الانتخابات الأمريكية الوشيكة سواء على المستوى الرئاسى أو البرلمانى؟
***
يضيف عامر أن إصدار مثل هذا القانون سيمثل تهديدا لاستقرار النظام الدولى وسيكون له أضرار اقتصادية عالمية كبيرة، ويحمل بواعث للفوضى وعدم الاستقرار فى التعاملات الدولية، ويأمل الكاتب ألا تعتمد الولايات المتحدة الأمريكية هذا التشريع الذى سيعطى للدول الأخرى الفرصة لإصدار قوانين مشابهة مما سيؤثر سلبا على الجهود الدولية لمحاربة الإرهاب، فالعقوبات يجب أن توجه للأفراد مرتكبى تلك الأفعال وليس لدولهم.
إن مثل هذه القوانين ستؤثر سلبا على الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب. لأن هذا القانون يتضمن أحكاما لا تتوافق مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة أو مع القواعد المستقرة فى القانون الدولى، كما أنه لا يستند إلى أى أساس فى الأعراف الدولية أو القواعد المُستقرة للعلاقات بين الدول ولا تُقر، تحت أى ذريعة، فرض قانون داخلى لدولة على دول أخرى.
ويأمل عامر بألا تعتمد السلطات التشريعية الأمريكية هذا التشريع الذى سيفتح الباب على مصراعيه للدول الأخرى، لإصدار قوانين مشابهة، ما سيؤثر سلبا على الجهود الدولية لمحاربة الإرهاب، ويُخل إخلالا جسيما بمبادئ دولية راسخة قائمة على أسس المساواة السيادية، والحصانة السيادية للدول، وهو ما استقر العمل بموجبه فى جميع التعاملات الدولية، منذ تأسيس الأمم المتحدة، ما سينعكس سلبا على التعاملات الدولية، ويحمل فى طياته بواعث للفوضى، وعدم الاستقرار فى العلاقات بين الدول، وسيعيد النظام الدولى للوراء، كما سيجد فيه التطرف المحاصر فكريا ذريعة جديدة للتغرير بأهدافه».
***
ويستطرد الكاتب قائلا إن قانون (العدالة ضد رعاة الإرهاب) هو التشريع الجديد الذى صوتت عليه اللجان المختصة فى الكونجرس أولا، ثم مر يوم الثلاثاء فى مجلس الشيوخ، ومن المقرر تمريره فى مجلس النواب قريبا وبسهولة، كما يتوقع المشرعون فى واشنطن.
إن ما يُثير الانتباه هو أن الحزبين الجمهورى والديمقراطى متفقان على القانون، ما يعنى سهولة تشريعه واعتماده كقانون، على الرّغم من مخاوف الرئيس أوباما من هذا القانون، وقد عبر عن ذلك بتلميحه بعدم توقيعه، ليكون نافذا وقد يستخدم حق النقض الفيتو.
إذا لم يوقعه الرئيس، فليس فى الأمر ضير، فسيترك المهمة لخلفه، كما حدث فى قانون (تحرير العراق)، عندما رفض الرئيس الأمريكى الأسبق (كلينتون) توقيعه، ليُوقّعهُ خلفه (بوش الابن)، ليُسقِط نظام صدام والعراق أيضا. أمّا إذا استخدم الفيتو لرده، فسيعود القانون إلى الكونجرس، لتمريره بأغلبية الثلثين، وعندها سيسقط نقض الرئيس له. المشرعون من كلا الحزبين مطمئنون على أن الكونجرس سيمرر القانون بالنسبة التى يحتاجها.
كما سيسمح القانون: أولا؛ بنشر الصفحات السريّة من التقرير الخاص بشأن هجمات سبتمبر عام ٢٠٠١ والذى صدر فى عام ٢٠٠٤ والتى فيها اتهامات صريحة بتورط نظام القبيلة الفاسد بالهجمات الإرهابيّة.
ثانيا؛ بقبول القضاء الأمريكى للدعاوى الجنائية التى سيرفعها ضحايا الإرهاب ضد السعودية، وبذلك سيقع الطلاق بين الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية.
برأيى، فإن القانون لن يقف عند واشنطن، وإنّما سيتمدد أثره، ليشمل كل الدول التى تعرّضت إلى هجمات إرهابيّة مماثلة لهجمات سبتمبر.
ويختتم الكاتب بأن قانون العدالة ضد رُعاة الإرهاب، الذى أصدره الكونجرس الأمريكى لا يتعدى حدود الدولة التى صدر فيها، إن أى تشريع فى أى دولة لا يستطيع أن يتخطى حدودها؛ لأن القانون الدولى هو الأسمى والأعلى. ومنذ الثمانينيات تعتبر المملكة من أكبر عشر دول فى العالم تكافح وتسعى لاجتثاث الإرهاب ولازالت تكافحه حتى الآن.