الثورة المصرية ومطلب العدالة الاجتماعية - عمرو نويجي - بوابة الشروق
السبت 28 سبتمبر 2024 8:23 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الثورة المصرية ومطلب العدالة الاجتماعية

نشر فى : الإثنين 12 مارس 2012 - 9:05 ص | آخر تحديث : الإثنين 12 مارس 2012 - 9:05 ص

يتميز الطور الحالى للثورة المصرية ـ فيما يختص بمطلب العدالة الاجتماعية ـ بضغط القوى الثورية على مؤسسات الدولة فى غيبة القوى الاجتماعية صاحبة المصلحة فى التغيير الاجتماعى، التى تمارس احتجاجاتها على هامش الأحداث السياسية، بسبب حرمانها من فاعلية منظماتها الديمقراطية (النقابات والاتحادات المهنية والاتحاد التعاونى الزراعى)، بل وتتعرض للإدانة باعتبارها تمارس تعطيلا «لعجلة الإنتاج».

 

تدور الثورة المصرية حول إقامة مجتمع حر وديمقراطى، يحظى فيه المصريون بالعدالة الاجتماعية. ويتفق كثير من المحللين على غياب طريق تحقيق العدالة الاجتماعية عن المسار الحالى للثورة رغم تمسك قوى الثورة بمطالبها.

 

ويغيب عن الرؤى السياسية للأحزاب برنامج عملى لتحقيق ديمقراطية العدالة الاجتماعية. وفى رأينا أن العدالة الاجتماعية لا تقيمها أو تطور برامجها إلا القوى الاجتماعية التى ترغب فى تحقيقها، وهى ـ بلا شك ـ ليست جماعات المستثمرين، سواء كانوا مصريين أو عربا أو أجانب.

 

إن قوى المجتمع المنتجة والفاعلة والدافعة فى اتجاه تحقيق العدالة الاجتماعية تعبر عن نفسها فى إطار منظماتها من نقابات وتعاونيات واتحادات وجمعيات فيما يشكل أجهزة ديمقراطية (تشكل بالانتخاب) لها محتوى اقتصادى واجتماعى (مجال عملها). ولعله لا يغيب عن الملاحظة أن حل الاتحاد العام لنقابات العمال لم يتبعه انتخابات لتكوين مجلس جديد، وأنه قد جرى تأجيل انتخابات الاتحاد التعاونى، فى الوقت الذى تتكامل فيه بنية القوى الاجتماعية الأخرى التى تريد استمرار النظام السابق: فتعقد اتحادات الغرف التجارية والصناعية ورش العمل والمؤتمرات المشتركة طوال عام 2011 بالاشتراك مع اتحادات المستثمرين ورجال الأعمال، وتكون منتدى اقتصادى يزعم صياغة ميثاق اقتصادى «للثورة».

 

ويطالبون فى اجتماعات مستمرة مع وزراء الحكومات الانتقالية المتتابعة وأعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتبنيه كسياسة اقتصادية مصرية ينص عليها فى الدستور، ويمنع التخلى عنها لمدة عشرين عاما!

 

ونحن نرى أن القوى الاجتماعية الراغبة والمستفيدة من إنشاء مجتمع العدالة الاجتماعية هى المنوط بها هذا الواجب، وأن طريقها لتحقيقه هو صياغة سلطة العدالة الاجتماعية بجانب سلطة مؤسسات التمثيل النيابى، التى تتعامل مع الشعب كأفراد وكيانات جغرافية (مثل البرلمان والمجالس المحلية)، وليس ككيانات اجتماعية.

 

●●●

 

وتكمن إشكالية تنظيم سلطة العدالة الاجتماعية للثورة المصرية فى طورها الراهن فى:

 

أولا: إن تشكيلات المنظمات الجماهيرية الديمقراطية كالحركة النقابية والحركة التعاونية لا تعبر عن الواقع الراهن لجماهيرها: فتدور أعمال الإضرابات والاعتصامات فى غيبة فاعلية التنظيم النقابى، فتفقد كثيرا من تأثيرها، ولا يتناسب مردودها مع التضحيات المبذولة فيها. ويخوض الفلاحون معركة شرسة مع القطاعات الطفيلية التى تتحكم فى عمليات الزراعة باحتكار المستلزمات والتسويق ومع بنك التنمية والائتمان الزراعى فى ظروف الشلل السياسى وعجز تشكيلات جهاز التعاون الزراعى التى أفرغت من مهامها الرئيسية.

 

ثانيا: إن هناك نقصا واضحا فى بنى المنظمات الجماهيرية الديمقراطية من حيث تمثيل قوى اجتماعية أساسية تعانى من الظلم الاجتماعى وترغب فى تحقيق ديمقراطية العدالة الاجتماعية، مثل الشباب المتعطل عن العمل أو الذى يعمل فى أعمال الاقتصاد غير الرسمى، المحرومين من أى مظلات ضمان اجتماعى.

 

ويكمن الحل ـ فى نظرنا ـ فى تطوير برنامج للعدالة الاجتماعية تكون المنظمات الجماهيرية الديمقراطية داعية له ومدافعة عنه، بغرض وضعه فى جوهر إعادة البناء الديمقراطى:

 

1 ـ فعن طريق تحديد مهام العدالة الاجتماعية للحركة النقابية وتفعيلها عن طريق مؤتمر للمطالب الفئوية، يمكن استعادة بنيان الحركة النقابية وتطويره وتكامله ليشكل جناحا قويا لتنظيم العمل الجماهيرى.

 

2 ـ وعن طريق تحويل بنك التنمية والائتمان الزراعى إلى بنك تعاون زراعى يملكه اتحاد التعاون الزراعى (الممثل لكل الفلاحين المصريين)، يمكن لهذا الاتحاد أن ينشئ جمعيات جديدة لاستصلاح الأراضى، مما يمكن شباب الفلاحين من تملك الأراضى الجديدة القابلة للاستصلاح فى إطار منظم وفى ظل كيان كبير يدعم تحقيق التنمية الاقتصادية الأساسية وتحقيق العدالة الاجتماعية فى صورتها التى يرغب فيها الفلاحون، وهو الجناح الثانى لسلطة العدالة الاجتماعية.

 

3 ـ إن إنشاء الهيئة القومية للتشغيل: هيئة ممثلة لملايين المصريين القادرين والراغبين فى العمل، تدافع عنهم وعن حق العمل باعتباره حقا أصيلا مستقرا فى ضمير المصريين، وتكون ـ فى مراحلها الأولى ـ جهازا مسئولا عن شفافية ونزاهة التشغيل، أى القضاء على أبرز أشكال الفساد وهو الوساطة والمحسوبية، وفى مراحل تطورها المستقبلى تكون جهازا ممثلا لقوة العمل المتعطلة، تساهم بالتخطيط والمتابعة فى بناء اقتصاد مجتمع الديمقراطية الذى جوهره العدالة الاجتماعية.

 

●●●

 

لعل العمل الفكرى الذى يحتاجه تطوير برنامج العدالة الاجتماعية هو مهمة مباشرة لكل المهتمين بمسار تطور الثورة المصرية، ولعل تفاعل القوى الاجتماعية معه قد يؤدى إلى تغير نوعى فى ميزان القوى أمام قوى النظام الفاشل السابق وجهاز القمع الذى يدافع عن بقائه.

عمرو نويجي طبيب أسنان
التعليقات