ذكرى اغتيال حلم - وسام أبوبكر باسندوه - بوابة الشروق
الخميس 4 يوليه 2024 5:36 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ذكرى اغتيال حلم

نشر فى : الإثنين 29 أبريل 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الإثنين 29 أبريل 2013 - 8:00 ص

أطل السابع والعشرون من أبريل كعادته كل عام مذكرا بسقوط حلم شعبنا فى الجنوب، الذين تطلعوا على مدى عقود لبناء دولة الوحدة اليمنية، وقدموا فى سبيل هذا الحلم الكثير، وتنازلوا وضحوا بالكثير، ففى مثل هذا اليوم من عام 1994 كانت ساعة الصفر لإعلان الحرب.

 

يستغل أبناء جنوب اليمن هذه المناسبة من كل عام للتذكير بقضيتهم، خاصة فى السنوات الأخيرة بعد أن كان يحظر عليهم حتى تذكرها، وهذا العام بالتحديد تبدو للذكرى أهمية مضاعفة لعدة أسباب: كون الكثير من رموز القتل فى تلك الحرب الإجرامية البشعة قد غابت عن المشهد السياسى بشكل أو بآخر، وإن بقى البعض ممن سيغيب بإرادة شعبنا عاجلا أو آجلا كما يُتوقع. الثاني: إن هذه الحرب التى شنت على جزء من الوطن تمت بغطاء دينى وبفتاوى شرعية، أصدرها رجال دين باستباحة دماء المخالفين وأعراضهم وممتلكاتهم، وفى هذا تنبيه واضح لكل المنطقة العربية للخطر الذى تمثله هذه التوجهات غير المسؤولة، والتى تلوح فى أفق بعض الدول العربية حاليًا. وأخيرًا لتذكير من خانته ذاكرته أو لم يكن قد سمع أصلًا بهذا الحدث، كيف لا وهناك الكثير ممن بات ينكر على أبناء شعبنا حتى الألم ويعتبر هذا من باب الخيانة، وهناك من يزايد على انتمائهم الوحدوى والعربى الذى دفع شعبنا ثمنه وحيدًا فى المنطقة العربية، بينما اكتفى الآخرون بالتنظير والتشدق، حتى إن الموجة السائدة هى الربط بين قضية جنوب اليمن وجنوب السودان، مخوفين من تقسيم الدول العربية تحت هذه الذرائع، وفى هذا الربط من الضيم الكثير، تماما كما يحمل من الجهل الكثير.

 

●●●

 

كانت البداية عام 90 حين اعتقد البعض أن الاتفاقية التى ستتم بين الجارتين الشمالية والجنوبية ستكون مجرد اتحاد فيدرالى أو كونفيدرالى أو حتى الاكتفاء بالتنسيق فى بعض الملفات والوزارات، إلا أنها خرجت بوحده اندماجية شاملة قررها قياديو البلدين، لم يستفتَ فيها الشعب، ولنكن منصفين تنبغى الإشارة إلى أنه حتى لو كان الاستفتاء قد تم، لربما ما اختلفت النتيجة، حيث إن أبناء الجنوب كانوا معبئين بكل شعور وحدوى عربى. وللإنصاف أيضا ينبغى القول إن من هرول لهذا الوحدة لم تكن القيادة الشمالية، التى اكتفت بتلقفها على طبق من ذهب، وإنما الطرف الآخر، الذى كان يقرأ التغيرات التى يشهدها النظام الدولى فى حينه بقلق بالغ، فقرر أن ينجو بنفسه من خلال هذا الاتفاق، وربما هذا ما جعلهم يكتفون بالتوقيع على عجل، دون البحث والتمحيص فى مصالح الوطن والشعب، وفى تحليل علمى من هذا النوع لا يمكن المجاراة فى التماس حسن النوايا كما يحاول أن يطبل البعض مبررين أن الطرف الآخر كان يضمر الشر، بينما هم من كانوا يتطلعون إلى الوحدة والمستقبل بقلب سليم، بل هم من سلم الوطن دون تمحيص وعليهم أن يتحملوا مسؤولياتهم بالغياب عن المشهد، لا باستكمال حلمهم بالمتاجرة والتلاعب بأحلام شباب الحراك اليوم والتطلع للعودة مجددًا عبر دمائهم لاستعادة ما فقدوه.

 

وخلال ما يربو على ثلاثة أعوام من توقيع الاتفاقية اكتشف الجميع، أن الرئيس صالح وشركاه فهموا أنهم ورثوا التركة الجنوبية الثمينة بكل ما فيها، وبدأت عملية إقصائية مبطنة لكل ما هو جنوبى فى محاولة للاستئثار، وقد حاولت القيادات الجنوبية اللعب بكل الأوراق السياسية لإثنائه عن هذا الانحراف فى مسار الوحدة، ولم يكن إعلانهم الانفصال إلا المحطة الأخيرة.

 

وحتى تلك اللحظة لم يخطر ببال أحد أن على صالح وشركاء حربه كانوا يتبنون المثل القائل: «دخول الحمام مش زى خروجه» وأن ما تم من وجهة نظرهم هو زواج كاثوليكى دائم لا فكاك منه، فكانت حرب صيف 1994م، التى جرى الترويج لها بأنها حرب ضد الكفرة الخارجين عن السلطة واستبيح فيها كل شىء، ودخلت القوات الشمالية عدن دخول الفاتحين، فى حين أقيمت المآتم فى عدن عاصمة الفرح والتنوع.

 

●●●

 

 لم يفعل على صالح وشركاه خلال 17 عاما حتى قيام الثورة شيئا، سوى تكريس هذا الغضب فى نفوس أبناء الجنوب واستمرار محاولات طمس هويتهم والتعامل معهم كغنيمة حرب، ثم بعد هذا كله يلام أبناء شعبنا الذين خرجوا بحراك سلمى للمطالبة بحقوقهم أو التعبير عن إرادتهم، وتكفى نظرة عابرة لحال شباب الجنوب وقد جردوا من كل حلم، فجلهم يعانون افتقار فرص استكمال التعليم والبطالة وغلقت فى وجههم الأبواب، فماذا ينتظر منهم؟

 

 المطلوب احتواء هذا الشباب عبر منحهم فرصة بالمستقبل بعد أن سرق حاضرهم، ولتذهب كل القيادات التى تاجرت ولا تزال بأحلامهم وتجرهم للاقتتال إلى الجحيم.

 

 

 

باحثة وأكاديمية يمنية    

وسام أبوبكر باسندوه باحثة واكاديمية يمنية
التعليقات