احذروا.. رفعت الساحات ولم تطوَ الصحف - وسام أبوبكر باسندوه - بوابة الشروق
الخميس 4 يوليه 2024 5:25 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

احذروا.. رفعت الساحات ولم تطوَ الصحف

نشر فى : الإثنين 22 أبريل 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الإثنين 22 أبريل 2013 - 8:00 ص

أصدرت اللجنة التنظيمية لشباب الثورة قرارا بتعليق أشكال العمل الثورى فى الساحات والميادين، والتوجيه بإخلاء ساحات الاعتصامات ورفع الخيام من الشوارع التى كانت تسيطر عليها فى كل من العاصمة صنعاء وبقية المحافظات اليمنية، وإيقاف الاعتصامات الجماهيرية فى أيام الجمعة، ابتداء من جمعة 19 ابريل 2013. بررت اللجنة هذا القرار بالنصر الذى تحقق بإنجاز الهدف الذى خرجت الثورة من أجله وهو إسقاط نظام صالح، كما أكدت على تركيزها خلال المرحلة اللاحقة فى الرقابة على استكمال أهداف الثورة، ملوحة بإمكانية العودة للاعتصامات والمظاهرات مجددا حال النكوص بتحقيق الأهداف.

 

●●●

 

أثار القرار كالعادة ضجة ما بين مؤيد ومعارض، وهنا من الضرورى أن نميز بين القرار بحد ذاته، وبين اللجنة التى أصدرته، والخلط بين الأمرين برأيى هو الذى أدى لاختلاف وجهات النظر بهذا الشكل. المعارضون للقرار يصبون جام غضبهم فى حقيقة الأمر على اللجنة، التى يشككون فيها منذ البداية، حتى إن بعض رموز الثورة المحتجين اليوم كان عضوا بها لفترة قبل أن ينسحب، لقناعته بوجود تجاوزات فى عملها والكثير من علامات الاستفهام حول نشأتها وتوجهاتها.

 

اتُهِمت اللجنة فى بدايتها بأنها واجهة لأحزاب اللقاء المشترك لفرض السيطرة على الساحات الثورية، وما نجم عن ذلك من القبول بالمبادرة الخليجية وانتهاج النهج السياسى دون أخذ آراء المستقلين من رموز الثورة بعين الاعتبار، ومن ثم المضى فى تسمية الجمع وتسيير المسيرات بما يخدم هذه الأهداف بعيدا عن الأهداف الثورية، هذا قبل أن تبتعد اللجنة أكثر وأكثر عن التكتل الحزبى المشترك، لتصبح تعبيرا واضحا عن لون حزبى محدد، تتوجه بتوجيهاته وتنفذ أجندته. اشتدت الاتهامات فى مرحلة لاحقة، لاسيما بعد زوال الخطر الذى كان يخوف البعض من شق الصفوف بينما لايزال صالح فى السلطة، وبخروجه من صدارة المشهد الرسمى أصبح الوضع أكثر بحبوحة ووجهت اتهامات صريحة للجنة بالابتعاد عن متابعة أهداف الثورة، وإهمال قضية الجرحى والشهداء والمخفيين قسريا، واختزال دورها فى التعبير عن أحد جناحى صراع القبيلة الحمراء والحزب التابع لها فى مواجهة صالح، إن لم تكن هى بالأساس أداة صنعت خصيصا لهذا الغرض. طالت اللجنة أيضا اتهامات بالفساد فيما يتعلق بالأموال التى خصصت لعلاج الجرحى، ورعاية الشهداء والتى لم تصل لمستحقيها حتى الآن، وكذلك أموال المستشفى الميدانى وغيرها.

 

اتفهم كل هذه الاتهامات وأكثر، لكن ما دخل ذلك والاعتراض على القبول بقرارها برفع الاعتصامات؟ إذا كنا منذ البداية نشكك بجدوى وجودها أصلا، ويكفى اعتراف اللجنة بأنها حققت النصر بتنحية صالح، وبالطبع ما كان باقيا من خطر يهدد القيادات المحركة لها بوجود بقايا الأسرة الصالحية مسيطرة على مفاصل الجيش، وبالقرارات الرئاسية الأخيرة انتهى الأمر بالنسبة لها وزال الخطر، وبالتالى انتهت مهمتها، هذا اعتراف واضح من اللجنة لا يقبل اللبس بحقيقة أهدافها.

 

●●●

 

لكن تأييد القرار ضرورى من عدة أوجه، أولا: إن هذه الاعتصامات والمسيرات التى كانت تنظمها اللجنة نجحت بالفعل فى امتهان كل معنى ومفهوم للثورة والتظاهر والاعتصام والمليونية، حتى باتت مجرد فلكلور يومى لا طعم له ولا معنى، وبالتالى فإن فى رحيلها خير كبير. ثانيا: إذا كان المحتجون على اللجنة يعترضون لما أسلفت من أسباب، فلم الاعتراض على القرار، وقد حان وقتكم اليوم ليتبين الخيط الابيض من الخيط الأسود، أى الثائر الحقيقى المستقل والآخر المسير وفق أهداف وأجندات حزبية. ثالثا: منذ متى كانت المسيرات والاعتصامات مفتوحة بلا نهاية ولا سقف زمنى يحكمها؟ إنها بهذا الشكل ليست سوى الفوضى وفقط، كما لا أعتقد أن منظر الساحات التى باتت مجرد أماكن للافتراش فى العاصمة والمدن الأخرى ترضى أحدا، خاصة وأنها باتت بلا معنى، وإنما محلا للتندر وتشويه الثورة، ناهيك عما تسببه من إشكاليات أمنية.

 

تقتضى الموضوعية ألا ننكر الاعتراف بحقيقة الخدمة التى قدمتها اللجنة ومن يقف وراءها فى مجال التغيير، فلولا توازن القوى الذى قدموه، والاستمرار فى الساحات كل هذه الأشهر، ربما لما مُنى اليمن برحيل من قد رحل، لكن الوقت حان برأيى الآن لاستعادة الثورة الحقيقية، ثورة بناء الدولة المدنية، وحتى يتحقق هذا لا بد من إعادة صقل آليات جديدة للاحتجاج والرقابة والبناء، حتى تكون للمظاهرة والمسيرة والاعتصام قيمة، وليعود الثوار الحقيقيون إلى مراكزهم. فلم الاعتراض؟

 

 

 

باحثة وأكاديمية يمنية 

وسام أبوبكر باسندوه باحثة واكاديمية يمنية
التعليقات