بين الفطرة والنفس.. عثمان نجاتى يرصد «دوافع السلوك فى القرآن» - بوابة الشروق
الجمعة 28 يونيو 2024 7:46 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

بين الفطرة والنفس.. عثمان نجاتى يرصد «دوافع السلوك فى القرآن»

على دحروج:
نشر في: السبت 2 مايو 2020 - 7:44 م | آخر تحديث: السبت 2 مايو 2020 - 7:44 م

فى مقدمة كتابه بعنوان «القرآن الكريم وعلم النفس» الصادر عن «دار الشروق»، يقول الدكتور محمد عثمان نجاتى أن القرآن الكريم يتضمن كثيرًا من الآيات التى تعرضت لطبيعة تكوين الإنسان ووصفت أحوال النفس المختلفة، وبينت أسباب انحرافها ومرضها، وطرق تهذيبها وتربيتها وعلاجها. وذلك أمر طبيعى فى كتاب أنزله الله تعالى لهداية الإنسان وتوجيهه وتعليمه. لتكون تلك الآيات بمثابة المعالم التى يسترشد بها الإنسان فى فهم نفسه وخصالها المختلفة، وفى توجيهه إلى الطريق السليم.
كما يمكن أن نسترشد بما ورد فى القرآن الكريم من حقائق عن الإنسان، والدوافع الأساسية التى تحرك سلوكه، وعن العوامل الرئيسية لتوافق شخصيته وتكاملها ولتحقيق صحته النفسية، مما يكون من شأنه أن يمهد الطريق لقيام «علم للنفس»، تتفق نتائجه مع الحقائق الصحيحة عن الإنسان، والتى نستمدها من كلام الله سبحانه وتعالى خالق الإنسان، وهو الأعلم بطبيعته وأسرار تكوينه فقال تعالى: «أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ»، (الملك: 14).
وفى فصل بعنوان «دوافع السلوك فى القرآن»، يتناول دكتور «نجاتى» الدوافع التى تحث الإنسان إلى القيام بإشباع حاجاته الأساسية لاستمرار حياته من أجل البقاء، كـ«الدوافع الفسيولوجية (الفطرية) والدوافع النفسية والروحية».
فالدوافع الفسيولوجية مهمة للإنسان والحيوان، فهى تقوم بتلبية حاجات البدن، وتسد كل ما يطرأ عليه من نقص عضوى أو كيميائى، كالشعور بقلة الغذاء أو الماء أو ارتفاع حرارة الجسم أو الشعور بالبرودة، أو عند الاحساس بالتعب، ولذلك ينبعث من الجسم فورًا دوافع معين تدفع الفرد إلى القيام بنشاط لا إرادى لإعادة البدن إلى حالته السابقة من الاتزان، وذلك ما أثبتته الدراسات الفسيولوجية الحديثة، والتى قام بها أستاذ الفسيولوجيا الأمريكى «وولتر كانون»، ونشرها فى كتابه بعنوان «حكمة البدن» عام 1932. وفكرة الاتزان الحيوى هذه التى اكتشفها العلماء حديثًا قد ذكرها القرآن الكريم من قبل أربعة عشر قرنًا، وذلك فى قوله تعالى: «الَّذِى خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ» (الانفطار: 7).
وقد ذكر الله تعالى فى بعض آيات القرآن أهم الدوافع الفسيولوجية التى تقوم بحفظ الذات وبقاء الفرد مثل «الجوع، والعطش، والتعب، والحرارة، والبرودة، والألم، والتنفس». وقام المؤلف بالاستشهاد بخطاب الله تعالى لآدم عليه السلام، وهو فى الجنة مذكرًا له ما هو فيه من نعيم، حيث لا يؤذيه الشعور بالجوع والعطش، وحيث لا يعرى فيخدش حياؤه وتؤذيه تقلبات الجو، وحيث لا يشعر بحرارة الشمس لأنها لاوجود لها فى الجنة، ومحذرًا له من الوقوع فى شرك الشيطان ليجعله يهبط إلى حياة الأرض، حيث الشقاء والسعى والعمل المتواصل بالصيد والحرث والزرع لإشباع دافع الجوع، وحفر الآبار والضرب فى الأرض للوصول إلى مجارى الأنهار لإشباع دافع العطش، وصنع الملابس لاتقاء العرى الذى يعرضه لتقلبات الجو، والالتجاء إلى ظلال الأشجار والكهوف وبناء المساكن لاتقاء حرارة الشمس وبرودة الليل. فقال تعالى: «فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى(117) إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى (118)وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى (119)فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لّا يَبْلَى»، (طه:117 – 120).
أما عن دافع الأمومة فيشاء الله تعالى أن يوجد فى طبيعة تكوين الأم دافعًا فطريًا يعينها على القيام برسالتها المهمة فى الإنجاب، وتحمل مشاق الحمل والولادة والرضاعة عن رضا حتى ينمو الطفل ويصبح قادرًا على العناية بنفسه، وقد أشار القرآن الكريم إلى تلك المُعناه التى تشعر بها الأم أثناء الحمل والولادة، فقال تعالى: «وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ۖ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا ۖ وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا»، (الأحقاف: 15).
أماعن الدوافع النفسية والروحية، فيذكر الدكتور «نجاتى»، أن الدافع النفسى هو ما يطلق عليه علماء النفس المحدثون اسم الدوافع «النفسية ــ الاجتماعية»، لأنها تشبع حاجات نفسية للفرد من جهة، ولأنها تظهر أثناء تنشئة الفرد الاجتماعية، ونتيجة لتفاعله الاجتماعى مع الناس من جهة أخرى. ويذهب بعض علماء النفس كـ«إريك فروم»، إلى أن بعض الدوافع النفسية والتى أطلق عليها «الحاجات النفسية» مثل الحاجة إلى الانتماء، والسمو، والهوية، وللتوجيه»، وكلها حاجات فطرية أساسية فى طبيعة الإنسان وليست مكتسبة من المجتمع.
أما الدوافع الروحية فهى ترتبط بالناحية الروحية للفرد مثل «التدين، والتمسك بالقيم، وحب الخير، والحق، والعدل، وكره الشر، والباطل، والظلم». وقد أغفل الكثير من علماء النفس المحدثين فى دراستهم للدوافع هذا النوع، بالرغم من أنها أهم ما يتميز به الإنسان عن الحيوان. وقد فطن عالم النفس الأمريكى «أبراهام ماسلو»، إلى هذا القصور فى دراسة علماء النفس المحدثين للدافعية، فقام باقتراح تصنيف جديد للدوافع يشمل «الدوافع الروحية».
كما يتناول الكتاب العديد من الدوافع الأخرى ومنها: «التملك، والتنافس، والعدوان، والتدين، واللاشعورية، والصراع بين الدوافع، والسيطرة على الدوافع، وانحراف الدوافع.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك