حصار صنعاء واستدعاء ذكرى حصار السبعين - وسام أبوبكر باسندوه - بوابة الشروق
السبت 6 يوليه 2024 8:09 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حصار صنعاء واستدعاء ذكرى حصار السبعين

نشر فى : الأربعاء 7 سبتمبر 2011 - 1:15 م | آخر تحديث : الأربعاء 7 سبتمبر 2011 - 1:15 م

نجح النظام اليمنى فى تقطيع أواصر الجمهورية وإغراق كل محافظة بشاغل، ففى أبين حرب طاحنة بكل أنواع الأسلحة التى لم تعد تعترف بوجود مدنيين ولا مناطق سكنية، وفى أرحب لا يختلف الوضع كثيرا، ففى كل يوم يسقط مئات القتلى والجرحى ولا إحصاء حقيقى لأعداد الضحايا فى غياب أى مراقبين أو مطلعين على ما يحدث هناك، أما فى تعز فمواجهات يومية بالأسلحة المتوسطة والثقيلة بين القبائل الموالية للثورة وقوات الحرس العائلى المعروفة بقوات الحرس الجمهورى. وفى صعدة يدور قتال متقطع ولا أحد يعرف من يقاتل من هناك، هذا جزء من أبرز ما يشغل المحافظات، وهناك المزيد، الأهم أن كل هذا يدور فى ظل ظلام دامس، ليس ظلام التكتيم والقمع فحسب، بل ظلام حقيقى بانقطاع للكهرباء بدأ متقطعا قبل أن يتحول إلى واقع يومى اعتيادى فى البلاد، التى عاد بها النظام إلى عصر الكهوف.

 

ثم بعد كل ذلك ها هو النظام يتجه إلى عزل ومحاصرة العاصمة صنعاء بعد انتهاء أيام العيد مباشرة، تخوفا من إعلان الثوار التصعيد السلمى باتجاه الحسم، بل بلغ بهم الأمر إلى منع المواطنين من الدخول إلى العاصمة دون تمييز بين رجال ونساء، وما بين شباب أو كبار السن، بل شمل المنع المرضى والسلع والبضائع، فلم يعد مسموحا بدخول العاصمة سوى لقوات الحرس العائلى، والبلاطجة الذين ذروهم فى العاصمة كالغبار للحيلولة دون أى توجه للحسم الثورى. وبات الوضع أشبه بحال إخوتنا الفلسطينيين على المعابر اليهودية، من حيث سوء المعاملة التى يلاقونها هناك.

 

فى حين فات النظام كما يبدو عدة أمور، الأول: أن ساحة اعتصام الثوار فى العاصمة صنعاء المعروفة بساحة التغيير هى الأكبر على مستوى الجمهورية، كما أن المدد الذى كان يصل من المحافظات كان مقصورا على بلاطجة النظام ومدفوعى الأجر الذين كان يحشدهم النظام من جميع المحافظات فى المظاهرات المؤيدة له، فى حين استقلت كل محافظة بثوارها، وكان ثوار العاصمة صنعاء من سكانها وبلغ عددهم الملايين دون مدد من الخارج.

 

الأمر الثانى: أن النظام الليبى عمل على عزل العاصمة طرابلس عن باقى مدن ليبيا منذ البدء ولأكثر من ستة أشهر ومع ذلك حين حانت الفرصة كانت انتفاضتها من الداخل، فما بالك بالعاصمة صنعاء التى كانت من أوائل المدن التى انتفضت وثارت منذ البداية ولن يستطيع أن يعزلها أحد، وثوارها الأشاوس لن يقبلوا بذلك مطلقا.

 

أخيرا بالعودة إلى التاريخ نجد أن قوات الإمامة لم تنجح عبر حصار العاصمة صنعاء لأكثر من سبعين يوما فى قمع الثورة اليمنية الأولى بل على العكس، كانت هذه المرحلة فعالة فى حسم الأمر لصالح الثورة، لذا نقولها يقينا حانت ساعة الحسم الثورى، صحيح أن الثوار أضاعوا فرصا لا يمكن تجاهلها، كان من الممكن أن تحسم الأمر بأقل الخسائر، لكن مصمصة الشفاه والتندم على ما فات، لم يعد يجدى، انتشار البلاطجة بهذا الشكل واستنفار قوات الحرس العائلى فى جميع المحافظات يعنى يقينا أنهم متعطشون للدماء، التى يعلمون جيدا كم هى غالية على الثوار ويسعون لتجنبها، لكنها بالتأكيد ليست أغلى من الأرواح التى أزهقت وتزهق كل يوم، وقبل كل ذلك ليست أغلى من حرية واستقلال اليمن.

 

وسام أبوبكر باسندوه باحثة واكاديمية يمنية
التعليقات