دولة العدالة الاجتماعية فى مواجهة أعدائها - عمرو نويجي - بوابة الشروق
السبت 28 سبتمبر 2024 8:28 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

دولة العدالة الاجتماعية فى مواجهة أعدائها

نشر فى : الأربعاء 26 سبتمبر 2012 - 8:25 ص | آخر تحديث : الأربعاء 26 سبتمبر 2012 - 8:25 ص

 فى حديث مع الإعلامى «محمود سعد» أدلى المستشار «هشام جنينة» رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات الذى تولى منصبه الرفيع منذ عشرة أيام بمجموعة من التصريحات فائقة الأهمية، فإلى جانب أنها تكشف مقدار الجدية والعزم اللذين ينظر بهما الرجل لمهمته الشاقة، هى أيضا تلقى ضوءا كاشفا على بناء ومهام الدولة المصرية قد يكون مفيدا لصناع السياسة المصرية أن يتبعوا هديه، يمكننا تلخيص هذا الجانب من تصريحات رئيس الجهاز فى النقاط التالية :

 

●●●

 

1ــ أنه سيسعى لاستكمال استقلال الجهاز عن باقى أجهزة الدولة.

 

2ــ أنه سيسعى لإلغاء استثناء أى مؤسسة ذات طابع عام من رقابة جهاز المحاسبات حتى لو كانت أجهزة رقابية.

 

3ــ أنه سيفعل حق رئيس الجهاز فى استصدار قرار منح صفة الضبطية القضائية من وزير العدل لمن يسميهم من موظفى الجهاز، حال مباشرتهم واجبهم فى فحص الهيئات الأخرى للقضاء على الامتناع عن التعاون معهم.

 

4ــ أنه سينتهج منهاج الشفافية (أى سيكشف) فى كل ما تراكم فى خزائن الجهاز من تقارير رقابية سابقة، وخاصة تلك التى تجاهلتها مؤسسات الدولة مهما علت.

 

5ــ أنه لن يتهاون فى واجب إحالة أى تقرير تتكامل به أركان جنائية إلى النائب العام، مهما كانت المؤسسة المعنية، وحتى لو طالت أفراد من جهاز المحاسبات ذاته.

 

6ــ أنه سيسعى لاستكمال حلقات الرقابة المحاسبية مع أنواع الرقابة الأخرى لتحقيق «المتابعة»، وقد أشار بوضوح إلى ضرورة تحقق الجهاز من جدوى رقابته بهدف إحكام «حلقات الرقابة والمتابعة» وصولا لوقف استنزاف وإهدار المال العام، وأضاف أن وقف الاستنزاف سيوفر مليارات الجنيهات كفيلة باستغناء البلاد عن الاقتراض الخارجى.

 

7ــ وردا على سؤال مباشر من الأستاذ «محمود سعد» حول المراقبة المحاسبية على «جماعة الإخوان المسلمين» ووضعها القانونى الذى يلفه الغموض، أجاب المستشار بوجوب هذه الرقابة مهما كان وضع «الجماعة»، ومهما كانت صلتها بالسيد رئيس الجمهورية.

 

●●●

 

ورغم أن تصريحات رئيس جهاز المحاسبات تبدو لأى عاقل إقرارا للمنطق الصحيح، إلا أنها تكشف فى نفس الوقت آلية من آليات هدم وتخريب متعمد تبنته سياسات معادية لأجهزة الاقتصاد والمجتمع والدولة لإعاقتها عن ممارسة مهامها التى بناها الشعب لتقوم بها، فأجهزة إنتاج وتوزيع السلع والخدمات العامة باعتبارها مؤسسات تعمل فى إطار اجتماعى مهما كان شكل الملكية الذى تتخذه، تحتاج لرقابة المجتمع على أدائها بغرض تحسينه ودفعا لنوازع الفساد والإفساد.

 

والرقابة وحدها لا تعنى الكثير ما لم ترافقها المتابعة، ويعرف المهتمون ودارسو تجربة التنمية المستقلة المصرية أن عيوب الأداء المالى أساسا، وغل يد الرقابة والمتابعة وتغييب الشفافية عمدا كانت الخطوات الأولى التى انتهجها المنقلبون عليها، تمهيدا لحملات الدعاية ضدها، وترويجا لانتهاج سياسات مخالفة لضرورات بناها، وصولا لمحاولات تفكيك هذه البنى والتخلص منها بدءا من المؤسسات المصرية العامة (هياكل التخطيط والتمويل والتجارة والرقابة لشركات القطاع العام)، ومرورا بمؤسسة التسليف الزراعى التعاونى (ذراع التمويل للاتحاد التعاونى الزراعى المركزى) التى تكون رأسمالها من عمل الفلاح، وانتهاء بمحاولات الخصخصة اللصوصية للشركات العامة المصرية، وكلها تخفت تحت غطاء فشل الإدارة الاجتماعية، وحتمية اللجوء للإدارة الخاصة بدعوى كفاءة مزعومة تتضاعف إن كانت مدعومة بالملكية الخاصة.

 

 إن شجاعة ونزاهة القصد فى تصريحات الرئيس الجديد للجهاز المركزى للمحاسبات يجب أن تجد من الوطنيين المصريين الفهم قبل التأييد، فها هنا تجد السياسة العامة للعدالة الاجتماعية وسيلتها الفنية التى طال العدوان عليها، إذ بإعمال القواعد التى وردت فى تصريحات المستشار، وصياغتها فى قالب قانونى ودستورى، يمكن إعادة ضبط الأداء لجهاز العدالة الاجتماعية، فوسيلة «الرقابة والمتابعة» تقوم بمهمة «المصلحة الشخصية» فى الإطار الاجتماعى، إذ هى الوسيلة الفنية التى تمكن جهاز الديمقراطية الاجتماعية من قياس ورقابة وتصحيح تنفيذ «جهاز العدالة الاجتماعية فى إنتاج وتوزيع السلع والخدمات» لبرامج التخطيط القومى، وهو طريق حريتنا الوحيد لإنجاز مهام الثورة المصرية بنجاح، أى إنهاء أزمة الثورة.

 

●●●

 

وفى هذا المجال نتوجه للحركة الوطنية والتقدمية المصرية بالدعوة للمشاركة الواسعة فى مناقشة مشاريع تعديلات قانون الجهاز المركزى للمحاسبات التى تصوغها الآن لجنة خاصة شكلها الرئيس الجديد للجهاز، واضعين نصب أعيننا أنها تخص الوطن ومستقبل أبنائه، وأن هذه المشاركة هى ضرورة لمساعدة جهود المخلصين فى وجه قوى ذات مصلحة فى تخريب التنمية المستقلة، قوى لها من الحلفاء الخارجيين والداخليين ما يزين لها اقتراف أبشع الجرائم بحق المخلصين الشجعان من قامة ونزاهة المستشار «هشام جنينة» وزملائه فى جهاز المحاسبات القابضين على جمر الوطنية بشرف.

 

عمرو نويجي طبيب أسنان
التعليقات