لا تغتالوا أجود الجياد - وسام أبوبكر باسندوه - بوابة الشروق
الخميس 4 يوليه 2024 6:00 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لا تغتالوا أجود الجياد

نشر فى : السبت 26 مايو 2012 - 8:35 ص | آخر تحديث : السبت 26 مايو 2012 - 8:35 ص

كان مشهد الثوار اليمنيين فى الساحات مبشرا بكل خير وكان الاجتماع على قلب رجل واحد أهم ما فى هذا المشهد، اجتماعا حضاريا يعكس صورة المجتمع اليمنى بكل طوائفه وفئاته سقطت فيه الفروق الطبقية والاختلافات السياسية والتمييز الذكورى والعادات المقيتة.

 

كان الشباب صادقين برغبتهم فى التغيير حين خرجوا منذ البداية بشكل عفوى مستقل، وكانت المرأة اليمنية قائدة فى الساحات، كما كانت ناشطة على مواقع الإنترنت وضيفة على أهم القنوات الفضائية الإخبارية تدافع عن الثورة والثوار وتجابه رأس النظام.

 

ظهرت اليمنيات خلافا لما أرادوه شخصية فاعلة وقيادية ومؤثرة، لا مجرد مزهرية يزينون بها الاعتصامات أو ضمن مجموعة تُحشد لتملأ الساحات دون أن تستطيع أن تتبين اسمها أو هويتها، مع احترامنا لقرار كل شخصية واختيارها، لكن ليتهم يتعلمون عدم المصادرة على حرية الآخرين وخياراتهم أيضا.

 

●●●

 

إذن ما الذى تغير؟ لو قلنا إن التغيير حدث بعد التسوية السياسية فإن فى ذلك ظلما شديدا، التغيير بدأ مبكرا حين انتقلت الثورة من عفوية الشباب وحماستهم إلى ورقة ضغط فى يد جماعات حزبية وقبلية ودينية عملت على استغلال الثورة والشباب بحكم ما لها من نفوذ مادى وبشرى وتأثير واسع، ربما كانت المصلحة آنذاك قد اقتضت غض النظر حتى حين.

 

وحين جاء هذا الحين رأينا كيف سُنت السيوف وجندت الأقلام ووسائل الإعلام للنيل من رموز الثورة من الشباب والقياديين الذين لم يسيروا فى الركب وخالفوا الرأى وتمسكوا بقناعاتهم، وكانت المرأة قطعا هى الحلقة الأضعف والأسهل فى الذبح والتنكيل والقذف الشخصى، فهذه شنت عليها حملة شعواء تحت ذريعة خلع النقاب وأخرى تصيدت لها عبارة مجازية لتتهم بالكفر، وأخرى وصفت بأنها باعت دينها لأنها لا تضع غطاء على رأسها أو لأنها اقتربت من الدفاع عن حقوق طائفة من أبناء الوطن أيا كان الاتفاق أو الاختلاف فلا يمكن إنكار يمنيتهم، ولم يكن الشباب أحسن حالا فالاتهامات جاهزة بالتمرد والانفصال وتلقى التمويل الخارجى والعمالة لدول أجنبية.

 

هؤلاء الشباب الذين أدهشوا العالم ووقف لهم احتراما وكرموا فى العديد من المحافل الدولية، هؤلاء الشباب الذين تصدروا الصفوف فى المسيرات وفى محاولات الزحف والحسم الثورى وجابهوا الجوع والبرد والخوف فى مسيرات الكرامة، يتم اغتيالهم ببساطة وإزاحتهم من المشهد بنفس طريقة التشويه والتخوين والقذف بأبشع التهم والألفاظ تماما كما كان يفعل النظام السابق، وهذا أمر طبيعى طالما يصدر من شركائه السابقين الذين تقاسموا معه سلمه وحربه، ومع ذلك قبل بهم الشباب فى الساحات على اعتبار أنهم قد تطهروا من ماضيهم، لكن يبدو أنهم لم يعتادوا بعد العمل بأساليب جديدة فرضها واقع الثورة.

 

●●●

 

ما أصعب الاتهام بالكفر فى ديننا، وما أقسى شروط الاتهام بخيانة الوطن، لكنها فى عرفهم الأسهل. الأصل أن تعمل الأغلبية على التجميع لا التفريق، والتقارب لا الإقصاء، والحوار لا التكفير، والاعتراف باختلاف الآراء وتقبلها لا فرض الهيمنة والسيطرة هذا هو اليمن الجديد الذى حلمنا وآمنا به.

 

كلنا هذه الجياد النقية الصفوة من شباب وشابات الوطن الذين عبروا عن أحلامنا وتطلعاتنا وجابهوا ولا يزالون نيابة عنا ولن نقبل الإساءة لهم، ولننتظر جميعا حظنا من القذف والتشويه والتكفير ممن يعدون أنفسهم مفوضين للحديث باسم الإله والوطن. 

وسام أبوبكر باسندوه باحثة واكاديمية يمنية
التعليقات