نبيل نعوم يكتب: نحن والغجر - بوابة الشروق
الثلاثاء 2 يوليه 2024 9:46 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نبيل نعوم يكتب: نحن والغجر


نشر في: الجمعة 28 يونيو 2024 - 6:38 م | آخر تحديث: الجمعة 28 يونيو 2024 - 6:38 م

فى الفيلم التسجيلى الطويل لاتشو دروم «طريق السلامة» 1993، يتتبع المخرج تونى جاتليف الفرنسى من أصول رومانية والمولود فى الجزائر رحلة الغجر الجيبسى Gipsy من الهند وعبر مصر وتركيا والمجر وسلوفانيا وفرنسا حتى إسبانيا. ويرجع الكثير كلمة جيبسى إلى كلمة إيجيبسيان. وخصص جاتليف العديد من أفلامه الروائية التى فازت بالكثير من الجوائز العالمية فى تتبع حياة هؤلاء الرُحل الذين يفضلون الحرية وعدم التقيد بمكان واحد حتى وإن جاءتهم الفرصة للاستقرار، وكيف تحاربهم وتضطهدهم الحكومات المختلفة بالكثير من البلدان باعتبارهم عالة على المجتمع، ويُتهمون كثيرا بالعنف والسرقة والقيام بالأعمال الهامشية. ومن المعروف أن الغجر كانوا من ضمن الأجناس التى أمر النظام النازى بالتخلص منهم. ومن أفلام جاتليف التى تدور حوادثها حول الغجر وحياتهم بصعابها ومباهجها بالموسيقى والرقص والغناء:

فيلم الأمراء 1983 بطولة جيرار دارمون، ويحكى عن مجموعة من الغجر حاولت الإقامة والاستقرار فى ضواحى باريس وكيف حاولوا دون جدوى تحدى سلطات الشرطة والبلدية التى كانت تسعى لطردهم وتهجيرهم.
فيلم جاتشو ديلو (الغريب المجنون) 1997 بطولة روميان دوريس ورونا هارتنر، وفيه يسافر شاب فرنسى إلى رومانيا بحثا عن مغنية أحب والده المتوفى الاستماع إليها كثيرا. خلال البحث يتعرف على حياة الغجر ويقع فى حب واحدة منهم والتى فى النهاية يفوق حبها أهمية المغنية التى كان يبحث عنها. فى هذا الفيلم حازت الممثلة الألمانية الرومانية الرائعة رونا هارتنر على العديد من الجوائز.
فيلم منفيون 2004 بطولة روميان دوريس ولبنى أزابال. حيث يقرر بطلاه وهما شاب وفتاة من أصول جزائرية ويعيشان بفرنسا فى حياة هامشية صعبة، الذهاب إلى بلد أجدادهما ومحاولة البحث عن التذكارات والأحداث الماضية التى طالما كان يتحدث عنها عائلتهما.
تنقسم شعوب الغجر أو شعب الرّوما بشكل أساسى إلى الرومن فى أوروبا، والنوار والكاولية والدومر فى الشرق الأوسط. يتكلم بعضهم لغة مشتركة قد تكون من أصل هندى، وبعضهم لهم ثقافة وتقاليد متشابهة، وحتى أواخر القرن العشرين ظلت شعوب الغجر تعيش حياة التنقل والترحال. وللغجر أسماء مختلفة باختلاف اللغات والأماكن التى يتواجدون فيها، وهم من بين الشعوب التى تعرضت للاضطهاد من قبل الحكم النازى. وحددت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى فى عام ١٩٩٢ اليوم العالمى للغجر فى الثامن من أبريل من كل عام، وذلك للتذكير بمعاناة الغجر حول العالم، وما يواجهون من تمييز واضطهاد، إلى جانب التعريف بثقافتهم والاحتفاء بها.
وتعتبر بعض الشعوب الغجر من البرابرة لتنقلهم وترحالهم. والبرابرة اسم لاتينى ويعنى الهمج، وقد أطلق الرومان هذا الاسم على كل الأجانب ومنهم الأمازيج، وذلك فى غزواتهم لبلدان حوض البحر الأبيض المتوسط. بالطبع هنالك الكثير من الفروق الشاسعة بين الاثنين ويجمعهما أساسا الرغبة فى الحياة الحرة.
والآن ومع تزايد الاتجاهات اليمينية المتطرفة حول العالم كما فى أوروبا نجد أن أحد أسباب نجاح وانتشار الأحزاب الممثلة لهذه الاتجاهات، هو اتفاقهم على الصمود ضد الهجرة، بل فى بعض البلاد بالتطهير العرقى أو بالإبادة الجماعية والتفرقة العنصرية.
وفى فيلم Code Unknown «شفرة مجهولة» 2000، يتعرض المخرج النمساوى الشهير مايكل هانيكى لما يصيب العالم من انفصام وتفكك ولا مبالاة وعدم اكتراث مما يؤدى فى النهاية إلى حكومات رجعية وفاشية تتحكم فى المجتمعات نتيجة أنانية الفرد وعدم احترام الآخر بسبب دونية مستواه الاجتماعى، أو الاختلاف الجنسى، أو اللونى، أو الدينى، أو الفكرى. أو كأن يدعى البعض أنهم أصحاب الحق المطلق والحقيقة الواحدة. فى هذا الفيلم، وفى أجزاء متفرقة تبدو وكأنها غير متصلة، ولكنها كلها تلقى الضوء على التفرقة العنصرية والتخلف الاقتصادى والاجتماعى للأقليات، وأيضا مشاكل الغجر الذين يأتون فى الغالب من رومانيا للشحاتة فى شوارع المدن الأوروبية الثرية، وعن مدى احتقارهم ووصفهم دائما بالسرقة والقذارة. هانيكى لا يعطى حلولا لأفلامه الفنية، لا من ناحية الموضوع أو السياق الفنى، ولكنه كجراح ماهر يُشرِّح المجتمع وفى النهاية يترك للمتفرج أن يفهم ما يريد، أو أن يرى ما يحاول أن يغمض عينيه عنه. فهذا المتفرج، هو نفسه غالبا أحد أفراد هذه المجتمعات التى تضطهد الغجر، والتى قد تكون مجتمعات أكثر غجرية من الغجر؟
أما عن مصر فيكتب الدكتور خالد أبو الليل فى مقال هام بتاريخ الأحد 22 نوفمبر سنة 2015 فى جريدة اليوم السابع بعنوان «فضائل الغجر على أهل مصر»:
«سنترك كل هذا قليلا الآن (أسماء ومهن الغجر)؛ لنؤكد أهمية الدور الذى لعبه الغجر فى المحافظة على الموروثات الشعبية المصرية، والتى يأتى على رأسها «السيرة الهلالية»، والأغانى الشعبية «الصوتية»، والرقص «الغوازى»، بكل ما تضفيه أداءاتهم من بهجة ومتعة على الحياة الاجتماعية المصرية. فلقد ارتبطت السيرة الهلالية فى روايتها ــ على نحو غنائى مصحوب بفرقة موسيقية ــ بالغجر، ولولا الغجر لضاعت هذه السيرة الهلالية كما ضاع غيرها من تراث مصر الفنى، ولفقدت مصر جزءا مهما من هويتها الثقافية. فالغجر قد تخصصوا فى رواية السيرة الهلالية على نحو احترافى، واعتبروها «لقمة عيش»، أو مصدر رزق لهم، يعيشون عليه».
ومن الأفلام المصرية المتصلة بالغجر، فيلم تمر حنة 1957 بطولة نعيمة عاكف ورشدى أباظة وفايزة أحمد ومن إخراج حسين فوزى، حيث تدور أحداث الفيلم حول الترحال فى الموالد، ويبين الفيلم برغم حياة الفتاة الغجرية المعتمدة على الرزق اليومى إلا أنها تتميز بالقيم والمبادئ. وفى الفيلم تغنى فايزة أحمد الأغنية الشهيرة «يا تمر حنة» من كلمات جليل البندارى وألحان محمد الموجى والتى من كلماتها:
يا تمر حنة. يا تمر حنة. خليتى بينا وبعدتى عنا
الورد كله كسا الجناين واشمعنى انتى اللى شاردة منا.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك