صوت الجنوب اليمنى من القاهرة.. نسيم الربيع العربى وإنعاش القضية الجنوبية - وسام أبوبكر باسندوه - بوابة الشروق
الخميس 4 يوليه 2024 6:00 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

صوت الجنوب اليمنى من القاهرة.. نسيم الربيع العربى وإنعاش القضية الجنوبية

نشر فى : الإثنين 28 نوفمبر 2011 - 9:40 ص | آخر تحديث : الإثنين 28 نوفمبر 2011 - 9:40 ص

استضافت القاهرة وعلى مدى ثلاثة أيام المؤتمر الجنوبى الأول، الذى نظمه فصيل كبير من أبناء دولة اليمن الجنوبى سابقا، تحت شعار «معا من أجل حق تقرير المصير لشعب الجنوب»، اللقاء يُعد الأضخم للقيادات الجنوبية منذ صيف 1994، فقد تجاوز عدد الحضور الـ600 ما بين قيادات سياسية وناشطى الحراك الجنوبى السلمى من الشباب على الأرض وفى ساحات المواجهة، بخلاف اللقاء التشاورى الأول الذى عقد فى شهر مايو المنصرم حيث لم يتجاوز عدد الحضور 222 شخصا. تميز المؤتمر بالتمثيل الواسع للمرأة، التى كان لها حضور مميز وفاعل على مستوى رئاسة المؤتمر واللجان المنبثقة عنه.

 

هذا الزخم لم يقتصر على عدد الحضور ونوعيتهم فقط، بل على فاعليتهم ومشاركتهم فى الجلسات، فلم يكونوا مجرد شهود زور أو صخور صماء تبصم على الوثائق المعدة سلفا، بل كان لهم مطلق الحرية فيعرض تحفظاتهم وإبداء وجهات نظرهم، وكانوا قادرين بحق على التغيير فى التوجه العام للمؤتمر، كما ساهموا فى إعادة صياغة الوثائق وتفسيرها بشكل مختلف.

 

ورغم أن الحراك الجنوبى بدأ منذ أكثر من أربع سنوات، فإن مختلف اللقاءات التى عقدت للتباحث فى القضية كانت عادة ما تعقد فى الدول الغربية وبحضور محدود، بينما نشطت القيادات الجنوبية ومنذ مطلع العام فى التجهيز للعديد من اللقاءات وكانت دائما القاهرة هى المقر الحاضن لمعظم هذه الأنشطة، ربما يكون هذا مرتبطا إلى حد كبير بتطورات الربيع العربى، وتبدل القيادات التقليدية التى لم تكن لتسمح بمثل هذه الاجتماعات، التى ترى فيها تهديدا لنظام صديق.

هذه اللقاءات فى معظمها بما فيها اللقاء التشاورى الأول أو المؤتمر الأخير حظيت بتسهيلات مريحة وأجواء مؤمنة من قبل الدولة المضيفة، هذا لا يعنى بالضرورة دعمها للقضية، لكن على الأقل سمحت بهامش أكبر للحرية والحركة.

 

●●●

 

هدف المؤتمر إلى تشكيل مرجعية متفق عليها لقيادة المرحلة تكون قادرة على التواصل مع المجتمع العربى والدولى لتمثيل القضية الجنوبية وشرح وجهة نظر الشعب الجنوبى ومعاناته، وإعطاء الضمانات والتطمينات اللازمة للقوى العربية والدولية التى لديها مخاوف حقيقية من عودة عقارب الساعة للوراء، الأمر الذى من شأنه التأثير على مصالحها أو تهديد أمنها، وبناء عليه تم الاتفاق على تشكيل مجلس تنسيق أعلى للجنوب، يتكون من 301 عضو، يوزع العدد محاصصة بين مختلف محافظات دولة الجنوب بحدود ما قبل الوحدة، ويكون المجلس بمثابة مرجعية سياسية وطنية جامعة، بالإضافة إلى تشكيل هيئة تنفيذية مكونة من 33 عضوا تمثل الجهاز التنفيذى الأعلى، يُنتخب أعضاؤها من قبل مجلس التنسيق، مع الحرص على أن يكون الجهاز التنفيذى ممثلا لجميع أبناء الشعب الجنوبى فى الداخل والخارج، وقد اعتبر جنوبيو الخارج بمثابة محافظة إضافية منحت لهم حصة تمثيلية مماثلة للمحافظات الأخرى، وبذلك يتشكل كيان رسمى جامع ممثل للقضية يمكنه التحدث باسمها.

 

أظهرت الخلافات التى سبقت انعقاد المؤتمر، كما لو أن هناك صفقة للملمة القضية وانشقاقا واضحا فى الصف الجنوبى بين المطالبين بفك الارتباط فورا والعودة إلى الدولة الجنوبية التى كانت قائمة قبل 1990 كاملة من جهة، وبين القيادات الداعية للمؤتمر والمشاركة فيه ممن يقبلون بفكرة الفيدرالية من جهة أخرى، لكن الحقيقة أن خطوط التلاقى والتقارب بين الفصيلين أقرب وأكثر من نقاط الخلاف التى جرى ويجرى تضخيمها حتى من قبل المعنيين أنفسهم سواء بقصد أو دون قصد.

 

نقطة جوهرية تجمع الفصيلين وهى أنه لا مجال للعودة أو القبول بالوحدة الاندماجية بأى حال من الأحوال، فإذا كان الصقور يرون أن فك الارتباط هو الخيار الوحيد الذى لا بديل ولا حياد عنه، وما عدا ذلك خيانة للقضية ولدماء الشهداء، فإن التيار الآخر لا ينكر هذا الحق على الدوام، وإنما يخضعه لرؤية وإرادة الشعب الجنوبى دون مصادرة رغباته أو صياغة الحلول النهائية له، ورؤية هذا التيار تتلخص بإقامة حكم فيدرالى بين شمال اليمن وجنوبه لمدة لا تزيد على خمس سنوات، على أن يكون هذا الخيار هدفا مرحليا تمليه حقائق ومعطيات المرحلة التاريخية الراهنة، يتجه بعدها الشعب الجنوبى لاستفتاء تقرير مصير تكون كل الخيارات فيه مطروحة دون مصادرة أو مزايدة على أحد، على أن يقُصر الاستفتاء على سكان المناطق الجنوبية قبل إعلان الوحدة فى 22 مايو 1990، ولا يشمل من سكنوا الجنوب بعد هذا التاريخ. بل إن نقاشات الحضور داخل القاعات، ممن يُحسبون على الاتجاه الفيدرالى تكاد تجمع على اعتبار الفيدرالية هدفا مرحليا مقيدا، الأمر الذى أدى إلى تغيير واضح فى الرؤية الاستراتيجية للمؤتمر للأخذ بمبدأ الفيدرالية المشروطة المقيدة بزمن، بخلاف ما كانت عليه الرؤية السابقة فى اللقاء التشاورى الأول من اعتماد الفيدرالية المفتوحة.

وسام أبوبكر باسندوه باحثة واكاديمية يمنية
التعليقات