الكهرباء.. العشق الممنوع - وسام أبوبكر باسندوه - بوابة الشروق
الخميس 4 يوليه 2024 5:50 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الكهرباء.. العشق الممنوع

نشر فى : الإثنين 3 يونيو 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الإثنين 3 يونيو 2013 - 8:00 ص

تسنى لى منذ نحو عامين تقريبا أن أشهد حوارا بين مواطنتين يمنيتين إحداهما تنتمى إلى المنطقة الشمالية والأخرى للمنطقة الجنوبية، مازلت أذكر هذا الحوار جيدا، كانت فحواه القضية الجنوبية، تحدثت الأولى عن أهمية الوحدة بطريقة فيها استعلاء ومنة، وكأن الوحدة تمثل منطقتها فقط، أو تعود عليها بمكتسبات لا ترغب بالتفريط فيها، بينما تحدثت الثانية عن أزمات الجنوبيين مهاجمة الرئيس السابق باعتباره سبب كل معاناة الجنوبيين، حينها دافعت الأولى عن الرئيس السابق باستماته، ربما لأن حالها حال البعض ممن كانوا يعتبرونه صمام الأمان، لا للحفاظ على الوحدة، وإنما للحفاظ على مكتسباتهم، ولاستمرار هذه الطريقة الفوقية الاستعلائية على بقية المناطق.

 

كان حوارا طويلا ومستفزا، لكن ما يهمنى هنا، حين قالت الأولى ما معناه «ألا يكفى أن على عبدالله صالح سحب الكهرباء من كل البلاد وحولها إلى الجنوب عشان يراضيكم وبرضه مش عاجب»، فردت الأخرى باستعلاء أيضا، دون تفنيد هذا القول التافه المجافى المنطق قائلة: «والله بكيفكم انتوا متعودين تعيشوا بلا كهرباء، إحنا لأ»

 

 

 

●●●

 

استعيد هذا الحديث لتأكيد أن أزمة الكهرباء، ليست أزمة حديثة فى اليمن أو مرتبطة بالثورة والتغيير، كما يحاول البعض أن يصورها، بينما الأكثر موضوعية قليلا يعتبر أنها كانت موجودة، لكن ليس بالحجم ذاته، الذى هى عليه اليوم.

 

وفى كل الأحوال الحديث عن اختلاف ما بين خمس ساعات انقطاع وأكثر فى السابق، ووصولها إلى ما هو أكثر بساعة أو ساعتين لا يعنى شيئا، خاصة إذا ما قارنا أن النظام السابق استمر لعقود، كما كان قد تعهد فى عام ٢٠٠٦ أثناء حملته الانتخابية بالوعد الشهير «أن اليمن ستتجه خلال مرحلة حكمه اللاحقة لتوليد الكهرباء بالطاقة النووية»، ثم غادر والكهرباء تصل فقط لنحو ٤٢٪ من السكان، بينما يفتقد أكثر من نصف المواطنين للكهرباء أساسا، ومن كانت تصلهم فهى فى أسوأ صورها ومع انقطاع طويل متكرر. فمدن اليمن إذن لم تكن من بين المدن المتلألئة ليلا، كما يحاول أيتام النظام السابق، ومن لف لفهم من أصحاب الذاكرة القصيرة جدا أن يصوروا لنا، لذا ورد التذكير.

 

لكن هذا لا يعنى أن تبقى الحكومة الحالية تتباكى على الماضى، وتحمل كل إخفاقاتها للنظام السابق ومرتزقته وبلاطجته إلى ما لا نهاية، صحيح أنه بعد الانتخابات الرئاسية وتشكيل حكومة الوفاق مباشرة طرأ بعض التحسن البسيط فى هذا المجال، وإن لم يكن كافيا، ويا ليته حتى استمر على هذا النحو، بل على العكس سرعان ما عادت الأمور للتدهور أكثر وأكثر.

 

 

 

●●●

 

ثلاث قضايا مهمة ترتبط بهذه المشكلة، الأولى، ترتبط بالتفجيرات والاعتداءات المتكررة على خطوط الكهرباء، وهنا تتحدث الحكومة عن أعدائها من المخربين، الذين يتعمدون هذه الأفعال لتشويهها، ونسمع تهديدا ووعيدا، ثم لا نرى شيئا. ولنسلم جدلا بأن هناك ممن تقتضى مصلحته ذلك، لكن أين دور الدولة، أولا فى حماية هذه المنشآت من جهة، والضرب على يد المخربين من جهة أخرى؟ إلى الآن لم نسمع أو نرى أن الرءوس الكبيرة بهذا الصدد قُدِمت للعدالة.

 

القضية الثانية، تتعلق بعجز الحكومة عن تحصيل فواتير الكهرباء، بل إن المتنفذين هم من يتزعم هذه البلطجة على أموال الدولة، وهم معروفون بالأسماء وبفواتيرهم المبالغ بها، فلم إذن يد الدولة قصيرة فى مواجهتهم؟ وإلى متى؟

 

القضية الثالثة، أن الحكومة رغم عجزها عن القيام بدورها فى القضيتين الأولى والثانية، إلا أن دورها لا يقف عند هذا الحد، أين دورها الأصيل فى استحداث وتطوير هذا القطاع، للقضاء على المشكلة من جهة، والتوسع فى توصيل الكهرباء لكل المناطق، ولكل السكان.

 

 

 

●●●

 

 لا يحدثنا أحد عن إرث النظام السابق، نعم نعى هذا جيدا، ولا نطالب بأن تشتغل المشروعات الجديدة اليوم، بإمكان هذا الشعب البائس أن ينتظر، إذا شعر أن هناك شيئا حقيقيا ينفذ على الأرض، إذا شعر أن هناك خطة ومشروعا قوميا للنهوض بهذا القطاع، وهو ما لا يبدو أنه يلوح بالأفق بعد.

 

الناس فى السابق كانت تحلم بالمدينة الفاضلة، مدينة الحرية والعدالة والقانون والمساواة والرفاهية، ونحن بتنا نحلم بمدينة الكهرباء المفقودة.

 

الرسالة لأيتام النظام السابق، لا تتباكوا كثيرا لم يكن الحال أفضل، ولأبناء النظام الحالى الواقفين على حائط مبكى النظام السابق، كفى، قوموا بدوركم، تحملتم المسئولية، مسئولية التكليف لا التشريف، فلا تعيرونا.

 

 

 

باحثة واكاديمية يمنية

وسام أبوبكر باسندوه باحثة واكاديمية يمنية
التعليقات