ثورة الكرامة أم ثورة الجياع أيهما أشد وطأة؟ - وسام أبوبكر باسندوه - بوابة الشروق
الخميس 4 يوليه 2024 5:39 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ثورة الكرامة أم ثورة الجياع أيهما أشد وطأة؟

نشر فى : الأربعاء 22 يونيو 2011 - 8:30 ص | آخر تحديث : الأربعاء 22 يونيو 2011 - 8:30 ص

 عندما ترشح الرئيس صالح لانتخابات 2006 تحدث فى برنامجه الانتخابى عن توليد الكهرباء بالطاقة النووية وعن شبكة قطارات ستربط اليمن من أقصاه إلى أقصاه. ولن نخوض هنا فى تفاصيل هذا البرنامج ولا ردود الأفعال التى أثارها لدى الشعب اليمنى؛ الذى كان يتساءل عن نوع القات المحفز لهذا البرنامج فى ظل لطم الدولة وقادتها طوال الوقت على الخدود وشق الجيوب، وهم يحاولون إفهام الشعب أن الدولة عاجزة عن تحقيق مطالبهم بسبب العجز المادى وقلة المورد. ثم يأتى هذا البرنامج الانتخابى بمثل هذا الترف الذى لم يطلبه الشعب اليمنى، فهو يكفيه فقط شق طريق وتوفير كهرباء بلا انقطاع. ما يهمنا هنا أن الرئيس وهو يقدم برنامجه الانتخابى كان يعى أن مطالب الشعب فى تلك الفترة كانت فى مقامها الأول خدماتية معيشية بحتة.

واجه الرئيس بالمقابل التحركات الداعية إلى الانتفاض والثورة بإعلانه عدم الترشح لولاية جديدة، وتحدث صراحة وبشكل قطعى عن وقف برنامج التوريث للأبد، كما قبل بالحوار مع المعارضة التى كان يترفع عن الحديث معها، وبتأجيل الانتخابات النيابية؛ وهو المطلب الذى كان يرفضه مقابل إلحاح المعارضة عليه، إلى غير ذلك من المبادرات التى قدمها صالح أثناء تعاطيه مع الثورة الشعبية، لكن النقطة الجوهرية التى ينبغى الوقوف عندها مطولا، أن جميع مبادرات الرئيس هنا كانت سياسية؛ لأنه يعلم يقينا أن هذه الثورة لم تقم من أجل تحقيق مطالب خدماتية أو فئوية أو حزبية، بل هى ثورة الكرامة والحرية، مهما كابر النظام وأنكر ذلك، متهما قوى المعارضة بأنها المحرك لهذه القوى الشعبية من أجل تحقيق مصالحها. لسنا نحن من نكذب هذه المقولات، بل مبادرات النظام وتوجهاته فى التعاطى مع الثورة والثوار.

لكن يبدو أن النظام على قناعة تامة بأن أى خطوة حقيقية فى سبيل الإصلاح الجذرى هى خطوة فى سبيل النهاية، فمثلا الامتثال بعزل أقارب الرئيس من القيادات الأمنية، يعنى تعيين أناس يدينون بالولاء للبلد وليس للنظام، وهذا ما لا يريده. كما أن أى خطوة فى سبيل مكافحة الفساد بحق قد تطال الكثير من الرءوس التى ستهدم المعبد عليها جميعا.

لذا فالحل إذن من وجهة نظر النظام بعد فشل الأجهزة الأمنية باستخدامها وسائل العنف والبلطجة والقتل فى أن تفت من عزيمة الثوار، أن تتوجه لمعاقبة الشعب عقابا جماعيا منقطع النظير. ففى دول أخرى قطعت الاتصالات والإنترنت، لكن فى اليمن قطعت الكهرباء وتوقف ضخ المشتقات النفطية، فتعطل كل شىء فى البلد، حتى أن أفران الخبز قد تتوقف عن الإنتاج بشكل كامل خلال الأيام القادمة مع الافتقار للمواد الأولية المشغلة لها. والنظام مازال يأمر الجميع بالانتظار حتى عودة الرئيس بعصاه السحرية التى ستعيد الكهرباء والغاز وكل شىء.

المطلوب إذن هو خنق الناس حتى لا يفكروا مجددا سوى بلقمة العيش وفقط، ومن ثم تحجيم الثورة فى هذه المطالب المعيشية، التى يريدون أن توجه سهامها هذه المرة للضغط على الثوار، الذين ينسب لهم النظام التسبب فى كل هذه الجرائم.

إننا نحذر من ثورة الجياع ــ إذا كان هناك من لايزال يخشى على هذا البلد وأمنه ــ فهى لا تسمع ولا ترى ولن تخدم أو ترحم أحدا، وتبقى الفوضى حليفها الأوحد.

وسام أبوبكر باسندوه باحثة واكاديمية يمنية
التعليقات