الحصانة للوطن - وسام أبوبكر باسندوه - بوابة الشروق
الخميس 4 يوليه 2024 6:26 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الحصانة للوطن

نشر فى : الأربعاء 18 يناير 2012 - 9:25 ص | آخر تحديث : الأربعاء 18 يناير 2012 - 9:25 ص

على مدى الأيام الماضية كان قانون الحصانة مالئ الدنيا وشاغل الناس فى اليمن، خاصة بعدما أقرت حكومة الوفاق مسودته النهائية وفق ما نص عليه اتفاق نقل السلطة، وبموجب هذا القانون يمنح صالح وأعوانه الحصانة من الملاحقة القضائية، ولا يزال القانون يثير الجدل داخل البرلمان مما جعل جلسة المصادقة عليه تؤجل من يوم لآخر، هذا عدا المسيرات والمظاهرات التى تجوب البلاد شرقا وغربا مطالبة بخضوع صالح وزمرته للمحاسبة والعقاب.

 

لم يكن البند المتعلق بالحصانة خافيا على أحد منذ الإعلان عن المبادرة الخليجية بنسختها النهائية، صحيح أن الثوار فى الساحات كان لهم موقف مبدأى رافض للتسويات السياسية والضمانات، وهنا ينبغى الاعتراف بأنه لولا صمود الشباب الأسطورى وارتفاع سقف مطالبهم لما كنا وصلنا إلى ما وصلنا إليه.

 

لكن على الصعيد العملى لم يُقدم بديلاً حقيقياً يحقق أهداف الثورة دون الدخول فى أتون الحرب والفوضى التى كان النظام يدفع البلاد باتجاهها، وبالتالى غدت المبادرة الخليجية واقعا يجب التعامل معه بإيجابية، حيث إن أى تنصل من التزاماتها الآن يعنى تقديم فرصة تاريخية لصالح وزمرته لنسف الاتفاق والعودة إلى نقطة الصفر.

 

هذا لا يعنى تجاهل أن القانون بالصورة التى قُدم بها للبرلمان يعانى إشكالية قانونية حقيقية بل يتجاوز حدود المنطق والمعقول، فهو لا يقتصر على الانتهاكات التى وقعت إبان الثورة فحسب بل يمتد لطيلة حكم صالح البالغة 33 عاما، كما أنه لا يحدد الأشخاص المشمولين بالحصانة بل يجعله مفتوحا لكل من عمل مع صالح طوال فترة حكمه من أعلى الهرم إلى قاعدته بل يمتد ليشمل الجرائم الجنائية إلى جانب السياسية، مجموعة اشتراطات تخرجه من صفة القانون إلى اللاقانون، وكما تسرب من قبل بعض قادة المعارضة فإن بند الحصانة لم يكن على هذا النحو حين طرح فى المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية.

 

ومع ذلك فإن القانون سواء نص أم لم ينص صراحة على عدم تقلد المشمولين بالحصانة أى منصب سياسى خلال الفترة القادمة، فإنه عمليا سيقود إلى ذلك، لأنهم وإن تحصنوا فيما مضى من انتهاكات فلن تمتد الحصانة لما هو آت وهؤلاء الأشخاص لا يمكن أن يعملوا خارج منظومة الفساد والإجرام، كما أنهم على يقين بأن هذا القانون وإن كان ملزما للجهات القضائية فهو لن يحقق لهم كامل الحماية، وبالتالى سيبقون دائما متوجسين وستضيق عليهم جنبات اليمن بما رحبت.

 

من هنا فإنه برغم كل العورات التى يعانيها قانون الحصانة والتى كنا نرغب بالطبع ألا نضطر إليه، إلا أن الوطن يستحق من التضحيات ما هو أكثر، لقد قُدمت خلال الأشهر الماضية الدماء من أجل التغيير وتحقيق أهداف الثورة التى لم يكن من ضمنها الانتقام، كما أن الشعب الذى خرج للساحات خرج فى ثورة ولم يخرج للقصاص والثأر.. الثوار تحملوا القتل والتعذيب والانتهاكات والاستفزازات ولم ينجروا للعنف ولم يرفعوا السلاح وحافظوا على الثورة سلمية بيضاء، الأخطار المحدقة بالوطن كبيرة ولا يزال أمامنا الكثير فى معركة البناء، فلماذا ننشغل بأشخاص قد انتهوا وباتوا يستجدون العفو، لقد ارتضينا خلال الـ30 عاما مرغمين أن يتحكم شخص بمقدرات البلاد وتاريخه وحاضره، وها نحن نشترى اليوم مستقبل الوطن بإرادتنا بعبارة واحدة.. اذهبوا فأنتم الطلقاء.. قارب الثورة يصارع موجة صالح الأخيرة للعبور وبناء اليمن الجديد.

وسام أبوبكر باسندوه باحثة واكاديمية يمنية
التعليقات