من لا يتبنى روايتى.. عدوى - وسام أبوبكر باسندوه - بوابة الشروق
الخميس 4 يوليه 2024 6:14 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

من لا يتبنى روايتى.. عدوى

نشر فى : الإثنين 25 فبراير 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الإثنين 25 فبراير 2013 - 8:00 ص

أصبح من الطبيعى جدا أن نجد لكل حدث تشهده البلاد روايتين مختلفتين ومتناقضتين تماما، الأولى ينقلها النظام الجديد، نظام ما بعد الثورة، بكل جنوده من مسئولين وإعلاميين وحلفاء، عدى من يدعون بأن لا صلة لهم بالنظام، لكن وللصدفة البحتة يتبنون خطابه وروايته بحماسة منقطعة النظير تفوق ما يفعله أى منتمٍ.

 

 وعلى الطرف الآخر رواية أخرى خافتة ومحاصرة لا لسان يتحدث باسمها، ولا ذراع يقتص لها، من يرويها دائما هم أطراف الحدث، الذين لا يأبه لهم أحد، وأى محاولة للاقتراب منهم للاستماع أو التعاطف، تجعلك فى موضع الاتهام.

 

•••

 

الحديث هنا عن اليمن، وإن كنت لمست الشىء ذاته وأنا أتابع بعض الشأن السياسى فى دول عربية أخرى، مع فارق أراه كبيرا، وهو الافتقار لقنوات مستقلة تتابع وتتقصى الحدث، بل امتدت هذه اللامبالاة، التى لا أعرف إن كانت عفوية أو متعمدة للقنوات الدولية المتخصصة، ولولا مواقع التواصل الاجتماعى ووسائل الإعلام الجديد لربما طُمِست الكثير من الحقائق. 

 

وقد صادف أن تواصلت بالفعل ببعض المتابعين للشأن السياسى، بعد وقوع حادثة ما، لأجدهم لم يسمعوا بها، كونهم لا يجيدون التفاعل مع تقنيات الإعلام الحديث، لذا يكتفون بمتابعة القنوات التقليدية، التى أجدد مرة أخرى بأنها لا تغطى إلا ما يروق لها، وفى أحسن الظروف تعرضها وفق رؤيتها وتفسيرها.

 

•••

 

سأذكر فيما يلى بعض الوقائع التى شهدتها البلاد خلال الأسابيع الفائتة، وكان التكتيم أو التشويه مصيرها، وأعى تماما التهم المسبقة تجاه كل من يحاول الاقتراب منها، فحين تتعاطف مع القضية العادلة فى الجنوب وحقوق أبنائه، فأنت انفصالى، وحين تؤيد حق الشباب بالتعبير والتظاهر، فأنت بلطجى مخرب، وحين تعترض على بعض المستبدين برداء دينى فأنت كافر أقيمت عليك الحجة، أما إذا انتقدت الحكومة فأنت مدفوع من النظام القديم وتريد إفشال المبادرة، وما أود قوله بهذا الصدد، إنه حين يكون الاختيار بين الحقوق والحريات أو الاستبداد والظلم والفساد وإهدار الدماء فلا مجال للحياد، بل الانحياز للحقوق، حتى ولو لم أكن مقتنعة تماما بالفكرة، لكن يبقى الانحياز للحق الأصيل بحرية التعبير مع ضرورة الالتزام بتوفير كافة ضمانات الحماية.

 

سأبدأ أولا بما تعرض له شباب مسيرة الحياة الثانية، وهى مسيرة راجلة قادها بعض شباب مدينة تعز باتجاه العاصمة صنعاء فى ذكرى مسيرة الحياة الأولى، لتجديد مطالب الثورة المبدأية والتذكير بأنها مستمرة، أعلنت المسيرة عن نيتها الاعتصام أمام القصر الرئاسى، لكن قبل وصولها الهدف، تعرضت لهجوم عنيف وحوصرت وقطعت عنها الإمدادات.

 

كشفت الحادثة الغطاء عن العديد من الإعلاميين والناشطين فى مجال حقوق الإنسان، حيث أبدوا ردود أفعال أقرب للشماتة، وبرروا مواقفهم المخزية بعدم اقتناعهم بجدوى التحرك وبأهدافه، وهو ما يتناقض تماما مع رداء الحريات، التى لطالما تشدقوا بها.

 

وهو نفس المصير الذى لاقاه جرحى الثورة المضربين عن الطعام، المعتصمين أمام مجلس الوزراء ومن تضامن معهم من الناشطين، الذين كان على رأسهم القاضى والنائب البرلمانى أحمد سيف حاشد، وبناء عليه كيلت له التهم، تارة بأنه ممول وُينفِذ أجندة خارجية، وأخرى بأنه يريد إفشال المبادرة والقائمة تطول. لكن الرجل لم يحيد عن موقفه.

 

•••

 

 صدرت الأوامر بفض الاعتصام بالقوة، وكان من الملفت العدائية والعنف المفرط فى التعامل مع الجرحى والمتظاهرين، حيث تعرضوا للضرب بالهراوات والسحل، ولم تحل حصانة القاضى المناضل دون تعرضه للعنف ذاته، بل إنه كان الناصية والافتتاحية.

 

وباستثناء قلة من الناشطين الثابتين، ممن لايزالون مؤمنين بمبادئ الثورة، لا الكراسى والمناصب، لم ينطق أحد، حتى الإدانات والاستنكارات باتت من رفاهية الحنين الماضى، الملفت أن التعامل مع فض التظاهرات يتم بنفس الطريقة العنيفة وتحت نفس التبريرات، لكن نظام اليوم لا تترصده العيون كما كان يتم مع على صالح، بل كل أفعاله مبررة فى سبيل ما يوصف بالمرور بالبلاد من عنق الزجاجة. ما يستهدفوه أن يمر الوطن، لكن بعد تجريف خيرة مناضليه. ثقتى بأن شبابنا لن يموت وحماسنا لن يخفت.

 

 

 

باحثة وأكاديمية يمنية

وسام أبوبكر باسندوه باحثة واكاديمية يمنية
التعليقات