أحداث مزلزلة تشكل الشرق الأوسط - ديفيد جاردنر - بوابة الشروق
الجمعة 27 سبتمبر 2024 8:24 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أحداث مزلزلة تشكل الشرق الأوسط

نشر فى : الثلاثاء 1 يناير 2013 - 8:35 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 1 يناير 2013 - 8:35 ص

قضى العامان الماضيان على فكرة أن العالم العربى كان آمنا فى أيدى الطغاة المرنين، وهى نظرة خاملة تساوى بين الاستبداد والاستقرار تجاهلت العديد من الأساليب، التى تسبب الاستبداد العربى من خلالها فى صناعة الإسلاميين. بيد أنه، فى بداية السنة الثالثة من الفوضى التى تكشفت عنها الصحوة العربية، تقترب المنطقة من أربع لحظات زلزالية متوقعة:

 

فتمثل الثورة السورية، والسقوط المنتظر لعرش الأسد الغارق فى الدم، والجمود الخطير فى الموقف مع إيران، وخلافة العرش الأليمة التى تواجه آل سعود، والاندثار الوشيك لحل الدولتين فى الصراع الإسرائيلى ــ الفلسطينى، اختبارا لقوة أعصاب وإبداع واضعى السياسات. وربما ترغب أمريكا إلى آسيا وأوروبا، لكن الشرف الأوسط لا يقدم مهلة للفاعلين الدوليين أو الإقليميين. فهو لا يتسامح سواء مع التهور أو العجز.

 

وكان الغزو الأنجلوأمريكى للعراق، الذى تسبب فى تجديد الصراع التاريخى بين السنة والشيعة. وتعتبر سوريا، وربما لبنان، خط المواجهة الرئيسى فى هذا الصراع. وتقوم الأقلية العلوية التابعة لبشار الأسد، وهى فرع من فروع المذهب الشيعى الباطنى، والعمود الفقرى والجهاز العصبى لدولته الأمنية المتداعية، بدور وكيل الحركة الشيعية فى المنطقة، التى تجمعها إيران وحزب الله الحركة الشيعية شبه الحكومية فى لبنان.

 

وعلى العكس من ذلك، أدى قرار الغرب أن ينأى بنفسه عن سعى الأغلبية السنية فى سوريا التخلص من نظام الأسد فى الواقع، إلى التخلى عن مهمة توفير المساعدات والأسلحة للمتمردين، لدول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية وقطر. وفى ليبيا، اختارت الولايات المتحدة «القيادة من وراء ستار». وفى سوريا، اختارت أمريكا وحلفاؤها الأوروبيون الاتفاق من الباطن مع السنة فى الخليج. وكان لذلك عواقبه، فقد تحولت سوريا إلى نقطة جذب للمتطرفين الجهاديين وتعزيز نفوذ المتطرفين الاسلاميين المحليين، على نحو يتجاوز ما كان ينجم بشكل طبيعى عن الفسيفساء الممثلة للمجتمع السورى.

 

وقد حدث شىء مماثل عندما كان الغرب مترددا بشأن البوسنة، وخلق فرصة للعناصر القديمة فى حركة الجهاد المدعومة من الغرب ضد النفوذ السوفييتى فى أفغانستان. وكانت العواقب فى ذلك الوقت محدودة. وانتقل الوهابيون، كما يسميهم البوشناق، إلى الشيشان. وليس من المتوقع، هذه المرة، أن يتخلى الجهاديون عن موقع استراتيجى فى بلاد الشام. خاصة، بعدما أهدروا الفرصة التى منحها لهم احتلال الولايات المتحدة للعراق، حيث أثاروا نفور القبائل السنية، وشنوا حملة إرهاب ضد الأغلبية الشيعية، تسببت فى هزيمتهم.

 

وسوف يؤدى سقوط نظام الأسد فى نهاية المطاف، إلى تجريد إيران من حليفها العربى الرئيسى. وهو ما قد يشجع إسرائيل، فى ظل نتنياهو الذى سيعاد انتخابه بلا شك، على مهاجمة المنشآت الإيرانية النووية. ومن ثم، فإذا كان باراك أوباما يرغب فى تجنب الانزلاق إلى صراع مع إيران، فعليه وعلى حلفائه طرح مجموعة أهداف واقعية للتفاوض بشأنها. وينبغى السماح لطهران بمستوى منخفض من تخصيب اليورانيوم، تحت رقابة دولية صارمة، مع إفهامها بشكل واضح أن أى محاولة لتطوير سلاح نووى، خط أحمر.

 

فإذا تمسكت إسرائيل برفض التخصيب تماما، ربما تكون الحرب حتمية. وهو ما قد يمكن طهران من: حشد مواطنيها مرة أخرى، وترسيخ قواعد نفوذها فى العراق ولبنان، وإعادة توطيد نفسها على الساحة العربية، حيث الاتجاه ينزع إلى الإسلام السياسى السائد، بدلا من روافده العنيفة. ولن يكون هناك ما يرضى الملالى أكثر من عودتهم للظهور بمظهر طليعة المقاومة ضد الشياطين العظمى والصغرى، ونصير الشيعة ضد السنة.

 

وفى الخليج حيث نصبت المملكة السعودية نفسها نصيرة للسنة، يواجه آل سعود أزمة خلافة. فقد تبخرت الإصلاحات الحذرة التى أجراها الملك عبدالله بينما كان يعانى من الشيخوخة والعجز، وخلفه بعد موته اثنان من أولياء العهد فى فترة تزيد قليلا على عام واحد فى مواجهة الانتفاضات الإقليمية، والتشدد الإيرانى. وتقوم الأسرة الحاكمة بالتلويح بالعصا والجزرة، عبر تقديم دعم واسع النطاق يشمل كل شىء من المساكن الرخيصة إلى الإعفاء من الديون مع ملاحقة المعارضة، وتنشيط دور مؤسسة رجال الدين الوهابيين، وهى طائفية ومعادية لأى إصلاح.

 

 ويمثل آل سعود، وهم متشددون لدرجة تقديس الإجماع، نظام ملكية مطلقة دون عاهل مطلق، فى تعايش بين السلطة الزمنية والدينية التى تحتاج إلى تجاوز جيل، والتقدم تدريجيا نحو ملكية دستورية، منفتحة على العالم وتحت حكم القانون، وتقديم الفرصة مع توسيع نطاق الحريات الاجتماعية والسياسية للمواطنين الذين يتزايد مستواهم الثقافى وإن كانوا محافظين.

 

 فإذا كانت كل من سوريا وايران والمملكة العربية السعودية تواجه لحظة الحقيقة، فإن إسرائيل تقترب بسرعة من نقطة اللاعودة فى علاقاتها مع الفلسطينيين.

 

لقد ظل الاستعمار الإسرائيلى للضفة الغربية والقدس الشرقية العربية واضحا مدة طويلة لكل من يمكنه قراءة الخريطة. ولكن الخطط الأخيرة لحكومة نتنياهو، من أجل توسيع المستوطنات اليهودية فى الاراضى المحتلة، قتلت فكرة إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة. فإن كل حاجز يطوق القدس الشرقية وبيت لحم، وكل جدار وطريق التفافى لتقسيم الضفة الغربية، سيقام قريبا، ليحصر الفلسطينيين داخل بانتوستانات، ربما يؤدى، فى نهاية المطاف إلى قيام نوع من السلطة فوق البلديات وحكومة تشرف عليها. ولن يؤدى ذلك إلا إلى نضال على غرار مقاومة الفصل العنصرى من قبل حركة فلسطينية (ربما تكون موحدة) تطالب بحقوق متساوية فى دولة ثنائية القومية، وتشوه اسم إسرائيل دوليا وتشكك فى حق اليهود المشروع فى دولة على الأرض المقدسة المتنازع عليها إلى الأبد.

 

 ويمكن أن تكون هناك بوصلة لا تخطئ فى هذا النوع من حقول الألغام. ولكن التردد بشأن سوريا، والغموض الاستراتيجى بشأن ايران، وانقياد الغرب التلقائى تقريبا لحكومات السعودية وإسرائيل لن يحقق تقدما. حيث يتطلب الاستقرار الاستراتيجى وضوحا وترسيخا للقيم العالمية، حتى لو لم تكن موحدة.

 

 

 

 

التعليقات