المعارضة اليمنية .. فرصة تاريخية ودور مأزوم - وسام أبوبكر باسندوه - بوابة الشروق
الخميس 4 يوليه 2024 6:21 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

المعارضة اليمنية .. فرصة تاريخية ودور مأزوم

نشر فى : الخميس 21 أبريل 2011 - 10:24 ص | آخر تحديث : الخميس 21 أبريل 2011 - 10:24 ص

 منذ انطلاق الثورة اليمنية والنظام يتعاطى معها على أنها مجرد صراع سياسى مع خصومه، كل حديثه ومبادراته توجه للمعارضة، كما أن كل سبابه ولعناته تنصب عليها أيضا، هو لا يرى فى الشارع، الذى انتفض وتحرك سوى مجموعة من الرعاع المضللين، الذين تقودهم وتحركهم قوى المعارضة لخدمة مصالحها، فى الوقت الذى يتناقض النظام مع نفسه مجددا حين يطالبها بعدم التسلق على ظهور الشباب وركوب الموجة.

عندما تذكر المعارضة فى اليمن ينصرف الذهن تلقائيا لدى العارفين بالشأن اليمنى إلى تكتل اللقاء المشترك باعتباره القوة الأكثر تأثيرا ونفوذا فى الساحة اليمنية. تأسس اللقاء عام2003، ويضم سبعة أحزاب رئيسية، أهمها التجمع اليمنى للإصلاح، والحزب الاشتراكى اليمنى، والتنظيم الوحدوى الشعبى الناصرى، وحزب البعث العربى الاشتراكى، تلتقى جميعها حول هدف واحد، وهو معارضة نظام الرئيس على عبدالله صالح. ويمثل التكتل برلمانيا عبر 85 مقعدا من أصل 301، إلا أن هذه المشاركة البرلمانية معلقة منذ ديسمبر الماضى، احتجاجا على إصرار الرئيس على تمرير التعديلات الدستورية، التى تسمح له بالترشح مدى الحياة.

ولا تخلو الساحة اليمنية من قوى معارضة أخرى لها فعاليتها ودورها، وإن لم تكن ممثلة رسميا كجماعة الحوثيين التى تنشط فى محافظة صعدة، وهى جماعة من أنصار المذهب الزيدى، يتهمها النظام بالتحول إلى المذهب الجعفرى الاثنى عشرى وتلقى دعم وتمويل من إيران وحزب الله، بالرغم من نفى الجماعة المتكرر لمثل هذه الاتهامات. بالإضافة إلى ما يعرف بقوى الحراك الجنوبى الناشط فى جنوب اليمن،وهو تكتل يجمع قوى وفصائل جنوبية، أبرزها المجلس الأعلى للحراك السلمى لتحرير الجنوب، والهيئة الوطنية العليا لاستقلال الجنوب، والمجلس الوطنى الأعلى لتحرير واستعادة دولة الجنوب. كان الحراك قد بدأ نشاطه فى مطلع 2007 كحركة مقاومة للتهميش والإقصـــــــــــــاء، الذى يشكو منه الجنوبيون عبر مقاومة مدنية تطالب بحق تقرير المصير وفك الارتباط بدولة الوحدة.

وبشكل عام يمكن القول إن قوى المعارضة اليمنية هى قوى فاعلة ومؤثرة وتتمتع بقاعدة شعبية عريضة، فهى ليست مجرد أحزاب صورية لتجميل وتزيين الحياة السياسية للنظام وإظهاره بمظهر ديمقراطى، فلطالما استطاعت هذه القوى أن تقض مضجع النظام، وإن كان يعيبها ضيق الأفق السياسى ومحدودية الطموح، وكأنها تعمل ولسان حالها يقول: «لا أمل»، الأمر الذى ربما يفسر قبولها بالفتات، واقتصار عملها على تضييق قدرات النظام فى تخاذ قرارته بأريحية ليس إلا بالرغم من كون النظام بقى دائما قادرا على تنفيذ ما يريده فى النهاية.

ومع اندلاع شرارة الثورة جاءت مواقف هذه القوى متباينة نسبيا فى البداية، قبل أن تعود لتلقى مجددا بعد جمعة صنعاء الدامية يوم 18 مارس، إذ مثلت هذه المذبحة التى راح ضحيتها أكثر من خمسين شهيدا، نقطة تحول فارقة بالفعل، ففى حين كان للحوثيين موقف مبدأى ثابت تمثل بالانضمام لصفوف الثوار، جاء انضمام تكتل اللقاء المشترك متأخرا، فقد اكتفى موقفهم الأولى بالتأكيد على حق الشعب فى التعبير عن رأيه بحرية وسلمية، مع الدعوة إلى الحوار مع النظام لتغيير منهجه لا إسقاطه، قبل أن يعلن عن تغير هذا الموقف رسميا على لسان قيادات من اللقاء أثناء زيارتهم لساحة التظاهر والاعتصام بعد الجمعة الدامية، مؤكدين دعمهم الصريح للمتظاهرين متبنين مطلبهم الرئيسى بإسقاط النظام.

أما قوى الحراك الجنوبى فقد اتفقت معظم قياداتها على أن الهدف المرحلى الآن هو إسقاط النظام، والذى برحيله ربما سيحل جانب كبير من المشكلات الجنوبية، فى حين تصر فصائل أخرى على عدم خلط الأوراق باعتبار أن قضية الجنوب أمرا مستقلا، ولكن الغلبة فى نهاية المطاف يبدو أنها حسمت للاتجاه الأول، كما يبدو جليا من اتجاه الشارع فى المدن والمحافظات الجنوبية لرفع العلم اليمنى الموحد والتماهى فى شعار الثورة الرئيس» الشعب يريد إسقاط النظام» مع اختفاء الشعارات الأخرى المطالبة بالانفصال.

ومؤخرا وقعت المعارضة الرسمية البرلمانية الأكبر المتمثلة بتكتل اللقاء المشترك فى إشكالية أزمت من وضعها فى مواجهة شباب الثورة وقوى المعارضة الأخرى، حين تقدمت بمبادرة لحل الأزمة تتضمن أن يعلن الرئيس صالح تنحيه عن منصبه ونقل سلطاته لنائبه. فهى بهذه المبادرة، كما يرى البعض ترد على مطلب الرئيس لها مرارا وتكرارا بالتقدم برؤية للحل، مما يعنى أنها لا تزال ترى إمكانية التعاطى مع النظام بخلاف الشارع، كما أن فى هذه المبادرة قفز على بعض مطالب الثورة الرئيسية المتمثلة بإسقاط النظام الحالى وعزل جميع المقربين من الرئيس وأسرته من المراكز القيادية فى المؤسسات العسكرية والمدنية، ووفق ما تسرب إعلاميا من أن استبعاد هذا المطلب، جاء استجابة لضغوط أمريكية كونهم أى رموز الأسرة هم المتعاونون معها فى قضية الحرب على الإرهاب، الأمر الذى لم يرد عليه التكتل بعد بالنفى أو الإيجاب. وإن صح، فهذا يعنى أن المعارضة الرسمية لم يصلها هى أيضا نداء الشعب بعد ولم تفهمه جيدا، الشعب يريد إقامة دولة مدنية مستقلة تمتلك السيادة فى قرارها وتكون شريكا فاعلا فى الحرب على الإرهاب لتحقيق أمن الوطن دون ارتهان ذلك بإرادة شخص.

ناهيك عن أن قوى المعارضة ككل، لم تحدد حتى الآن موقفها من تصريح الرئيس لإحدى القنوات الفضائية العربية بأنه سيستمر فى احتفاظه بمنصبه كرئيس لحزب المؤتمر الشعبى العام حتى وإن غادر كرسى الرئاسة، مما يعنى استمرار العمل من خلف الستار، أى أن كل حديث عن التنحى والتنازل عن السلطات سيبقى صوريا فقط.

المعارضة اليمنية الوطنية رسمية وغير رسمية مطالبة اليوم بالتأكيد للداخل قبل الخارج بأنها محل ثقة وقادرة على قيادة المرحلة ومحصنة ضد الالتفاف عليها من قبل النظام من خلال:

< التعبير عن مطالب الشعب كل مطالبه وعدم التفريط أو التنازل عن أى منها.

< الترفع عن الدخول فى أى حوار أو تفاوض مع النظام لا سيما ما يتعلق بنقل السلطة لأن المطلب هو رحيل النظام بكل مكوناته.

< القيام بدور إعلامى ودبلوماسى حقيقى لدعم الثورة داخليا وخارجيا وإبراز القدرة على قيادة المرحلة الانتقالية والاستمرار فى الحرب على الارهاب بشكل حقيقى وليس مجرد استخدام القضية كفزاعة للمنطقة والعالم كما فعل النظام.

< إبراز الجرائم الوحشية التى يمارسها النظام يوميا ضد المعتصمين سلميا.

< التجهيز لحوار وطنى حقيقى يضم جميع القوى الوطنية الفاعلة وفتح الملفات الساخنة والشائكة، وعلى رأسها قضايا الحوثيين والجنوب وما يطرح من حماية القبائل لبعض أبنائها المتهمين بالانتماء للقاعدة، والبحث فى ضرورة قيام دولة مدنية حقيقية.

الفرصة التاريخية لقوى المعارضة مجتمعة للتعبير عن صدق نواياها وولائها لهذا البلد ولشعبه والخروج من دائرة التشكيك والاتهام.

وسام أبوبكر باسندوه باحثة واكاديمية يمنية
التعليقات