إنها الفيدرالية ولا حسد - وسام أبوبكر باسندوه - بوابة الشروق
الخميس 4 يوليه 2024 6:29 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إنها الفيدرالية ولا حسد

نشر فى : الإثنين 30 سبتمبر 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الإثنين 30 سبتمبر 2013 - 8:00 ص

يحكى أنه فى الماضى القريب كان هناك يمنان، أحدهما شمالى والآخر جنوبى، شعر أبناء المنطقتين بحنين جارف لإقامة دولتهم الموحدة، ليس أقل من وحدة اندماجية تذوب فيها كل الفوارق والمسافات. وبدل الفارس الهمام، ظهر فارسان اجتمعا وخططا وأعلنا أن ما مضى قد مضى، وأنه استجابة لأحلام الجماهير أصبح اليمن واحدا لا شريك له.

أقيمت الأفراح والاحتفالات، لم يتساءل أحد لماذا لم نُستَفت أو نقرر مصيرنا، ولو كان الاستفتاء قد تم حينها لما تغير التاريخ أو اختلف الحال، فالحلم كان واحدا أقصى طموحه الاندماج الكامل، حلما يقترب من الخيال، كيف لا وقد أُدلِج الشعب لعقود بهذا التوجه.

وككل الأحلام حين تصطدم بالواقع وعثراته، تذهب السكرة وتجيء الفكرة، لكن مع الوحدة وبعد ما يربو على عشرين عاما، لم ينتج عن هذا الاصطدام شرخ أو جرح، وإنما يكاد يكون الحلم قد تشظى تماما. الحديث عن التجاوزات والإخفاقات يطول، وقد يكون من قبيل التكرار الممل لأبعد مدى، لكن الأهم أن الذين خرجوا وقدموا الشهداء على مدى أعوام مطالبين بالانفصال كان مطلبهم العودة إلى ما قبل اتفاقية الوحدة ٩٠، والمتساهل منهم حَلُم بفيدرالية من إقليمين. حتى هنا والتوجه يدور نحو يمن واحد بإقليمين، أو يمنين على الأكثر أى العودة للماضى.

كان المشروعان يحظيان برفض تعبوى متطرف، بل إن سقف طموح الوحدويين المثاليين والوطنيين بحق كان قد ارتفع مع أولى بشائر ثورة ٢٠١١ لإمكانية شطب أخطاء العهد البائد وسلبياته، وأن الجميع سيتحد للعبور بالوطن يمن واحد موحد.

اليوم جل المقترحات تصب باتجاه الفيدرالية، إنه الأمر الواقع، أى حديث عن دولة مركزية غير مطروح بالمرة، والعجيب أن المقترح حتى هذا الحد هو محل ترحيب صقور رفض الفيدرالية سابقا، الخلاف الوحيد الآن حول عدد الأقاليم التى سيشملها هذا الاتحاد، ويقال إن الحد الأدنى المطروح هو أربعة أقاليم وقد تصل لستة.

لا نفهم ما الأسس التى اعتمد عليها هذا التقسيم، ولمصلحة من؟ وما المشكلات التى سيحلها إذا كان دعاة الانفصال والفيدرالية الثنائية يرفضونه رفضا قاطعا، مما يعنى أن المشكلات ستبقى بلا حلول ولن نجنى شيئا، هذا إن لم تتفاقم، مع تصعيد الرفض ليس على مستوى محافظات الجنوب وصعدة فحسب بل لتمتد لباقى الأقاليم المفترضة.

الفيدرالية على هذا النحو الذى لم يصممه اليمنيون ولم ينادوا به، بل لم نسمع به بداية إلا قبيل انطلاق الحوار الوطنى بوقت قصير، وها هم الآن فى المراحل الختامية منه، من أين جاء هذا المقترح الجاهز يا ترى، ومن الذى صممه؟ الكثير من الريبة، إنه التقسيم والتشظى، لا حلًا للمشكلات بل إطلاق بالونة اختبار لمشروع يراد تعميمه على عموم المنطقة والمدخل الحلقة الأضعف دائما، من كان يتحدث عن تقرير المصير من عام كانت تصب عليه اللعنات صبا، أما اليوم فالفيدرالية ولا غير، هل سيأتى يوم نروى للأحفاد حكاية الجمهورية اليمنية، أن كان هناك يمن. إما وإن كان لابد من الأقاليم  وبلا أسس، فالخمسة لطيف ومقاوم للحسد.

 

باحثة واكاديمية يمنية

وسام أبوبكر باسندوه باحثة واكاديمية يمنية
التعليقات