نعم القبائل جادون يا صالح - وسام أبوبكر باسندوه - بوابة الشروق
الخميس 4 يوليه 2024 5:30 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نعم القبائل جادون يا صالح

نشر فى : الأربعاء 25 مايو 2011 - 8:47 ص | آخر تحديث : الأربعاء 25 مايو 2011 - 8:47 ص

 تتسارع التطورات فى اليمن بصورة دراماتيكية مرعبة، ويبدو أن 33 عاما من المكر والفتن والحروب المصطنعة والوقيعة بين أبناء الشعب لم تكف الرئيس صالح الذى يعتقد جازما أنه لا يمكن أن يستمر إلا بهذه الأساليب. خسر صالح حتى وإن على استحياء ورقة الدعم الخليجى والدولى بعد أن تعرى النظام تماما أمام العالم بتصرفات أقل ما يقال عنها إنها صبيانية، من حيث النكوص بالوعد الذى قطعه للأمين العام لمجلس التعاون الخليجى اللواء عبداللطيف الزيانى بالتوقيع على المبادرة مطالبا إياه بالعودة إلى صنعاء مجددا، ومع عودة الرجل بدأ تنفيذ المسرحية التراجيدية الهزلية بقيام مجاميع من بلاطجة النظام بقطع الطرقات أمام الوفد الخليجى ومن ثم محاصرة مقر السفارة الإماراتية التى كانت تشهد اجتماعات الوفد بحضور دبلوماسيين أجانب. وكأنه تعمد إهانة الرجل والقوى الكبرى هذا من جهة، ومن جهة ثانية ليريهم رؤيا العين ما يمكن أن تنزلق إليه الأمور من بعده، ولكن هذه المسرحيات لم تعد تنطلى على أحد.

كما أن إصرار الرئيس على ضرورة حضور قيادات المعارضة إلى القصر الجمهورى للتوقيع أمامه فى تعمد لإذلالهم وإحراجهم أمام الشباب، كما يرى أصحاب النوايا الحسنة، أما أصحاب النوايا السيئة إذا جاز وصفهم بذلك، فيرون أن الرئيس كان عازما على إيقاع مذبحة مماليك جديدة هذه المرة فى العاصمة صنعاء. وإن كنا لسنا من مؤيدى هذه الفكرة، إلا أنه لا يمكن استبعادها بالمطلق كما يرى المستخفون بها ممن لا يعرفون حدود صالح كما خبره اليمنيون. فالعديد من المعارضين اليمنيين فقدوا غير مأسوف عليهم فى حوادث سير، فإذا أضفنا إلى ذلك الأوضاع السائدة فى ذلك اليوم من قطع للطرقات ومحاصرة للضيوف العرب والأجانب باستخفاف واضح ينبئ بأن النظام كان قد فقد رشده وبات مستعدا لأى شىء.

ثم تأتى الطامة الثالثة فى مهاجمة منزل الشيخ المرحوم عبدالله بن حسين الأحمر شيخ مشايخ حاشد كبرى القبائل اليمنية التى يقال إن الرئيس نفسه ينتمى إليها. وقد تضاربت الروايات حول أسباب اندلاع هذه المواجهات، التى هب فيها رجالات القبيلة للانتصار للشيخ الرمز ولم تنته المواجهات إلا بتدخل وساطة قبلية، بعد أن كان رجالات الشيخ قد سيطروا بالفعل على المقرات الحكومية المجاورة، ومن بينها المقر الرئيس للحزب الحاكم فى المنطقة، ووزارة التجارة والصناعة ومعهد التوجيه والإرشاد ووكالة الأنباء اليمنية سبأ كما سعوا إلى الاستيلاء على وزارة الداخلية ووزارة الاتصالات.

عاشت المنطقة خلال المواجهات أجواء حرب كاملة استعملت فيها الأسلحة الثقيلة. وهنا يمكن طرح عدة تكهنات وتفسيرات لهذه الواقعة:

إن صالح أراد اختبار مدى جدية القبائل فى الانضمام للثورة ونصرة الثوار، والاستعداد للدخول فى مواجهة معه. وإن كان هذا الأمر صحيحا فإن الرد جاء بأقسى مما تصور النظام، ولو كان النظام نجح فى تحقيق أى مكسب ولو بسيط على الأرض لما سارع فى طلب الوساطة.

ترددت أنباء عن أن اجتماعا لقيادات المعارضة كان يتم فى منزل الشيخ، إلا أنهم غادروه قبل اندلاع المواجهات بوقت قصير. وإن صدق الخبر فهذا يعنى أن النظام مصمم بالفعل على تصفية خصومه بهذه الطريقة الإجرامية.

عمل صالح على إظهار الثورة فى اليمن منذ اندلاعها على أنها أزمة مع خصومه فى المشترك، ويبدو أن هذه الورقة قد استهلكت تماما. والبديل اليوم إظهار الثورة على أنها نزاع بين الدولة والنظام من جهة والقبائل من جهة أخرى.

وأخيرا أن النظام لم يكن جادا فى المضى فى هذه الحرب إلى نهايتها، وإنما أراد أن يرفع فزاعة الحرب الأهلية فى وجه دول الجوار ليعودوا لنجدته مجددا.

أيا كان التفسير فإن القبائل نجحت فى إظهار انضباطها والتزامها بالنهج السلمى بالرغم من قدرتها على إنهاء الوضع والسيطرة على المرافق الرئيسية بأسرع مما يعتقد الجميع، لكنها لاتزال ملتزمة بالوعد الذى قطعته للثوار بأن تستمر الثورة سلمية حتى إقامة الدولة المدنية.

وسام أبوبكر باسندوه باحثة واكاديمية يمنية
التعليقات